حديث: صلاة الاستسقاء: خرج رسول الله متواضعًا متضرعًا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب التواضع والتبذل والتخشع والتضرُّع عند الخروج إلى الاستسقاء

عن إسحاق بن عبد الله بن كنانة قال: أرسلني الوليد بن عتبة (وهو: ابن أبي سفيان بن حرب وكان أمير المدينة لعمِّه معاوية) إلى ابن عباس أسأله عن صلاة رسول الله ﷺ في الاستسقاء. فقال: خرج رسول الله ﷺ مُتبذِّلًا متواضعًا متضرِّعًا، حتى أتي المصلَّي، فرقي المنبر، فلم يخطب خُطَبَكم هذه، ولكن لم يزلْ في الدّعاء والتضرع والتكبير، وصَلَّى ركعتين كما يُصلِّي في العيد.

حسن: رواه أبو داود (١١٦٥)، والترمذي (٥٥٨)، والنسائي (١٥٠٨)، وابن ماجة (١٢٦٦) كلهم من طريق هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كِنانة، عن أبيه فذكره.

عن إسحاق بن عبد الله بن كنانة قال: أرسلني الوليد بن عتبة (وهو: ابن أبي سفيان بن حرب وكان أمير المدينة لعمِّه معاوية) إلى ابن عباس أسأله عن صلاة رسول الله ﷺ في الاستسقاء. فقال: خرج رسول الله ﷺ مُتبذِّلًا متواضعًا متضرِّعًا، حتى أتي المصلَّي، فرقي المنبر، فلم يخطب خُطَبَكم هذه، ولكن لم يزلْ في الدّعاء والتضرع والتكبير، وصَلَّى ركعتين كما يُصلِّي في العيد.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، وبعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبيه ﷺ. هذا حديثٌ عظيمٌ يصف لنا هدي النبي ﷺ في صلاة الاستسقاء، وهي الصلاة التي تُقام لطلب السقيا من الله تعالى عند الجدب وقلة المطر.

أولاً. شرح المفردات:


● مُتَبَذِّلًا: أي لابساً ثياباً غير ثياب الزينة، بل ثياباً متواضعة، كاشفاً رأسه أحياناً، تعبيراً عن الخشوع والذلّة بين يدي الله تعالى.
● مُتَوَاضِعًا: خاشعاً متذلّلاً، منكسر القلب، خاضعاً لله تعالى.
● مُتَضَرِّعًا: مُلِحّاً في الدعاء، راغباً إلى الله، راجياً إجابة دعائه.
● المُصَلَّى: المكان المفتوح خارج البلد الذي كان النبي ﷺ يخرج إليه ليصلي صلاة العيد والاستسقاء.
● رَقِيَ المِنْبَرَ: صعد على المنبر.
● لَمْ يَخْطُبْ خُطَبَكُمْ هَذِهِ: أي أن خطبته ﷺ في الاستسقاء لم تكن طويلة ومحفوظة ومُعَدَّة كخطب الجمعة والعيدين، بل كانت مليئة بالدعاء والابتهال.
● لَمْ يَزَلْ فِي الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالتَّكْبِيرِ: استمرّ في الدعاء والابتهال إلى الله وذكر التكبير (قول: الله أكبر).
● صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي العِيدِ: أي أن صلاة الاستسقاء ركعتان، يُكبّر فيهما كما في صلاة العيد؛ فيُكبّر في الأولى سبع تكبيرات سوى تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرة القيام.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا الحديث أن رسول الله ﷺ، عندما خرج ليصلي صلاة الاستسقاء، خرج بصفة المتواضع الذليل الخاشع لربه، متجرداً من مظاهر الزينة والكبر، حتى وصل إلى المصلى (الموضع الذي كان يصلي فيه العيد). فصعد على المنبر، لكن خطبته لم تكن كالخطب المعتادة الطويلة، بل كانت مليئة بالدعاء والابتهال والتضرع إلى الله تعالى وذكر التكبير. ثم صلى بالناس ركعتين، على هيئة صلاة العيد في عدد التكبيرات الزوائد.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- التواضع والذلّة بين يدي الله: خروج النبي ﷺ "مُتَبَذِّلًا مُتَوَاضِعًا" يعلّمنا أن القلب الخاشع والخاضع لله هو روح العبادة، خاصة في أوقات الشدة والاحتياج.
2- الإلحاح في الدعاء والتضرع: حال النبي ﷺ في خطبته يبيّن أن الدعاء هو جوهر صلاة الاستسقاء، فهو مناجاة لله وطلبٌ لعطائه ورحمته.
3- مشروعية صلاة الاستسقاء: الحديث دليل على مشروعية هذه الصلاة، وأنها سنة مؤكدة عن رسول الله ﷺ عند حاجة الناس إلى المطر.
4- كيفية صلاة الاستسقاء: هي ركعتان تصلىان جماعة، على هيئة صلاة العيد في عدد التكبيرات، ويخطب الإمام بعدهما خطبةً centered حول الدعاء والاستغفار.
5- الخروج إلى المصلى: السنة أن تُقام صلاة الاستسقاء في المصلى (العراء) وليس في المسجد، اقتداءً بالنبي ﷺ.
6- استحباب التكبير: الإكثار من التكبير في هذه الصلاة، وهو من ذكر الله الذي ترجى به الإجابة.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● حكمة التبذل والتواضع: إنما كان النبي ﷺ يخرج على هذه الهيئة ليكون أبلغ في إظهار الافتقار إلى الله، وأبعد عن الكبر والاستغناء، فالفقر والذل هو حال العبد بين يدي ربه.
● الفرق بين خطبة الاستسقاء وغيرها: خطبة الاستسقاء يركز فيها الإمام على الإكثار من الاستغفار وقراءة الآيات التي فيها طلب الغيث والدعاء، بخلاف خطبة الجمعة التي تكون وعظاً وإرشاداً.
● استقبال القبلة وتحويل الرداء: من السنن الثابتة في الاستسقاء أن يستقبل الإمام القبلة ويدعو، ويحول رداءه (يبدل طرفيه) أثناء الدعاء،象征ياً للتحول من حال الجدب إلى حال الخير والغيث.
نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يغيثنا وأمتنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً نافعاً غير ضار.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١١٦٥)، والترمذي (٥٥٨)، والنسائي (١٥٠٨)، وابن ماجة (١٢٦٦) كلهم من طريق هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كِنانة، عن أبيه فذكره. وزاد ابن ماجه: «متخشِّعًا مترسَّلًا».
وإسناده حسن لأجل هشام بن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة قال فيه أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج له في صحيحه.
قال الترمذي: «حسن صحيح».
وأخرجه أيضًا ابن خزيمة (١٤٠٥، ١٤٠٨)، وابن حبان (٢٨٦٢)، والحاكم (١/ ٣٢٦)، والإمام أحمد (٢٠٣٩) كلهم من هذا الوجه، نحوه.
قال الحاكم: «هذا حديث رواته مصريون ومدنيون، ولا أعلم أحدا منهم منسوبًا إلى نوع من الجرح».
قال الأعظمي: وهو كما قال.
و«التبذل»: ترك التزين على جهة التواضع.
قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح، وهو قول الشافعي، قال: يُصلَّي صلاة الاستسقاء نحو صلاة العيدين، يكبّر في الركعة الأولى سبعًا، وفي الثانية خمْسًا، واحتج بحديث ابن عباس.
ورُوي عن مالك بن أنس أنه قال: لا يكبِّر في صلاة الاستسقاء كما يكبر في صلاة العيدين، وقال النعمان أبو حنيفة: لا تُصلَّي صلاةُ الاستسقاء، ولا آمرهم بتحويل الرداء، ولكن يدّعُون ويرجِعُون بجملتهم». انتهى.
وأمَّا ما رُوي عن ابن عباس من التصريح بأن النبي ﷺ استسقي فصلَّي ركعتين وقرأ فيهما، وكبَّر في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات فهو ضعيف جدًّا، رواه البزار (كشف
الأستار) (٦٥٩)، وفيه محمد بن عبد العزيز بن محمد بن عمر الزهري القرشي قال فيه البخاري والنسائي: «منكر الحديث». وترجمه ابن عدي في الكامل.
صفة صلاة الاستسقاء وأنها تكون بلا أذان ولا إقامة
لم يختلف الجمهور القائلون بمشروعية الاستسقاء أنَّها تُصلَّي كصلاة العيد: ركعتان بلا أذان ولا إقامة، وأنَّها تُبدأُ بالصلاة قبل الخطبة كما ثبت ذلك في أحاديث كثيرة، وسيأتي بعضٌ منها؛ لأن هذه الأحاديث ذُكرتْ متفرقة في الأبواب المختلفة.
وأمَّا ما رُوي عن أبي هريرة قال: خرج نبي الله ﷺ يومًا يستسقِي، فصلَّي بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة ثمَّ خطبنا، ودعا الله عز وجل، وحوَّل وجْهَه نحو القبلة رافعًا يديه، ثم قلَب رداءه، فجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن. فهو ضعيف، رواه الإمام أحمد (٨٣٢٧) عن وهب بن جرير، ثنا أبي، قال: سمعتُ النعمان يحدث عن الزهري، عن حُميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة فذكره واختصره ابن خزيمة.
والحديث أخرجه أيضًا ابن ماجة (١٢٦٨)، وابن خزيمة (١٤٠٩)، والبيهقي (٣/ ٣٤٧) كلهم من طريق وهب بن جرير به مثله.
قال البيهقي: «تفرد به النعمان بن راشد عن الزهري» وهذا مُشعر بتضعيفه وقال في الخلافيات: «رواته ثقات».
قال الأعظمي: في قوله: «رواته ثقات» فيه نظر، فإنَّ النعمان وهو: أبن راشد الجزري أبو إسحاق الرقي ضعَّفه أكثر الأئمة، قال يحيى بن سعيد: ضعيف جدًا. وقال أحمد: مضطرب الحديث، روي أحاديث مناكير، وقال أبو داود: ضعيف، وقال النسائي: ضعيف كثير الغلط، وقال في موضع آخر: أحاديثه مقلوبة.
وأما ابن معين فرُوي عنه: ضعيف، ورُوي عنه: ثقة، وأكثر تلاميذه نقلوا عنه تضعيفه.
ورواه ابن خزيمة في موضع آخر مفصلًا (١٤٢٢) ولفظه: أن النبي ﷺ خرج يومًا يستسقي، فصلي بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة، قال: ثم خطبنا، ودعا الله، وحوَّلَ وجهه نحو القبلة رافعًا يديه، ثم قلب رداءه فجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن. ثم قال ابن خزيمة: «في القلب من النعمان بن راشد، فإنَّ في حديثه عن الزهري تخليطًا كثيرًا، فإن ثبت هذا الخبر ففيه دِلالة على أنَّ النبي ﷺ خطب ودعا وقلب رداءه مرتين» مرة قبل الصلاة، ومرة بعدها».
قال الأعظمي: أما قوله: «خطب ودعا وقلَب رداءه مرتين» فهو غير واضح من نص الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1161 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: صلاة الاستسقاء: خرج رسول الله متواضعًا متضرعًا

  • 📜 حديث: صلاة الاستسقاء: خرج رسول الله متواضعًا متضرعًا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: صلاة الاستسقاء: خرج رسول الله متواضعًا متضرعًا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: صلاة الاستسقاء: خرج رسول الله متواضعًا متضرعًا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: صلاة الاستسقاء: خرج رسول الله متواضعًا متضرعًا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب