كيف تسألون أهل الكتاب عن كتبهم

حديث: كيف تسألون أهل الكتاب عن كتبهم

أخرج البخاريّ بإسنادين موقوفين: أحدهما بإسناده عن عكرمة، عن ابن عباس قال: «كيف تسألون أهلَ الكتاب عن كتبهم، وعندكم كتاب اللَّه أقربُ الكتب عهدًا باللَّه، تقرأونه محضًا لم يُشب». أخرجه في كتاب التوحيد (٧٥٢٢).
وقوله: «لم يُشَبْ«بضم أوّله، وفتح الشين المعجمة، وسكون الموحّدة - أي لم يخالطه غيره.
والثاني: بإسناده عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، أنّ عبد اللَّه بن عباس، قال: «يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء، وكتابكم الذي أنزل اللَّه على نبيكم أحدثُ الأخبار باللَّه محضًا لم يُشب. وقد حدَّثكم اللَّه أن أهل الكتاب قد بدّلوا من كتب اللَّه وغيّروا، فكتبوا بأيديهم قالوا: هو من عند اللَّه ليشتروا بذلك ثمنًا قليلًا، أو لا ينهاكم ما جاء من العلم عن مسألتهم، فلا واللَّه ما رأينا
رجلًا منهم يسألكم عن الذي أنزل عليكم».

صحيح: أخرجه البخاري في الشّهادات (٢٦٨٥)، وفي الاعتصام (٧٣٦٣)، وفي التوحيد (٧٥٢٣).

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الأثر الموقوف عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، الذي أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه":

أولاً. شرح المفردات:

● كيف تسألون أهلَ الكتاب: استفهام إنكاري تعجبي، يفيد النهي عن سؤال اليهود والنصارى عن أمور دينهم.
● وعندكم كتاب اللَّه: أي القرآن الكريم.
● أقربُ الكتب عهدًا باللَّه: أي أحدث الكتب المنزلة من الله تعالى، فهو الأكثر حفظًا من التحريف.
● مُحضًا: خالصًا صافيًا لم يختلط به باطل.
● لم يُشب: بضم الياء وفتح الشين وسكون الباء، أي لم يختلط به كذب أو تحريف.
● بدّلوا من كتب اللَّه وغيّروا: أي حرفوا الكلم عن مواضعه، ولبسوا الحق بالباطل.
● ليشتروا بذلك ثمنًا قليلًا: أي لأجل gain الدنيا الحقيرة ولو كان قليلاً.
● ما جاء من العلم: أي القرآن الكريم والعلم الذي أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

ثانيًا. المعنى الإجمالي:

ينكر ابن عباس رضي الله عنهما على المسلمين سؤالهم لأهل الكتاب (اليهود والنصارى) عن تفاصيل أخبار الأمم السابقة أو أحكام شرائعهم، مع أنهم يمتلكون القرآن الكريم الذي أنزله الله على نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أحدث الكتب السماوية وأكثرها حفظًا من التحريف والتبديل، لم يعتريه ما اعترى الكتب السابقة من التغيير والتبديل. ويذكرهم بأن الله قد أخبرهم في القرآن أن أهل الكتاب قد حرفوا كتبهم وكتبوا بأيديهم ثم نسبوا ذلك إلى الله لأجل gain الدنيا. ثم يعجب من حالهم حيث إن أهل الكتاب لا يسألون المسلمين عما أنزل عليهم، لعلمهم بصفاء عقيدتهم ووضوح دينهم.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- النهي عن سؤال أهل الكتاب: يحذر هذا الأثر من سؤال اليهود والنصارى عن تفاصيل دينهم وأخبارهم، خاصة فيما يتعلق بالغيبيات وأخبار الأمم السابقة، لأن كتبهم محرفة ومشوبة بالكذب والتحريف.
2- الاكتفاء بالقرآن والسنة: يجب على المسلم أن يكتفي بما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهما المصدران الموثوقان اللذان لم يعتريهما تحريف.
3- عصمة القرآن من التحريف: يثبت الأثر أن القرآن الكريم محفوظ من عند الله، لم يختلط بباطل أو تحريف، بخلاف الكتب السابقة التي حرفت وبدلت.
4- بيان حال أهل الكتاب: يبين الأثر أن من أساليب أهل الكتاب في التحريف أنهم يكتبون بأيديهم ثم ينسبون ذلك إلى الله تعالى لأجل gain الدنيا والمال.
5- الحث على الاعتزاز بالدين: يشير إلى أن المسلمين يجب أن يعتزوا بدينهم ويقتنعوا بما عندهم من الحق، ولا يلتفتوا إلى ما عند الآخرين من الباطل المحرف.
6- أن أهل الكتاب يعترفون بفضل الأمة الإسلامية: قوله: "فلا واللَّه ما رأينا رجلًا منهم يسألكم عن الذي أنزل عليكم" يدل على أن أهل الكتاب يعلمون أن ما عند المسلمين هو الحق، ولذلك لا يسألونهم عنه.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الأثر وإن كان موقوفًا على ابن عباس، إلا أنه يحمل حكم الرفع، لأنه لا يقال من قبل الرأي، فهو في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
- جاءت أحاديث أخرى تؤكد هذا المعنى، منها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن أهل الكتاب كانوا يقرؤون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالله وما أنزل إلينا..." رواه البخاري.
- يستثنى من هذا النهي سؤالهم لأجل الحاجة أو للرد عليهم وإبطال باطلهم، إذا كان السائل من أهل العلم الذي يميز بين الحق والباطل.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

أخرجه البخاري في الشّهادات (٢٦٨٥)، وفي الاعتصام (٧٣٦٣)، وفي التوحيد (٧٥٢٣).
وكذلك جاء عن كعب الأحبار منسوبًا إلى اللَّه سبحانه وتعالى: «عليكم بالقرآن فإنّه أحدث الكتب عهدًا بالرّحمن».
وفي رواية أخرى عنه: «إن اللَّه قال في التوراة: يا موسى، إنّي أنزل عليك توراة حديثة، أفتح بها أعينًا عميًا، وآذانا صُمًّا، وقلوبًا غلفًا».
رواه ابن أبي حاتم بسند حسن، كما قال الحافظ في: الفتح (١٣/ ٤٩٩).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 626 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كيف تسألون أهل الكتاب عن كتبهم

📜 حديث: كيف تسألون أهل الكتاب عن كتبهم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كيف تسألون أهل الكتاب عن كتبهم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كيف تسألون أهل الكتاب عن كتبهم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كيف تسألون أهل الكتاب عن كتبهم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية