حديث: عُذِّبت امرأة في هرة أوثقتها فلم تطعمها ولم تسقها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في قصة امرأة دخلت النار في هرة

عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: «عُذِّبت امرأة في هرة أوثقتْها فلم تطعمها ولم تسقها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض».

متفق عليه: رواه البخاري في بدء الخلق (٣٣١٨) ومسلم في البر والصلة (٢٢٤٢ - ١٣٤) كلاهما من طريق عبد الأعلى، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر .

عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: «عُذِّبت امرأة في هرة أوثقتْها فلم تطعمها ولم تسقها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث الرحمة والرفق بالحيوان، وبيان عظم حق المخلوقات عند الله تعالى.

الحديث بلفظه:


عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «عُذِّبت امرأة في هرة أوثقتْها فلم تطعمها ولم تسقها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض».
رواه البخاري في صحيحه (كتاب بدء الخلق، باب خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحل والحرم) ومسلم في صحيحه (كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها من الحيوان الذي لا يؤذي).


1. شرح المفردات:


* عُذِّبَتِ: أي عُوقبت وعانت العذاب الشديد في النار.
* امْرَأَةٌ: المقصود هنا أنها دخلت النار بسبب هذا الذنب العظيم.
* هِرَّةٍ: هي القطة المعروفة.
* أَوْثَقَتْهَا: أي ربطتها وحبستها ومنعتها من الحركة والانطلاق.
* فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَسْقِهَا: لم تقدم لها طعامًا ولا شرابًا.
* وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ: ولم تتركها حرة لتأكل من حشرات الأرض وصغار الدواب التي تجدها في البرية، وهي طعامها الطبيعي.
* خَشَاشِ الأَرْضِ: هو ما يدب على الأرض من الهوام والحشرات الصغيرة.


2. شرح الحديث:


يخبرنا النبي الكريم ﷺ عن قصة امرأة دخلت النار بسبب تعذيبها لهرة (قطة). لم يكن ذنبها أنها قتلت الهرة أو آذتها مباشرةً بضرب أو جرح، بل كان ذنبها هو:
1- حبسها: حيث أوثقتها (ربطتها) فحرمتها من حريتها.
2- منع الطعام والشراب: لم تقم بواجبها تجاه هذه الكائن الذي تحت سيطرتها، فلم تطعمها ولم تسقها.
3- منعها من التكسب بنفسها: وهو أقسى ما في الأمر، حيث منعتها من أن تبحث عن رزقها بنفسها وتأكل من خشاش الأرض، فحكم عليها بالموت جوعًا وعطشًا.
فجمعت بين الحبس والتضييق، والامتناع عن الإنفاق، والمنع من التكسب. وهذا كله من أشد أنواع الظلم والتعذيب.


3. الدروس المستفادة والعبر:


هذا الحديث العظيم يحمل في طياته دروسًا عظيمة وعبرًا جليلة:
1- الرحمة بالحيوان أصل عظيم من أصول الإسلام: يوضح الحديث أن الإيمان لا يكتمل بدون الرحمة، وأن التعامل القاسي مع المخلوقات ذنب كبير يعاقب عليه الله تعالى، حتى لو كان هذا المخلوق حيوانًا صغيرًا لا قيمة له في أعين الناس.
2- المسؤولية عن الكائنات التي تحت nuestra يدنا: من يملك حيوانًا أو أي كائن حي، فإنه يصبح مسؤولًا عنه أمام الله تعالى في توفير الطعام والشراب والرعاية اللازمة له. والإهمال في هذه المسؤولية من الكبائر.
3- عظم الجرم في منع الحيوان من التكسب: ليس الذنب في عدم إطعامها فقط، بل في منعها من أن تطعم نفسها. وهذا درس في عدم التضييق على المخلوقات وإتاحة الفرصة لها للعيش.
4- الوعيد الشديد على تعذيب الحيوان: دخول النار بسبب هرة يدل على عظم هذا الذنب عند الله تعالى. فإذا كان هذا عقاب من عذب حيوانًا، فكيف بحال من يعذب إنسانًا؟!
5- العدل الإلهي المطلق: الله تعالى لا يظلم مثقال ذرة، وهذه المرأة عذبت بسبب ظلمها لهرة. وهذا يبعث في قلب المسلم الخوف من الله والحرص على حقوق كل المخلوقات.
6- الحث على الرفق: الحديث مقابل لأحاديث أخرى تبين الجزاء العظيم للرفق بالحيوان، كحديث الرجل الذي سقى كلبًا كاد يموت من العطش فغفر الله له. فكما أن الرفق سبب للمغفرة، فإن القسوة والتعذيب سبب للعذاب.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث هو من أبلغ الأدلة على سعة رحمة الإسلام وشموليته، حيث اهتم بأدق细节 الحياة وحتى حقوق الحيوانات.
* يستدل الفقهاء بهذا الحديث على تحريم حبس الحيوان دون أن يوفر له صاحبه حاجاته الأساسية من طعام وشراب.
* الحديث يربي في المسلم الضمير الحي والمراقبة الدائمة لله تعالى في كل تصرفاته، حتى تلك التي لا يراها أحد من البشر.
* ينبغي للمسلم أن يستشعر أن هذه المخلوقات تسبح بحمد الله وأنها أمم أمثالنا، كما ذكر الله تعالى في كتابه الكريم، وأن لها حقًا في الحياة الكريمة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في بدء الخلق (٣٣١٨) ومسلم في البر والصلة (٢٢٤٢ - ١٣٤) كلاهما من طريق عبد الأعلى، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر .. فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: عُذِّبت امرأة في هرة أوثقتها فلم تطعمها ولم تسقها

  • 📜 حديث: عُذِّبت امرأة في هرة أوثقتها فلم تطعمها ولم تسقها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عُذِّبت امرأة في هرة أوثقتها فلم تطعمها ولم تسقها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عُذِّبت امرأة في هرة أوثقتها فلم تطعمها ولم تسقها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عُذِّبت امرأة في هرة أوثقتها فلم تطعمها ولم تسقها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب