حديث: استسقى لنا رسول الله ﷺ وأطال الدعاء وأكثر المسألة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في تحويل الرّداء للإمام والمأمومين وصفته

عن عبد الله بن زيد بن عاصم -وكان أحد رَهْطه- وكان عبد الله بن زيد من أصحاب النبيّ ﷺ قد شهد معه أُحُدًا، قال: قد رأيتُ رسول الله ﷺ حين استسقي لنا أطال الدّعاء، وأكثر المسألة، قال: ثم تحوَّل إلى القبلة، وحوّل رداءه فقلبه ظهرًا لبطن، وتحوّل النّاس معه.

حسن: رواه الإمام أحمد (١٦٤٦٥) عن يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن عباد بن تميم الأنصاري، ثم المازني، عن عبد الله بن زيد بن عاصم، فذكره.

عن عبد الله بن زيد بن عاصم -وكان أحد رَهْطه- وكان عبد الله بن زيد من أصحاب النبيّ ﷺ قد شهد معه أُحُدًا، قال: قد رأيتُ رسول الله ﷺ حين استسقي لنا أطال الدّعاء، وأكثر المسألة، قال: ثم تحوَّل إلى القبلة، وحوّل رداءه فقلبه ظهرًا لبطن، وتحوّل النّاس معه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً وسهلاً بك أيها السائل الكريم، وأشكرك على حرصك على فهم سنة نبينا محمد ﷺ. هذا الحديث الذي ذكر حديث عظيم، فيه درس بليغ في أدب الدعاء والاستسقاء، وسأشرحه لك شرحاً وافياً إن شاء الله، معتمداً على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
### أولاً. ترجمة الراوي ومكانة الحديث
الراوي هو الصحابي الجليل عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري رضي الله عنه، وهو من كبار الصحابة الذين شهدوا بيعة العقبة وغزوة بدر وأحد، وهو نفسه صاحب رؤية آذان الصلاة في المنام والتي أقرها النبي ﷺ. قوله "وكان أحد رَهْطه" أي من قبيلته وأنصاره. وهذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، مما يجعله حديثاً صحيحاً ثابتاً.

### ثانياً. شرح مفردات الحديث
* حين استسقى لنا: حين طلب من الله تعالى أن يسقيهم الغيث (المطر) بسبب الجدب والقحط.
* أطال الدّعاء: أكثر من الدعاء ومدّ فيه.
* أكثر المسألة: كرر الطلب والمسألة من الله تعالى بتضرع وإلحاح.
* ثم تحوَّل إلى القبلة: توجه بوجهه وجسده نحو الكعبة (قبلة المسلمين).
* وحوّل رداءه: قلب رداءه (ثوبه أو عباءته).
* فظهرًا لبطن: جعل الجزء الذي كان على الظهر على البطن، والجزء الذي كان على البطن على الظهر.
* وتحوّل النّاس معه: فعل الصحابة رضي الله عنهم مثل فعله ﷺ، فقلبوا أرديتهم متأسين به.

### ثالثاً. المعنى الإجمالي للحديث
يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن زيد رضي الله عنه عن هدي النبي ﷺ في صلاة الاستسقاء (صلاة طلب المطر). فحين قام النبي ﷺ يدعو الله لإنزال المطر على المسلمين، لم يكن دعاؤه عادياً، بل كان مليئاً بالخشوع والإلحاح؛ فأطال في الدعاء وكرر الطلب من ربه. ثم قام بثلاثة أفعال ذات دلالة عظيمة:
1- التوجه إلى القبلة: وهو مكان استجابة الدعاء.
2- قلب ردائه: وهو فعل حسي يعبر عن الرغبة في قلب الحال من الجدب إلى الخصب، ومن القحط إلى الغيث.
3- أن الناس فعلوا مثله: مما يدل على أن هذا الفعل كان سنة يعلمها لهم.
فالحديث يصور لنا مشهداً نبويًا مهيباً، يجتمع فيه الإمام والأمة، متوجهين إلى الله بقلوبهم وأبدانهم، متضرعين طالبين رحمته وغيثه.

### رابعاً. الدروس المستفادة والفَوائد العِلمية
1- مشروعية صلاة الاستسقاء: وهي سنة مؤكدة عن النبي ﷺ عند حاجة الناس إلى المطر.
2- الإلحاح في الدعاء: من أدب الدعاء الإكثار منه وتطويله في المواطن التي يحتاج فيها العبد إلى ربه، كالاستسقاء، مما يدل على شدة الحاجة والاضطرار إلى الله.
3- استقبال القبلة أثناء الدعاء: الاستقبال للقبلة من آداب الدعاء المستحبة، خاصة في المناسبات العامة كالاستسقاء، لأنها جهة العبادة والمناجاة.
4- قلب الرداء سنة في الاستسقاء: ذهب جمهور العلماء (المالكية والشافعية والحنابلة) إلى أن قلب الرداء في صلاة الاستسقاء سنة. وهو فعل симвولي له حكمتان:
* حكمة ظاهرة: الإشارة إلى قلب الحال من الشدة إلى الرخاء، ومن العسرة إلى اليسر.
* حكمة باطنة: كأن الإنسان يقلب نفسه ويتوب إلى ربه، طالباً منه أن يقلب حاله إلى الأحسن.
5- اقتداء الأمة بإمامها: على المسلمين الاقتداء بإمامهم في أفعال العبادات التي يفعلها على المنبر أو في المصلى، ما دامت سنة ثابتة.
6- التضرع والانكسار بين يدي الله: المشهد كله يدل على الخضوع الكامل لله تعالى والاعتراف بقدرته وحده على دفع الضر وجلب الخير.


خامساً:

معلومات إضافية مفيدة
* حكم قلب الرداء: هو سنة عند الجمهور كما ذكرنا، وليس شرطاً لصحة صلاة الاستسقاء. ويسن للإمام والمأمومين فعله.
* كيفية القلب: يكون بأن يجعل الإنسان ما على يمينه على شماله، وما على شماله على يمينه، أو أن يقلب رداءه بالكلية فيجعل الجانب الداخلي خارجياً والعكس. والأمر في هذا واسع.
* لماذا خص الرداء بالقلب؟: لأن الرداء كان أشهر لباس لهم، ففعلوا ما هو ممكن ومعتاد للتعبير عن معنى قلب الحالة، ولو أن أحداً ليس عليه رداء فلا شيء عليه.
أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الفقه في دينه، والاتباع لسنة نبيه ﷺ.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (١٦٤٦٥) عن يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن عباد بن تميم الأنصاري، ثم المازني، عن عبد الله بن زيد بن عاصم، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، فإنه حسن الحديث إذا صرَّح.
وعبد الله بن زيد بن عاصم هو ابن كعب الأنصاريّ المازني -مازن الأنصار- الخزرجي الصحابي المشهور، روي صفة وضوء النبيّ ﷺ وغيره.
وهو عمّ عبد الله بن تميم بن غزية الأنصاري، وعبد الله بن زيد بن عاصم هو أخو أبيه لأمه.
وهو غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري الخزرجي فإنهما اتفقا في الاسم، واسم الأب والنسبة إلى الأنصار، ثم إلى الخزرج، وافترقا في اسم الجدّ والبطن الذي من الخزرج.
وفي الحديث دليل للجمهور بأن المأمومين يحولون رداءهم إذا حوّل الإمام رداءه. وبه قال مالك والشافعي وأحمد كما سبق.
واستثني ابن الماجشون النساء، فقال: لا يستحب في حقهنّ.
وقال الليث وأبو يوسف: يحول الإمام وحده. انظر: «الفتح» (٢/ ٤٩٨).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1180 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: استسقى لنا رسول الله ﷺ وأطال الدعاء وأكثر المسألة

  • 📜 حديث: استسقى لنا رسول الله ﷺ وأطال الدعاء وأكثر المسألة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: استسقى لنا رسول الله ﷺ وأطال الدعاء وأكثر المسألة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: استسقى لنا رسول الله ﷺ وأطال الدعاء وأكثر المسألة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: استسقى لنا رسول الله ﷺ وأطال الدعاء وأكثر المسألة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب