أول ما نزل من القرآن يا أيها المدثر

حديث: أول ما نزل من القرآن يا أيها المدثر

عن يحيى بن أبي كثير، قال: سألتُ أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أوّل ما نزل من القرآن قال: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾. قلت: يقولون ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾؟ فقال أبو سلمة: سألتُ جابر بن عبد اللَّه عن ذلك، وقلتُ له مثل الذي قلتَ. فقال جابر: لا أحدِّثُك إلّا ما حدّثنا رسول اللَّه ﷺ قال: «جاورتُ بحراء، فلما قضيتُ جواري هبطت فنوديتُ، فنظرتُ عن يميني فلم أرَ شيئًا، ونظرتُ عن شمالي فلم أرَ شيئًا، ونظرتُ أمامي فلم أرَ شيئًا، ونظرتُ خلفي فلم أرَ شيئًا، فرفعتُ رأسي فرأيتُ شيئًا، فأتيتُ خديجة فقلتُ: دثِّروني، وصبوا عليَّ ماءًا باردًا. قال: فدثّروني وصبّوا عليَّ ماءًا باردًا. قال: فنزلت: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ﴾ [سورة المدثر: ١ - ٣]».

متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٩٢٢)، ومسلم في الإيمان (١٦١) كلاهما من حديث عبد اللَّه بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، بإسناده، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
شرح الحديث:
هذا الحديث رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو يتناول مسألة مهمة تتعلق بأول ما نزل من القرآن الكريم.
أولاً: شرح المفردات:
● جاورتُ بحراء: أي اعتكفتُ واختللتُ للعبادة في غار حراء.
● قضيتُ جواري: أي أنهى مدة اعتكافه.
● هبطتُ: نزلتُ من الغار.
● نوديتُ: سمعت منادياً يناديني.
● دثِّروني: غطوني بثياب أو لباس (الدِّثار هو ما يُتغطى به).
● صبوا عليَّ ماءاً بارداً: صبّوا الماء البارد عليَّ لأهدأ من روعي.
ثانياً: المعنى الإجمالي للحديث:
يدور الحديث حول سؤال عن أول ما نزل من القرآن، حيث كان هناك خلاف بين الصحابة في هذه المسألة. فبعضهم كان يظن أن أول ما نزل هو قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، ولكن جابر بن عبد الله رضي الله عنه يروي لنا ما سمعه مباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم ليصحح هذا الفهم.
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن تجربته الأولى مع الوحي بعد انتهاء فترة اعتكافه في غار حراء، حيث سمع منادياً يناديه، والتفت في جميع الجهات فلم ير أحداً، ثم نظر إلى السماء فإذا بالملك (جبريل عليه السلام). أصاب النبي صلى الله عليه وسلم خوف شديد من هذه الحادثة العظيمة، فعاد إلى زوجته خديجة رضي الله عنها طالباً أن يُغطى ويُصب عليه ماء بارد ليهدأ من روعه. في هذا الموقف نزلت عليه سورة المدثر التي تبدأ بأمره بالإنذار والتكبير.
ثالثاً: الدروس المستفادة والفَوائد:
1- أولية نزول سورة المدثر بعد سورة العلق: الحديث يوضح أن أول ما نزل من القرآن هو سورة العلق (اقرأ)، ولكن بعد فترة انقطاع الوحي (فترة الوحي)، كان أول ما نزل بعد ذلك هو سورة المدثر، وهذا ما يفسر الالتباس عند بعض الصحابة.
2- صدق النبي صلى الله عليه وسلم وأمانته في التبليغ: النبي صلى الله عليه وسلم يروي الحادثة بتفاصيلها الدقيقة، مما يدل على صدقه وحرصه على تبليغ الوحي كما حدث.
3- بشريَّة النبي صلى الله عليه وسلم: reaction النبي صلى الله عليه وسلم بالخوف والاضطراب عند رؤية الملك لأول مرة يدل على بشريته، وأن ما جاء به هو وحي من الله وليس من اختلاقه.
4- دور خديجة رضي الله عنها في تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم: نرى كيف كانت خديجة رضي الله عنها ملجأ للنبي صلى الله عليه وسلم وسنداً له في لحظات الضيق.
5- بداية مرحلة الجهر بالدعوة: نزول الأمر {قُمْ فَأَنْذِرْ} marks بداية مرحلة جديدة في الدعوة، وهي مرحلة الإنذار والجهر بالدعوة.
رابعاً: معلومات إضافية:
- هذا الحديث هو جزء من قصة بداية الوحي، والتي يجب دراستها كاملة لفهم التسلسل الزمني للأحداث.
- الأكثر شهرة عند العلماء أن أول ما نزل هو سورة العلق، ثم توقف الوحي، ثم نزلت سورة المدثر، فكانت أول سورة نزلت بعد انقطاع الوحي، وهذا ما سبب الالتباس.
- سورة المدثر تحوي أوامر عظيمة منها: الأمر بالإنذار، والتسبيح، والصبر على أذى المشركين.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الفهم في الدين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٩٢٢)، ومسلم في الإيمان (١٦١) كلاهما من حديث عبد اللَّه بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، بإسناده، فذكره.
قال الواحدي: «وليس هذا بمخالف لما ذكرناه أولًا؛ وذلك أنّ جابرًا سمع من النبيّ ﷺ هذه القصة الأخيرة، ولم يسمع أوّلها، فتوهّم أنّ المدثر أوّلُ ما نزل، وليس كذلك، ولكنها أول ما نزل عليه بعد سورة ﴿اقْرَأْ﴾».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 629 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أول ما نزل من القرآن يا أيها المدثر

📜 حديث: أول ما نزل من القرآن يا أيها المدثر

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أول ما نزل من القرآن يا أيها المدثر

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أول ما نزل من القرآن يا أيها المدثر

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أول ما نزل من القرآن يا أيها المدثر

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية