نساء قريش يهبن عمر ولا يهبن رسول الله

حديث: نساء قريش يهبن عمر ولا يهبن رسول الله

عن سعد بن أبي وقاص قال: استأذن عمر على رسول الله ﷺ وعنده نساء من
قريش يكلمنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن، فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب. فأذن له رسول الله ﷺ ورسول الله ﷺ يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله، قال: «عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب» قال عمر: فأنت يا رسول الله كنت أحق أن يهبن، ثم قال: أي عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله ﷺ؟ قلن: نعم، أنت أفظ وأغلظ من رسول الله ﷺ. قال رسول الله ﷺ: «والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك».

متفق عليه: رواه البخاري في بدء الخلق (٣٢٩٤)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٣٩٦) كلاهما من طريق إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب، أخبرني عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد، أن محمد بن سعد بن أبي وقاص أخبره، أن أباه سعد بن أبي وقاص قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه وغيره من أئمة الحديث:

الحديث:

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: استأذن عمر على رسول الله ﷺ وعنده نساء من قريش يكلمنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن، فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب. فأذن له رسول الله ﷺ ورسول الله ﷺ يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله، قال: «عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب» قال عمر: فأنت يا رسول الله كنت أحق أن يهبن، ثم قال: أي عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله ﷺ؟ قلن: نعم، أنت أفظ وأغلظ من رسول الله ﷺ. قال رسول الله ﷺ: «والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك».

1. شرح المفردات:

● يستكثرنه: يطلبن منه العطاء والهبات، أو يكثُرن عليه في الكلام والطلبات.
● عالية أصواتهن: مرتفعة أصواتهن في الحديث.
● يبتدرن الحجاب: يسرعن إلى الستر والتغطية (لبس الحجاب أو الاختباء خلف حجاب).
● أضحك الله سنك: دعاء بأن يجعلك الله ضاحكًا مبتهجًا (والسن: مصدر بمعنى الضحك أو الابتسام).
● أفظ وأغلظ: أكثر خشونة وشدّة في التعامل (الفظ: الخشن، الغليظ: الشديد).
● فجًا: طريقًا أو مسلكًا (والفج: الطريق الواسع).

2. شرح الحديث:

يصف هذا الحديث موقفًا حصل مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما جاء لزيارة النبي ﷺ، وكان عند النبي ﷺ بعض نساء قريش يتحدثن معه ويطلبن منه العطاء، وكانت أصواتهن مرتفعة. فلما سمعن صوت عمر واستئذانه، أسرعن إلى الستر والحجاب خوفًا منه وهيبة له. فدخل عمر ورأى النبي ﷺ يضحك من سرعة تحرّكهن واختبائهن، فتعجب عمر من ذلك وقال للنبي: "أنت أحق أن يُهَب مني" (أي: أنت أولى أن يخاف منك الناس)، ثم وجه كلامه للنساء قائلاً: "أي عدوات أنفسهن" (أي: يا من تعادين أنفسكن بمعصية الله)، "أتهبنني ولا تهبن رسول الله؟" فأجبن: نعم، لأنك أفظ وأغلظ من رسول الله ﷺ (أي: أكثر خشونة وشدّة في الأخلاق والهيئة). فمدح النبي ﷺ عمر بقوله: "والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان قط سالكًا فجًا (طريقًا) إلا سلك فجًا غير فجك" (أي: أن الشيطان يتحاشى عمر ويخافه، فلا يسلك نفس الطريق الذي يسلكه عمر).

3. الدروس المستفادة:

1- هيبة عمر رضي الله عنه: يُظهر الحديث مكانة عمر وهيبته في قلوب الناس حتى نساء قريش، وذلك لقوته في الحق وشدته على المخالفين.
2- رفق النبي ﷺ وحلمه: contrast بين رحمة النبي ﷺ ورفقه وبين شدة عمر، مما يدل على تكامل الشخصيات في الأمة.
3- الحجاب والستر: سرعة استجابة النساء لأمر الحجاب والستر عند دخول رجل أجنبي، وهو درس في أهمية الحشمة والاحتشام.
4- مدح النبي ﷺ لعمر: ثناء النبي على عمر بأن الشيطان يفر منه، وهذا من أعلى المناقب، ويبيّن قوة إيمان عمر وتقواه.
5- الأخلاق التكاملية: أن الأمة تحتاج إلى من يكون رفيقًا حليمًا كالنبي ﷺ، وإلى من يكون شديدًا في الحق كعمر، وذلك بحسب المواقف والمصالح.

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث من الأحاديث الصحيحة، رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
- يُستدل به على فضل عمر بن الخطاب ومنزلته عند الله ورسوله.
- فيه إشارة إلى أن خشونة الرجل أحيانًا تكون سببًا في هيبته واحترامه، خاصة إذا كانت في الحق.
- قول النبي: "ما لقيك الشيطان..." يدل على أن عمر كان من الأولياء الصالحين الذين يفر منهم الشيطان.

أسأل الله أن يفقهنا في السنة، وأن يجعلنا من المتّبعين لهدي النبي ﷺ وصحابته الكرام. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في بدء الخلق (٣٢٩٤)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٣٩٦) كلاهما من طريق إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب، أخبرني عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد، أن محمد بن سعد بن أبي وقاص أخبره، أن أباه سعد بن أبي وقاص قال: فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 67 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نساء قريش يهبن عمر ولا يهبن رسول الله

📜 حديث: نساء قريش يهبن عمر ولا يهبن رسول الله

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نساء قريش يهبن عمر ولا يهبن رسول الله

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نساء قريش يهبن عمر ولا يهبن رسول الله

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نساء قريش يهبن عمر ولا يهبن رسول الله

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية