أمر النبي ﷺ بالعتاقة في كسوف الشمس

حديث: أمر النبي ﷺ بالعتاقة في كسوف الشمس

عن أسماء بنت أبي بكر قالت: أمر النبي ﷺ بالعتاقة في كسوف الشمس.

صحيح: رواه البخاري في الكسوف (١٠٥٤) وفي العتق (٢٥١٩) من طريق زائدة بن قدامة، عن هشام، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن أسماء بنت أبي بكر قالت: أمر النبي ﷺ بالعتاقة في كسوف الشمس.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي تفضلت بطلبه هو جزء من حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وهو في الصحيحين. ولفظه الكامل كما في صحيح البخاري (1050):
> عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: أُمِرْنَا بِالْعِتْقِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ.

1. شرح المفردات:

* أُمِرْنَا: أي أمرنا رسول الله ﷺ. والخطاب يعم الصحابة رضي الله عنهم.
* بِالْعِتْقِ: العتق هو تحرير الرقاب، أي freeing slaves. وهو من أعظم القربات إلى الله تعالى.
* كُسُوفِ الشَّمْسِ: الكسوف هو ذهاب ضوء الشمس أو بعضه نهارًا بسبب مرور القمر بينها وبين الأرض. والخسوف هو ذهاب ضوء القمر ليلاً. وكان الناس في الجاهلية يربطون هذه الظواهر بأحداث الأرض كموت عظيم أو ولادته، فجاء الإسلام ليبين حقيقتها ويوجه المسلمين للتعامل الصحيح معها.

2. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبرنا هذا الحديث أن النبي ﷺ شرع لأمته عند حدوث كسوف الشمس أن يبادروا إلى فعل الخيرات والصدقات، ومن أبرزها وأعظمها عتق الرقاب (تحرير العبيد) طلبًا لرحمة الله ودفعًا لغضبه.
وهذا الأمر لا يعني وجوب العتق، بل هو من باب الاستحباب والحث على الإكثار من أعمال البر والتقرب إلى الله في هذا الوقت. وذلك لأن الكسوف آية من آيات الله يُخوِّف الله بها عباده ليذكروه ويدعوه ويستغفروه، فشرع لهم ما يقربهم إليه.

3. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- كسوف الشمس آية تخويفية: يخوف الله بها عباده ليُرجعوا إليه، وليس كما كان يعتقده أهل الجاهلية أنه due to موت شخص أو ولادته. ففي الصحيحين عن النبي ﷺ: (إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَصَلُّوا).
2- الحكمة من الأمر بالعتاق والصدقة: الإسراع إلى التوبة والاستغفار، وكسب الأجر العظيم، ودفع البلاء، وإغاثة الملهوفين، والتخفيف عن المستضعفين. فالعبد يتذكر قدرة الله وعظمته، فيرحم من هو تحت يده من المخلوقات.
3- سنة النبي ﷺ في الكسوف: لم يقتصر الأمر على العتق فقط، بل جاءت السنّة النبوية بجملة من الأفعال يُستحب للمسلم أن يفعلها عند الكسوف، وهي:
* الصلاة: (صلاة الكسوف) وهي سنة مؤكدة، يصليها المسلمون جماعة في المسجد.
* الدعاء والاستغفار والذكر والتكبير: والإكثار من ذلك.
* التصدق: والعتق هو أعلى درجات الصدقة.
4- مرونة التشريع الإسلامي: إذا تعذر على المسلم عتق رقبة (لعدم وجود عبيد أو عدم القدرة المالية)، فإنه يتحول إلى ما يقوم مقامها من أعمال البر، كالصدقة على الفقراء والمساكين، أو إطعام الطعام، أو أي قربة أخرى تقربه إلى الله تعالى.
5- عظمة الإسلام واهتمامه بالإنسان: ففي وقت الخوف والرهبة من آية الله، يأمر بالرحمة والعتق، مما يدل على أن religion الإسلام دين رحمة وعدل وإحسان.

4. معلومات إضافية مفيدة:

* حكم عتق الرقاب اليوم: أصبحت مسألة الرق نادرة جدًا في عالمنا اليوم، لذا ينصرف معنى الحديث إلى الإكثار من أعمال البر والصدقات على وجه العموم، كالتبرع للجمعيات الخيرية، وإطعام الجائع، وكفالة اليتيم، وسداد دين المدين، وغيرها من أبواب الخير التي فيها إعتاق للنفس من حاجة أو ذل.
* الفرق بين الكسوف والخسوف: يطلق على ذهاب ضوء الشمس "كسوف"، وعلى ذهاب ضوء القمر "خسوف"، لكن الأحكام الشرعية (من صلاة ودعاء وصدقة) واحدة فيهما.
* الحديث يدل على أن الأصل في العبادة التوقيف: أي أننا لا نعبد الله إلا بما شرعه لنا على لسان نبيه ﷺ. فالنبي ﷺ هو الذي أمر بهذا الفعل في هذا الوقت، فنحن نتبعه فيه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الكسوف (١٠٥٤) وفي العتق (٢٥١٩) من طريق زائدة بن قدامة، عن هشام، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء فذكرته.
هكذا رواه زائدة، عن هشام، وتابعه عَثَّام بن علي العامري، أخرجه البخاري في العتق (٢٥٢٠) وأشار البخاري إلى متابعة الدراوردي لهما عن هشام، وروى غيرهم قصة كسوف الشمس بالتفصيل إلا أنهم لم يذكروا فيه العتاقة، فالظاهر أن زائدة ومن تابعه لم يختصروه من التفصيل،
وإنما سمعوا من هشام هكذا، أو هذا الجزء وحده فهو حديث جديد ومستقل.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1206 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أمر النبي ﷺ بالعتاقة في كسوف الشمس

📜 حديث: أمر النبي ﷺ بالعتاقة في كسوف الشمس

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أمر النبي ﷺ بالعتاقة في كسوف الشمس

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أمر النبي ﷺ بالعتاقة في كسوف الشمس

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أمر النبي ﷺ بالعتاقة في كسوف الشمس

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية