لا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه

حديث: لا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه

عن عبد الله بن عمر ﵄: أن النبي ﷺ لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بَلْدح قبل أن ينزل على النبي ﷺ الوحيُ، فقُدّمتْ إلى النبي ﷺ سفرة، فأبى أن
يأكل منها، ثم قال زيد: إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه، وأن زيد لي ن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم، ويقول: الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله، إنكارًا لذلك وإعظامًا له.

صحيح: رواه البخاري في مناقب الأنصار (٣٨٢٦) عن محمد بن أبي بكر، ثنا فضيل بن سليمان، ثنا موسى، ثنا سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
الحديث الذي ذكر رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم يروي قصة لقاء النبي صلى الله عليه وسلم، قبل البعثة، برجل طلب الحق فلم يجده عند قريش، وهو زيد بن عمرو بن نفيل، وكان عم عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

أولاً. شرح المفردات:

● أسفل بَلْدَح: "بَلْدَح" هو موضع قرب مكة، و"أسفل" يعني في الجزء المنخفض منه.
● قُدّمتْ إلى النبي ﷺ سُفرة: "السُفرة" هي مائدة طعام أو طعامٌ قدّم للأكل.
● على أنصابكم: "الأنصاب" هي الأحجار التي كان المشركون ينصبونها حول الكعبة ويذبحون قرابينهم لها، ويعبدونها من دون الله.
● يعيب على قريش ذبائحهم: أي ينتقد طريقة ذبحهم ويعدها فاسدة.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم، قبل أن يبعثه الله بالنبوة، التقى بزيد بن عمرو بن نفيل في مكان يسمى "أسفل بلدح".
فقدّم بعض الناس طعامًا للنبي صلى الله عليه وسلم، فرفض النبي أن يأكل منه. ثم برر زيد بن عمرو بن نفيل سبب رفضه للأكل من ذلك الطعام قائلاً: "إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم". أي أنه لا يأكل من الذبائح التي تذبح تقربًا وتعبّدًا للأصنام والحجارة التي نصبتموها.
ثم بين منهجه الذي يسير عليه فقال: "ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه". فهذا شرط أساسي عنده للأكل من الذبائح، أن تُذَكَّرَ اسم الله تعالى عليها عند الذبح، وهذا هو عين ما جاء به الإسلام لاحقًا.
ثم يبين الراوي أن زيدًا كان دائم الاعتراض على قريش في طريقة ذبحهم، مستنكرًا فعلهم، ومُعَظِّمًا لحق الله تعالى. وكان يقول معاتبًا لهم: "الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله؟!". فهذا استدلال رائع منه على وجوب شكر الله تعالى الذي هو الخالق والرازق، بذكره عند ذبح ما رزقنا به، وعدم إشراك غيره بهذه العبادة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- بيان فضل زيد بن عمرو بن نفيل وعلو همته: لقد كان من الحنفاء الذين نبذوا عبادة الأصنام في الجاهلية وتمسكوا بدين إبراهيم عليه السلام، ورفضوا اتباع ضلال قومهم. وهو لم يدرك الإسلام (توفي قبل البعثة)، لكنه كان ينتظر النبي الخاتم، وقد بشّر به النبي صلى الله عليه وسلم يومًا فردًا.
2- أهمية التوحيد ونبذ الشرك: جوهر اعتراض زيد كان على الشرك بالله، حتى في أبسط الأمور كالأكل والذبح. فجعل الذبح لله وحده من أعظم أنواع العبادة والتوحيد.
3- اشتراط التسمية على الذبيحة: يؤكد هذا الحديث على حكم عظيم جاء به الإسلام، وهو وجوب ذكر اسم الله تعالى (بسم الله) عند ذبح أي animal لإباحة أكله. فمن لم يذكر اسم الله عليها عامدًا، فهي حرام لا تحل.
4- قبول الحق من أي أحد: النبي صلى الله عليه وسلم قبل هذا الموقف من زيد ولم يعترض عليه، بل توافق ما جاء به زيد مع ما سينزل عليه لاحقًا من أحكام، مما يدل على أن الحق مقبول من أي شخص، حتى لو كان في زمن الجاهلية.
5- المنهجية في الإنكار: قدم زيد إنكاره بطريقة عقلانية، مستدلاً بالنعم الظاهرة (خلق الله، إنزال الماء، إنبات النبات) التي تستحق الشكر بالتوحيد، لا بالشرك.

رابعاً. معلومات إضافية:

- زيد بن عمرو بن نفيل هو والد سعيد بن زيد رضي الله عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يترحم على زيد ويذكره بخير، ويقول: "إنه يبعث يوم القيامة أمة وحده"؛ لتمسكه بالحق وحيدًا بين قوم غارقين في الضلال.
- هذا الحديث أصل من الأصول في باب الذبائح وأحكامها، وأن ما ذبح على النصب (الأصنام) حرام، وما لم يذكر اسم الله عليه فهو ميتة لا تحل.
نسأل الله أن يرزقنا الفقه في دينه والاتباع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في مناقب الأنصار (٣٨٢٦) عن محمد بن أبي بكر، ثنا فضيل بن سليمان، ثنا موسى، ثنا سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر .. فذكره.
وفي لفظ: «فقدّم إليه رسول الله ﷺ سفرة فيها لحم فأبى أن يأكل منها، ثم قال: إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم».
رواه البخاري في الذبائح والصيد (٥٤٩٩) كلت وجه آخر عن موسى بن عقبة، أخبرني سالم أنه سمع عبد الله يحدث .. فذكره.
ويظهر من هذه الرواية أن السفرة كانت للنبي ﷺ، وأنكر عليه زيد! وليس الأمر كذلك، فإن السفرة كانت لقريش قدموها للنبي ﷺ فأبى أن يأكل منها، وقدّمها النبي ﷺ لزيد بن عمرو بن نفيل فأبى أن يأكل منها، وقال مخاطبًا لقريش الذين قدّموها أولا: إنا لا نأكل .. الخ.
فالظاهر أن الراوي تصرف في بيان هذه القصة بخلاف الراوي الذي أتى به في الرواية الأولى على الوجه المطلوب الذي لا لبس فيه ولا إشكال.
وأما ما ذكره الخطابي أن النبي ﷺ كان لا يأكل مما يذبحون عليها للأصنام ويأكل عدا ذلك وإن كانوا لا يذكرون اسم الله عليه، لأن الشرع لم يكن نزل بعد، بل لم ينزل الشرع بمنع أكل ما لم يذكر اسم الله عليه إلا بعد المبعث بمدة طويلة.
فهذا مما يأباه شأن النبوة إذ كيف يُعقل أن يمتنع فيمن هو دونه زيد بن عمرو بن نفيل من أكله ويقول: «لا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه» ويستسيغه النبي ﷺ وهما في مجتمع واحد وعلى مائدة واحدة، بل الأولى والأحرى أن يبتعد عنه النبي ﷺ قبل غيره.
قوله: «بأسفل بلدح» واد في غربي مكة، وهو واد واسع طويل يبدأ من نهاية حي الشهداء وينتهي بالحديبية (الشميسي).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: لا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه

📜 حديث: لا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية