إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله

حديث: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله

عن المغيرة بن شعبة يقول: انكسفَتِ الشمس يوم مات إبراهيم، فقال الناس: انكسفَتْ لموت إبراهيم، فقال رسول الله ﷺ: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموها فادعوا الله، وصلوا حتى ينجلي».

متفق عليه: رواه البخاري في الكسوف (١٠٦٠) وفي الأدب (٦١٩٩) مختصرًا، ومسلم في الكسوف (٩١٥) كلاهما من طريق زائدة قال: حدثنا زياد بن علاقة، قال: سمعتُ المغيرة بن شعبة فذكر الحديث واللفظ للبخاري.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً بك أيها السائل الكريم، وأشكرك حرصك على فهم سنة نبيك ﷺ. هذا الحديث العظيم له موقف عظيم ودروس عظيمة، وسأشرحه لك على النحو التالي، مستنداً إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة مثل النووي وابن حجر والعيني وغيرهم.
### أولاً. نص الحديث ومصدره
الحديث رواه الإمام البخاري (1044) ومسلم (915) في صحيحيهما، عن الصحابي الجليل المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.

ثانياً. شرح المفردات:

* انكسفَتِ الشمس: أي حُجِبَ ضوءها كلياً أو جزئياً، وهي ما نسميه اليوم "كسوف الشمس".
* إبراهيم: هو إبراهيم بن رسول الله ﷺ من مارية القبطية رضي الله عنها، وقد توفي وهو رضيع.
* آيتان من آيات الله: علامتان عظيمتان ودالتان على قدرة الله تعالى وعظمته.
* لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته: ليس كسوفهما مرتبطاً بموت أو ميلاد شخص، مهما عظم شأنه.
* فادعوا الله: أكثروا من الدعاء والابتهال إلى الله تعالى.
* صلوا: أي أقيموا صلاة الكسوف، وهي سنة مؤكدة.
* حتى ينجلي: حتى ينكشف الكسوف ويعود الضوء كما كان.

ثالثاً. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبرنا المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن كسوفاً للشمس حدث في اليوم الذي توفي فيه إبراهيم ابن النبي ﷺ. فربط بعض الناس بين الحدثين، وقالوا: "انكسفت الشمس لموت إبراهيم"، ظناً منهم أن هذا حدث كوني عظيم يُعبر عن حزن الكون على فقده. فما كان من النبي ﷺ إلا أن صحح هذا المفهوم الخاطئ بأبلغ بيان، مؤكداً أن الشمس والقمر مخلوقان عظيمان من مخلوقات الله، يسيران بأمره، ولا يجوز أن نربط ظواهرهما الطبيعية بموت أو حياة أي إنسان. ثم وجههم إلى التصرف الصحيح عند رؤية الكسوف، وهو الإكثار من دعاء الله تعالى وذكره، وأداء صلاة الكسوف حتى ينتهي هذا المشهد.

رابعاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- تصحيح العقيدة ونبذ الخرافات: الدرس الأهم هو تصحيح المعتقدات الخاطئة. كان الاعتقاد السائد في الجاهلية ربط الكسوف بالأحداث الأرضية، فجاء الإسلام ليطهر العقول من هذه الخرافات ويؤصل الإيمان بأن كل شيء بقدر الله وحكمته.
2- عظمة النبي ﷺ وصدقه: في موقف الحزن الشخصي على وفاة ابنه، انشغل ﷺ بتعليم أمته وتصحيح معتقداتهم. لم يستغل الحدثين لرفع مكانة ابنه، بل نزه الخالق وأرجع الأمر إليه سبحانه، وهذا من كمال نبوته وصدقه.
3- الحكمة من خلق الآيات الكونية: الكسوفات والزلازل وغيرها من الظواهر هي "آيات" تذكر بعظمة الخالق وقدرته، وتخوِّف العباد لتذكيرهم بالآخرة وتحفيزهم على الرجوع إلى الله والتوبة إليه.
4- السنة العملية عند الكسوف: بين النبي ﷺ المنهج العملي للمسلم عند رؤية الكسوف، وهو:
* التذكر والتفكر: في عظمة الله وقدرته.
* الدعاء والاستغفار: والإكثار من الذكر.
* الصلاة: صلاة الكسوف (وهي ركعتان بإطالة في القيام والركوع والسجود).
* الصدقة: وردت أحاديث أخرى تحث على الصدقة عند الكسوف.
* تحرّي أوقات الإجابة: حيث إن الدعاء أثناء الخوف والرعب من هذه الآيات مجاب.
5- الرد على من يغلو في الأشخاص: الحديث رد قاطع على كل من يربط الظواهر الكونية بموت أو مولد أشخاص، مهما بلغوا من المكانة، كبعض الطوائف التي قد تفعل ذلك.

خامساً:

معلومات إضافية مفيدة:
* حكمة وقوع الكسوف ذلك اليوم: ذكر العلماء أن وقوع الكسوف في يوم وفاة إبراهيم كان من تقدير الله لحكمة عظيمة، وهي أن يجمع للناس بين الحدثين ليتعلموا هذا الدرس العقدي الكبير على يد النبي ﷺ مباشرة.
* الفرق بين "الكسوف" و "الخسوف": يطلق "الكسوف" على الشمس و"الخسوف" على القمر، ولكن الحديث استعمل لفظ "انكسفت" للشمس، وهو الاستعمال الغالب.
أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الفقه في دينه، والاتباع لسنة نبيه ﷺ. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الكسوف (١٠٦٠) وفي الأدب (٦١٩٩) مختصرًا، ومسلم في الكسوف (٩١٥) كلاهما من طريق زائدة قال: حدثنا زياد بن علاقة، قال: سمعتُ المغيرة بن شعبة فذكر الحديث واللفظ للبخاري.
ورواه أيضًا (١٠٤٣) من وجه آخر عن زياد بن عِلاقة بإسناده مثله.
ولم يذكر مسلم فقال الناس: انكسفتُ لموت إبراهيم«
قال الأعظمي: ذكر أكثر أهل السيرة أن موت إبراهيم بن محمد رسول الله ﷺ كان في السنة العاشرة من الهجرة، وقيل قبل ذلك. والنبي ﷺ شهد موته وذرفتْ عيناه.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1186 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله

📜 حديث: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية