نساء يرفعن أصواتهن على النبي ﷺ فيدخل عمر فتبتدرن الحجاب

حديث: نساء يرفعن أصواتهن على النبي ﷺ فيدخل عمر فتبتدرن الحجاب

عن أبي هريرة أن عمر بن الخطاب جاء إلى رسول الله ﷺ وعنده نسوة قد رفعن أصواتهن على رسول الله ﷺ، فلما استأذن عمر ابتدرن الحجاب، فذكر نحو حديث سعد بن أبي وقاص المتقدم.

صحيح: رواه مسلم في فضائل الصحابة (٢٣٩٧) عن هارون بن معروف، حدثنا به عبد العزيز ابن محمد، أخبرني سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبيه ﷺ.
الحديث الذي ذكر – حفظك الله – جزء من حديث طويل رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، وهو يتعلق بموقف لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وإليك الشرح المفصل:

1. شرح المفردات:

● "رفعن أصواتهن": أي جاوزن في الحديث ورفعن أصواتهن فوق الصوت المعتاد في مخاطبة النبي ﷺ، مما قد يوحي بشيء من الجرأة أو الإلحاح في الطلب.
● "استأذن عمر": طلب الإذن للدخول على النبي ﷺ.
● "ابتدَرْن الحجاب": بادَرْن وأسرَعْن إلى الاختباء خلف ستر، والاستتار عن عمر رضي الله عنه.
● "فذكر نحو حديث سعد": أي أن الراوي (أبو هريرة) قال: ثم ذكر القصة شبيهة بقصة سعد بن أبي وقاص التي تقدمت في الباب.
(والحديث المشار إليه هو ما رواه البخاري أيضاً أن نساء النبي ﷺ كن حوله في إحدى المرات يطلبن منه النفقة بإلحاح، حتى قام سعد بن أبي وقاص فقال: يا رسول الله، أعطِ عائشة أكثر من فاطمة؟ فتبسم النبي ﷺ... إلخ القصة).

2. شرح الحديث:

وصف الموقف:
كان رسول الله ﷺ في بيته، وحوله بعض زوجاته أو نساء من أهل بيته، وقد شرعن يطلبن منه شيئاً (كالنفقة أو غيرها) وأخذن في رفع أصواتهن أثناء الحديث معه ﷺ، وهو موقف يدل على شدة الطلب ربما.
دخول عمر:
فلما جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه وطلب الإذن للدخول، سمعت النسوة صوته فبادرن إلى الاختباء خلف الحجاب مسرعات. وهذا الفعل منهن يدل على أمرين عظيمين:
1- هيبة عمر رضي الله عنه: وكان عمر معروفاً بشدة تقواه ووقاره، حتى كان الصحابة يهابونه في الله. فخشين أن يراهن على هذه الحالة من رفع الصوت.
2- الاستجابة لأمر الله تعالى: فالله أمر نساء النبي ﷺ وأمر المؤمنات عامة بالحجاب والستر، وهن بذلك كن يمتثلن لأمر الله بمجرد سماع صوت رجل أجنبي.
رد فعل النبي ﷺ:
فضحك رسول الله ﷺ من سرعة استجابتهن وهروبهن إلى الحجاب عندما سمعن صوت عمر. ثم قال له عمر متعجباً: "أضحك الله سنك يا رسول الله!" (أي جعل الله دائم الضحك والبشاشة لك). فرد عليه النبي ﷺ قائلاً: "عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب". فأخبره أنه يعجب من سرعة تحولهن من الجرأة في الطلب إلى الهرب والاستتار.
ثم قال له عمر كلمة الحق والعدل: "أنت أحق أن يهبن يا رسول الله"، أي أنت أولى مني أن تجلّك النساء وتهاباك- فقال النبي ﷺ: "لا، يا عمر. فوالذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان قط سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك". وهذا أعلى درجات الثناء على عمر، حيث أقسم النبي ﷺ أن الشيطان يفر من طريق عمر ويختار طريقاً آخر غير طريقه؛ لشدة تقواه وملازمته للحق، حتى خاف الشيطان من مواجهته.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- هيبة الصحابة وورعهم: الموقف يظهر مكانة عمر رضي الله عنه وهيبته في قلوب الناس، حتى نساء النبي ﷺ، وهي هيبة نابعة من تقواه وشدته في الحق.
2- سرعة استجابة النساء لأمر الله: حيث بادرن إلى الحجاب فوراً عند سماع صوت رجل أجنبي، وهذا درس عظيم في الامتثال السريع لأحكام الشرع.
3- أدب المخاطبة مع النبي ﷺ: الأصل في مخاطبة النبي ﷺ هو الأدب والتوقير، ورفع الصوت أمامه ليس من الأدب، كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2].
4- فضل عمر بن الخطاب: الحديث من أعظم الأدلة على منزلة عمر رضي الله عنه وثناء النبي ﷺ عليه، حيث جعل الشيطان يفر من طريقه.
5- بشاشة النبي ﷺ وضحكه: كان النبي ﷺ بشوشاً ضحوكاً مع أصحابه، يشاركهم مواقفهم ويداعبهم، مما يدل على حسن خلقه ورقته ﷺ.
6- التواضع النبوي: رغم أن النبي ﷺ هو أحق أن يهاب، إلا أنه أقر فضل عمر واعترف به، وهذا من تواضعه العظيم ﷺ.

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث أصل في "الهيبة في الله"، حيث يهاب الرجل الصالح لأجل دينه، لا لأجل منصبه أو جاهه.
- يستدل به العلماء على وجوب احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب وستر نفسها عند وجودهم.
- الحديث موجود في صحيح البخاري (كتاب الأدب، باب هيبة الرجل من أهل بيته وغيرهم) وصحيح مسلم (كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل عمر رضي الله عنه).
أسأل الله أن يفقهنا في السنة، وأن يجعلنا ممن يقتدي برسوله ﷺ ويحبه، ويوالى

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في فضائل الصحابة (٢٣٩٧) عن هارون بن معروف، حدثنا به عبد العزيز ابن محمد، أخبرني سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره.
ولم يذكر مسلم لفظه كاملا بل أحال إلى حديث سعد بن أبي وقاص المتقدم، فقال: «فذكر نحو حديث الزهري» يعني الزهري، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد، أن محمد بن سعد ابن أبي وقاص أخبره أن أباه سعدا قال: فذكر الحديث.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 68 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نساء يرفعن أصواتهن على النبي ﷺ فيدخل عمر فتبتدرن الحجاب

📜 حديث: نساء يرفعن أصواتهن على النبي ﷺ فيدخل عمر فتبتدرن الحجاب

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نساء يرفعن أصواتهن على النبي ﷺ فيدخل عمر فتبتدرن الحجاب

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نساء يرفعن أصواتهن على النبي ﷺ فيدخل عمر فتبتدرن الحجاب

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نساء يرفعن أصواتهن على النبي ﷺ فيدخل عمر فتبتدرن الحجاب

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية