استسقى النبي ﷺ فصلى ركعتين وقلب رداءه

حديث: استسقى النبي ﷺ فصلى ركعتين وقلب رداءه

عن عَبَّاد بن تميم، عن عمِّه قال: خرج النبي ﷺ إلى المصلي يستسقي، واستقبل القبلة، فصلى ركعتين، وقَلَبَ رداءه.
قال سفيان: فأخبرني المسعودي، عن أبي بكر قال: جعل اليمين على الشمال.

متفق عليه: رواه البخاري في الاستسقاء (١٠٢٧)، ومسلم في الاستسقاء (٨٩٤/ ٢) كلاهما من طريق سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، سمع عباد بن تميم عن عمه فذكره واللفظ للبخاري.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر حديث صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تبين هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء، أي طلب السقيا من الله تعالى عند الجدب وقلة المطر.
دعنا نشرحه جزءاً جزءاً بإذن الله، معتمدين على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:

* يستسقي: يطلب السقيا، أي يطلب من الله تعالى أن ينزل المطر.
* المصلى: الموضع أو المكان المفتوح (المُعَدُّ) الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيه صلاة العيدين والاستسقاء، وكان خارج المدينة.
* استقبل القبلة: وجَّه وجهه ونفسه نحو الكعبة المشرفة.
* قَلَبَ رداءه: أي حوَّل رداءه وحوله، فجعل ما كان على اليمين على الشمال، وما كان على الشمال على اليمين.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبرنا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى (مكان صلاة العيد) ليدعو الله وليصلي صلاة الاستسقاء طلباً لنزول المطر بسبب الجفاف الذي أصاب الناس. فقام صلى الله عليه وسلم، واستقبل القبلة (الكعبة) إظهاراً للذل والانكسار بين يدي الله، ثم صلى ركعتين (هي صلاة الاستسقاء)، وبعد انتهائه من الصلاة والدعاء، قلب رداءه، أي غيَّر هيئته وحوَّل طرفي ردائه من مكانهما.
وفي رواية أبي بكر التي أشار إليها سفيان (وهو الإمام سفيان الثوري): "جعل اليمين على الشمال"، أي أنه جعل الطرف الأيمن من ردائه على كتفه الأيسر، والطرف الأيسر على كتفه الأيمن، معاكساً للهيئة المعتادة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:

1- مشروعية صلاة الاستسقاء: الحديث أصل من أصول مشروعية صلاة الاستسقاء عند حاجة المسلمين للمطر، وهي سنة مؤكدة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بها.
2- كيفية صلاة الاستسقاء: تكون صلاتها كصلاة العيد؛ ركعتان، يجهر فيهما الإمام بالقراءة، يكبر في الأولى سبع تكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمس تكبيرات غير تكبيرة القيام.
3- الخروج إلى المصلى: من السنة الخروج إلى المصلى (مكان واسع مفتوح) لأداء هذه الصلاة، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، ليشهد الجميع الدعاء ويحضروا المناسبة.
4- استقبال القبلة أثناء الدعاء: هذا من آداب الدعاء، واستقبال القبلة من أسباب إجابة الدعاء، وهو إظهار للخضوع والتذلل لله تعالى.
5- قلب الرداء وحكمته: هذا الفعل من النبي صلى الله عليه وسلم هو سنة من سنن الاستسقاء. وذكر العلماء عدة حِكَم له:
* رمز للتغيير والتحول: كأنه إشارة حسية إلى الرجاء في تغيير الحال من الجدب إلى الخصب، ومن الشدة إلى الرخاء.
* دليل على الاضطرار والانكسار: كما يقلب الإنسان حاله عند الشدة ويغير هيئته، فكأنه يقول: يا رب، قد غيرنا حالنا فارحمنا وغير حالنا إلى الأفضل.
* إظهار التواضع والذل لله: وترك الهيئة المعتادة التي تكون في حال الرخاء.
6- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتفِ بالدعاء فقط، بل خرج وصلى وقلب رداءه، كل هذا من الأسباب التي شرعها الله، ليعلمنا أن نأخذ بالأسباب مع صدق التوكل على مسبب الأسباب.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

* يستحب في صلاة الاستسقاء أن يخطب الإمام بعد الصلاة خطبة واحدة (على الأصح)، يحث فيها الناس على التوبة والاستغفار والإقلاع عن الذنوب، لأن الذنوب سبب لحبس القطر، ويأمرهم بالصدقة والإحسان.
* من الأدعية المشهورة في الاستسقاء: "اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً نافعاً غير ضار، عاجلاً غير آجل".
* هذا الفعل (قلب الرداء) خاص بالإمام، وليس على عامة المصلين فعله، وإنما هو سنة للإمام فقط على الصحيح.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفهم في دينه، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الاستسقاء (١٠٢٧)، ومسلم في الاستسقاء (٨٩٤/ ٢) كلاهما من طريق سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، سمع عباد بن تميم عن عمه فذكره واللفظ للبخاري.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1179 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: استسقى النبي ﷺ فصلى ركعتين وقلب رداءه

📜 حديث: استسقى النبي ﷺ فصلى ركعتين وقلب رداءه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: استسقى النبي ﷺ فصلى ركعتين وقلب رداءه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: استسقى النبي ﷺ فصلى ركعتين وقلب رداءه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: استسقى النبي ﷺ فصلى ركعتين وقلب رداءه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية