حديث: من حملته مخافة الله رحمه الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في قصة رجل أوصى أهله بإحراقه بعد موته

عن أبي سعيد، عن النبي ﷺ: «أنه ذكر رجلا فيمن سلف، أو فيمن كان قبلكم،
قال: كلمة: يعني - أعطاه الله مالا وولدًا، فلما حضرت الوفاةُ، قال لبنيه: أيُّ أبٍ كنت لكم؟ قالوا: خير أب، قال: فإنه لم يبتئر، أو لم يبتئز عند الله خيرًا، وإن يقدر الله عليه يعذبه، فانظروا إذا متُّ فأحرقوني، حتى إذا صرت فحمًا فأسْحقوني، أو قال: فاسحكوني، فإذا كان يوم ريح عاصف فاذروني فيها، فقال نبي ﷺ: فأخذ مواثيقهم على ذلك. وربي! ففعلوا ثم أذروه في يوم عاصف، فقال الله عز وجل: كن، فإذا هو رجل قائم، قال الله: أي عبدي ما حملك على أن فعلت ما فعلمت؟ قال: مخافتك، أو: فرق منك، قال: فما تلافاه أن رحمه عندها». وقال مرة أخرى: «فما تلافاه غيرُها» فحدثت به أبا عثمان فقال: سمعت هذا من سلمان، غير أنه زاد فيه: أذروني في البحر، أو كما حدث.

متفق عليه: رواه البخاري في التوحيد (٧٥٠٨)، ومسلم في التوبة (٢٧٥٧ - ٢٧) كلاهما من طريق قتادة، سمع عقبة بن عبد الغافر يقول: سمعت أبا سعيد الخدري .

عن أبي سعيد، عن النبي ﷺ: «أنه ذكر رجلا فيمن سلف، أو فيمن كان قبلكم،
قال: كلمة: يعني - أعطاه الله مالا وولدًا، فلما حضرت الوفاةُ، قال لبنيه: أيُّ أبٍ كنت لكم؟ قالوا: خير أب، قال: فإنه لم يبتئر، أو لم يبتئز عند الله خيرًا، وإن يقدر الله عليه يعذبه، فانظروا إذا متُّ فأحرقوني، حتى إذا صرت فحمًا فأسْحقوني، أو قال: فاسحكوني، فإذا كان يوم ريح عاصف فاذروني فيها، فقال نبي ﷺ: فأخذ مواثيقهم على ذلك. وربي! ففعلوا ثم أذروه في يوم عاصف، فقال الله ﷿: كن، فإذا هو رجل قائم، قال الله: أي عبدي ما حملك على أن فعلت ما فعلمت؟ قال: مخافتك، أو: فرق منك، قال: فما تلافاه أن رحمه عندها». وقال مرة أخرى: «فما تلافاه غيرُها» فحدثت به أبا عثمان فقال: سمعت هذا من سلمان، غير أنه زاد فيه: أذروني في البحر، أو كما حدث.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذا حديث عظيم فيه موعظة بليغة وعبرة شديدة، أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 3481) والإمام مسلم (رقم 2756) وغيرهما. وإليك الشرح المفصل له:

أولاً. شرح المفردات:


● سلف: أي من الأمم الماضية.
● يبتئر ويبتئز: بمعنى واحد، أي يجمع ويختزن الخير والثواب عند الله.
● فأسحقوني وفاسحكوني: أي اطحنوني حتى أصبح كالبودرة الناعمة.
● اذروني: أي انثروني في الهواء.
● تلافاه: أي جبره وعوضه عنه.
● ربي: قسم النبي صلى الله عليه وسلم بربه تأكيدًا لصدق القصة.


ثانيًا. شرح الحديث:


يحكي النبي صلى الله عليه وسلم قصة رجل من الأمم السابقة كان قد أعطاه الله مالاً كثيرًا وولدًا، فلما حضرته الوفاة سأل أبناءه عن كيفية معاملته لهم، فأثنوا عليه خيرًا. لكن الرجل كان يعلم أنه لم يدخر عند الله تعالى من الأعمال الصالحة ما ينجيه من عذاب الله، فخاف أن يعذبه الله بعد موته.
فأمر أبناءه أن يحرقوا جثته بعد موته حتى تصير فحماً، ثم يطحنوها حتى تتحول إلى رماد، ثم يذروها في يوم عاصف في الهواء أو في البحر (كما في رواية سلمان) حتى يتفرق ولا يبقى له أثر، ظنًا منه أن هذا سيمنع الله من إعادة خلقه وعذابه.
فأخذ منهم المواثيق المؤكدة أن ينفذوا طلبه، وفعلوا ذلك. ولكن الله تعالى - وهو القادر على كل شيء - أمره أن يكون فإذا هو رجل قائم بين يدي الله، وسأله الله عن سبب فعله هذا، فأجاب الرجل: "فعلت ذلك خوفًا من عذابك". فقبل الله تعالى منه هذا الخوف الصادق، ورحمه وغفر له.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظمة خوف الله تعالى: فإن هذا الرجل دخل الجنة بسبب خوفه من الله، مع أنه لم يعمل عملاً صالحًا يذكر، لكن خوفه كان صادقًا فغفر الله له.
2- قدرة الله المطلقة: لا يعجزه شيء، فهو الذي يحيي ويميت، ويعيد الخلق بعد الموت، ويحاسبهم على أعمالهم.
3- خطورة اليأس من رحمة الله: كان الرجل يائسًا من رحمة الله حتى ظن أن بتفريق جسده سيهرب من عذاب الله، ولكن الله وسعت رحمته كل شيء.
4- الخوف من الله يجب أن يقترن بالرجاء: فلا يجوز أن يبلغ الخوف بالعبد إلى درجة اليأس والقنوط من رحمة الله، قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}[الزمر:53].
5- الاعتبار بقصص السابقين: فإن في قصصهم عظة وعبرة لأولي الألباب.


رابعًا. فوائد إضافية:


- الحديث يدل على أن الله يقبل التوبة من عباده مهما عظم ذنبهم إذا صدقوا في التوبة والرجوع.
- فيه إثبات صفة الكلام لله تعالى كما يليق بجلاله.
- القسم من النبي صلى الله عليه وسلم بربه يدل على عظم شأن القصة ووجوب الاعتبار بها.
- الخوف من الله من أعظم أسباب المغفرة، كما قال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}[الرحمن:46].

أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يخافونه حق الخوف، ويرجون رحمته حق الرجاء، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التوحيد (٧٥٠٨)، ومسلم في التوبة (٢٧٥٧ - ٢٧) كلاهما من طريق قتادة، سمع عقبة بن عبد الغافر يقول: سمعت أبا سعيد الخدري .. فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: من حملته مخافة الله رحمه الله

  • 📜 حديث: من حملته مخافة الله رحمه الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من حملته مخافة الله رحمه الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من حملته مخافة الله رحمه الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من حملته مخافة الله رحمه الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب