حديث: أسرف رجل على نفسه فلما حضره الموت أوصى بنيه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في قصة رجل أوصى أهله بإحراقه بعد موته

عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «أسرف رجل على نفسه، فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال: إذا أنا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم ذروني في الريح في البحر، فوالله لئن قدر عليّ ربي ليعذّبني عذابًا ما عذّبه به أحدًا، قال: ففعلوا ذلك به، فقال للأرض. أدّي ما أخذت، فإذا هو قائم، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: خشيتك يا رب، أو قال: مخافتك فغفر له بذلك».

متفق عليه: رواه البخاري في أحادث الأنبياء (٣٤٨١) ومسلم في كتاب التوبة (٢٧٥٦ - ٢٥) كلاهما من طريق معمر قال: قال لي الزهري: ألا أحدثك بحديثين عجيبين؟ قال الزهري: أخبرني حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة .

عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «أسرف رجل على نفسه، فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال: إذا أنا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم ذروني في الريح في البحر، فوالله لئن قدر عليّ ربي ليعذّبني عذابًا ما عذّبه به أحدًا، قال: ففعلوا ذلك به، فقال للأرض. أدّي ما أخذت، فإذا هو قائم، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: خشيتك يا رب، أو قال: مخافتك فغفر له بذلك».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث الرجاء والمغفرة، رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وإليك شرحه وافياً على النحو التالي:

1. شرح المفردات:


● أسرف رجل على نفسه: أي أتى بالمعاصي والذنوب بكثرة وتجاوز الحد في العصيان.
● أوصى بنيه: أوصى أولاده.
● أحرقوني: اجعلوني رماداً بالنار.
● اسحقوني: اطحنوني حتى أصبح كالدقيق الناعم.
● ذروني في الريح: انثروني في الهواء.
● لئن قدر علي ربي: إذا تمكن مني ربي وأمسكني.
● أدي ما أخذت: رُدّي ما استودعتك من جسده.
● خشيتك يا رب: خفت عذابك وعقابك.

2. شرح الحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل عظيم الإسراف في المعاصي، بلغت به درجة اليأس من رحمة الله تعالى، فلما حضرته الوفاة خاف أن يبعثه الله يوم القيامة فيعذبه أشد العذاب، فأوصى أولاده أن يحرقوا جثته بعد موته ثم يسحقوها ثم يذروها في الريح فوق البحر، حتى يتعذر على الله -كما ظن- أن يجمعيه يوم القيامة، وحلف قائلاً: "فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذاباً ما عذبه به أحداً"، أي أنه كان يعتقد أن هذا الفعل سيمنع بعثه أو أنه إن بُعث فسيكون عذابه أشد.
فلما فعلوا به ما أوصى، أمر الله الأرض أن ترد ما أخذته من ذرات جسده، فاجتمعت ووقف الرجل بين يدي الله تعالى، فسأله رب العزة: "ما حملك على ما صنعت؟" أي ما الذي دفعك إلى هذا الفعل الشنيع؟ فأجاب الرجل: "خشيتك يا رب" أو "مخافتك"، أي أن الدافع كان الخوف من عذاب الله وعقابه، لا إنكاراً للبعث أو جحوداً لقدرة الله، فغفر الله له بسبب هذه الخشية والخوف الصادق.

3. الدروس المستفادة منه:


● سعة رحمة الله تعالى: فالله غفور رحيم، يقبل التوبة من عباده مهما بلغت ذنوبهم.
● عدم اليأس من رحمة الله: فمهما عظمت المعاصي، فإن باب المغفرة مفتوح، ولا يجوز لمسلم أن ييأس من روح الله.
● قدرة الله المطلقة: لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو على كل شيء قدير.
● فضل الخوف من الله: إن الخوف الصادق من الله تعالى سبب للمغفرة والرحمة، حتى لو وقع الإنسان في ذنوب عظيمة.
● خطورة اليأس والقنوط: فإن اليأس من رحمة الله من كبائر الذنوب، وقد يؤدي إلى أفعال محرمة كفعل هذا الرجل.
● الإيمان بالبعث والجزاء: يؤكد الحديث على حقيقة البعث بعد الموت، وأن الله سيحاسب كل إنسان على عمله.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من أحاديث الرجاء التي تبين أن رحمة الله وسعت كل شيء، وأنه يغفر الذنوب جميعاً إلا الشرك به.
- فيه بيان أن الأعمال بالنيات، فقد غفر الله لهذا الرجل بسبب نيته الصادقة في الخوف من الله، رغم سوء عمله.
- يستفاد منه أن الخوف من الله يجب أن يكون خوفاً شرعياً، لا يصل إلى درجة اليأس والقنوط، بل يكون مقروناً بالرجاء.
- ينبه الحديث إلى خطورة الوساوس والشكوك في قدرة الله تعالى، ويؤكد على كمال قدرته وعلمه.
- يستحب للدعاة والعلماء ذكر مثل هذه الأحاديث لتعميق رجاء المسلمين برحمة الله، وحثهم على التوبة النصوح.
نسأل الله تعالى أن يتوب علينا ويغفر لنا ذنوبنا، وأن لا ييئسنا من رحمته، إنه هو الغفور الرحيم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في أحادث الأنبياء (٣٤٨١) ومسلم في كتاب التوبة (٢٧٥٦ - ٢٥) كلاهما من طريق معمر قال: قال لي الزهري: ألا أحدثك بحديثين عجيبين؟ قال الزهري: أخبرني حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة .. فذكره.
ورواه البخاري في التوحيد (٧٥٠٦) ومسلم في التوبة (٢٧٥٦ - ٢٤) كلاهما من طريق مالك (كتاب الجنائز ٥٢) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال: «قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله: إذا مات فحرّقوه، ثم ذروا نصفه في البر، ونصفه في البحر فوالله لئن قدر الله عليه ..» الحديث بنحو رواية حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: أسرف رجل على نفسه فلما حضره الموت أوصى بنيه

  • 📜 حديث: أسرف رجل على نفسه فلما حضره الموت أوصى بنيه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أسرف رجل على نفسه فلما حضره الموت أوصى بنيه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أسرف رجل على نفسه فلما حضره الموت أوصى بنيه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أسرف رجل على نفسه فلما حضره الموت أوصى بنيه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب