قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن الزكاة في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرۡكَعُواْ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ ﴾ [البقرة: 43]
قُدِّمت الصلاة؛ لأنها أفضلُ العبادات البدنيَّة، فقدِّمها. وقُرنت بالزكاة، وهي أفضلُ العبادات الماليَّة، فلا تؤخِّرها. كن مع المؤمنين الخاضعين لربِّ العالمين، لتكون من الفائزين، واحذر معيَّة المعرضين المكذِّبين، فتكون من الخاسرين. |
﴿وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ لَا تَعۡبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَانٗا وَذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسۡنٗا وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ ثُمَّ تَوَلَّيۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنكُمۡ وَأَنتُم مُّعۡرِضُونَ ﴾ [البقرة: 83]
إفراد الله بالعبادة أوَّل ميثاقٍ أُخِذ على بني إسرائيل، وهو أوَّل ميثاقٍ أُخِذ على البشرية في أوَّل أوامر القرآن: ﴿يا أيُّها الناسُ اعبُدوا ربَّكم﴾ . أوثق المواثيق توحيدُ الله تعالى؛ إنه الأصل في الحياة الكريمة، وكلُّ فعل جميل وخُلق نبيل تبَعٌ له، ومتى أخلَّ العبد بأصله خسر كلَّ ما بعده! أعظِم ببِرِّ الوالدين والإحسان إليهما! ألا ترى أن الله قرن بِرَّهما بتوحيده وإخلاص عبادته؟ وإن الإحسان نهاية البِرِّ فيدخل فيه كلُّ ما ينبغي من الرعاية والعناية وخفض الجناح. مَن لم يجد أبًا يحنو عليه فليعلم أن له ربًّا أرحم به من أبيه، لقد أخذ الله الميثاقَ على الناس جميعًا بالإحسان إلى اليتيم. إن في الله خلَفًا عن كلِّ مفقود. حقُّ المسكين يتجاوز البذلَ الواجب إلى مُطلَق الإحسان إليه، فإن تعذَّر الإحسان بالمال فبالكلمة الطيِّبة، فإنها صدقة. أخذ الله الميثاقَ عليك أن تقولَ للناس حُسنًا؛ أمرًا بمعروف، أو نهيًا عن منكر، أو تبشيرًا وتشجيعًا، فهل تعجِز عن ذلك ؟! استعِن على الوفاء بالميثاق بالصلاة لتُصلحَ قلبَك وأخلاقك، وبالزكاة لتتعوَّدَ البذلَ وتصِلَ الأقربين، وبهما كمالُ الإحسان، وإنك لأهلٌ له. |
﴿وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ ﴾ [البقرة: 110]
كما أمر الله المؤمنين بالإعراض عن الكافرين؛ أمرهم بالإقبال على النفس لإصلاحها بالصلاة، وبالإقبال على الناس بالإحسان إليهم بالزكاة، إنها شعائرُ عظيمةٌ تعين على النوائب، وتذلِّل أسباب النصر. إنها لبِشارةٌ لكلِّ العاملين والمجاهدين في ساحات الحياة، أن الله مطَّلعٌ على كلِّ ما يقدِّمونه؛ ليعظُمَ رجاؤهم في الثواب، وتهونَ عليهم المشاقُّ والصِّعاب. |
﴿۞ لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَٰهَدُواْۖ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]
أوَّل خِصال البِرِّ ورأسها الإيمانُ بالله، ومَن فاته هذا البِرُّ فقد فاته أعظمُ مقصود. الإيمان باليوم الآخر يبعث في النفس الطُّمَأنينةَ بحصول العدل التامِّ، وبأن الحياة على هذه الأرض ليست سُدًى، ولا فوضى بغير حساب. عظَّم الله الإيمانَ بالملائكة فنظَمَه في سِلك المسائل الكبار، فلنؤمن بهم، ولنستحضِر عظمةَ الله في خلقهم. الإيمان بالكتاب والنبيِّين يعني الإيمانَ بالرسالات جميعًا، ويؤكِّد في يقين المؤمن أن للبشر كافَّةً إلهًا واحدًا، وغايةً واحدة. الإنفاق على ذوي القُربى من خِصال البِرِّ، وفيه تحقيقٌ لمروءة النفس، وصيانةٌ لكرامة الأسرة، وقيامٌ بصِلة الرَّحِم. الصدقة لليتامى تعويضٌ عن فِقدانهم الرعايةَ الأبويَّة، وحمايةٌ لهم وللأمَّة من الانحراف والضياع والنقمة على مجتمعٍ لم يرعَهُم. من رحمة الله بمَن أضعفَته الحاجة، وأذلَّته الفاقة، أنه أوجب في المال حقًّا له يحفظ كرامتَه، ويُقيل عَثرتَه. في إيجاب الصَّدقة للمنقطِع عن ماله وأهله إشعارٌ له أن كلَّ مسلم أخٌ له، وكلَّ بلاد المسلمين وطنُه، فيتسلَّى عن أهلٍ بأهل، وعن مالٍ بمال، وعن ديارٍ بديار. الصَّدقة للسَّائلين إسعافٌ لحاجتهم، وكفٌّ لهم عن المسألة، وذلك من إحسان الله إلى عباده. |
﴿يَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَۖ قُلۡ مَآ أَنفَقۡتُم مِّنۡ خَيۡرٖ فَلِلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۗ وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٞ ﴾ [البقرة: 215]
للإنفاق شأنٌ عظيمٌ في توثيق عُرى الأخوَّة بين المسلمين، وتعميق الشعور بالانتماء للأمَّة الواحدة، فلا غروَ أن يُبادرَ الصالحون إلى السؤال عن الأوجُه التي ينفقون بها في سبيل الله. المال خيرٌ للمعطي والآخذ، وخيرٌ للفرد والجماعة، وأحقُّ ما أُنفِق فيه وجوهُ الخير، جعلنا الله من المنفقين فيها طلبًا لرضاه. من منهج الإسلام الحكيم في تربية النفوس أن يأخذَ الإنسانَ بفِطرته وميوله، ويسيرَ به إلى الكمال خطوةً خطوة، ويرتقيَ به نحو المعالي درجةً درجة. إدارة الأولويَّات، وترتيب الواجبات، منهجٌ شرعيٌّ يجب أن يسيرَ عليه كلُّ مريدٍ للخير، حريصٍ على الفلاح في الدنيا والآخرة. ليعلم كلُّ منفقٍ أن الله عليمٌ بإنفاقه، عليمٌ بنيَّـته، لا يضيع عنده شيء، ولا يُظلم عنده أحد، فما أحرانا أن نجودَ ونسخوَ في الإنفاق! |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا بَيۡعٞ فِيهِ وَلَا خُلَّةٞ وَلَا شَفَٰعَةٞۗ وَٱلۡكَٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ﴾ [البقرة: 254]
إن مَن يدعوك إلى الإنفاق هو الرزَّاق الذي أعطاك، فهلَّا جُدتَّ على عباده ببعض ما جاد به عليك؟ افتَدِ نفسك اليومَ من عذاب الآخرة ببعض ما رزقك الله، من قبل أن يأتيَ يومٌ تتمنَّى فيه أن تفديَها بمِلء الأرض ذهبًا، ولا فداء. يدعوهم سبحانه للتجارة الرابحة قبل فواتها، ويحضُّهم على اغتنام الخيرات قبل رحيلها، ما أكثرَ الفُرَصَ اليوم، وما أشدَّ غَبنَ الغافلين! الظالم خاسرٌ مخذول، لا خليلَ ينفعه، ولا ناصرَ ينقذه، فاحذر الظلمَ فإنه ظلماتٌ يوم القيامة. |
﴿۞ قَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞ وَمَغۡفِرَةٌ خَيۡرٞ مِّن صَدَقَةٖ يَتۡبَعُهَآ أَذٗىۗ وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٞ ﴾ [البقرة: 263]
أَولى من الصَّدقة التي يتبَعُها الأذى كلمةٌ طيِّبة تَضمِدُ جراحَ القلوب، ومغفرةٌ حسنة تغسل أحقادَ النفوس. ما ألحَّ السائل عليك إلا وقد اشتدَّت حاجتُه إليك، فلا تؤذه بكلمةٍ جارحة، واعلم أن اعتذارك الجميلَ خيرٌ من عطاءٍ تتبَعُه إساءة، وإحسانٍ تعقُبه إهانة. ألا يعلم ذاك المانُّ على عباد الله أن الله غنيٌّ عنه وعن صدقته؟! وأنه سبحانه حليمٌ لا يعاجله بعقوبته؟! فما أحراه أن ينتهيَ عن منِّه، ويكُفَّ آذاه. |
﴿وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمُ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثۡبِيتٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ كَمَثَلِ جَنَّةِۭ بِرَبۡوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٞ فَـَٔاتَتۡ أُكُلَهَا ضِعۡفَيۡنِ فَإِن لَّمۡ يُصِبۡهَا وَابِلٞ فَطَلّٞۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 265]
مَن كان إنفاقُه إيمانًا بالله، وابتغاءً لوجهه، واحتسابًا للأجر منه سبحانه لا من الناس، لم يكن ليُفسدَ إنفاقَه بالمنِّ والأذى. لا بدَّ في الصدقة من إخلاصٍ ويقين؛ فالإخلاص يجعلها لله وحدَه دون ما سواه، واليقين يثبِّتها في تحقيق ذلك. فلا تَحِد عنهما ولا تتوانَ. إنما تُرفع الأعمال وتُقبَل عند الله بالإخلاص، أمَّا الكثرة والقلَّة فكالوابِل والطَّلِّ، الأوَّل يُضاعف الثمارَ والخيرات وهو مَثَلُ السابقين، والثاني لا يخلو من خيرٍ وهو مَثَلُ المقتصِدين. كلَّما استشعر المنفِق أن نفقته يتضاعف أجرُها وتعظُم مكانتها عند الله بحسَب نيَّته، زاده ذلك إخلاصًا وصدقًا. اعمل بإخلاص، ولا تستقلَّ عملك، فإن الله بصيرٌ بنيَّتك، ولا تغرنَّك المظاهر، فإن الله خبيرٌ بالسَّرائر. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ وَمِمَّآ أَخۡرَجۡنَا لَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِۖ وَلَا تَيَمَّمُواْ ٱلۡخَبِيثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ وَلَسۡتُم بِـَٔاخِذِيهِ إِلَّآ أَن تُغۡمِضُواْ فِيهِۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [البقرة: 267]
إن الخبيث لا يكفِّر الخبيث، فإذا خبُث كسب العبد لم تكفِّر نفقتُه من ذنوبه شيئًا، وإذا طاب كسبُه زكت نفقتُه فكفَّرت خطاياه كأنها لم تكن. كيف يبذل المرء لربِّه ما لا يَرضى ببذله لنفسه، أوَ يُهدي إلى الله ما لا يَرضى من صاحبه أن يُهديَه إليه؟! إذا أعطيتَ فليكن عطاؤك طيِّبًا من نفسٍ طيِّبة، فإن بَذلَكَ لنفسك، والله غنيٌّ عنك. |
﴿وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوۡ نَذَرۡتُم مِّن نَّذۡرٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُهُۥۗ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٍ ﴾ [البقرة: 270]
مَن أحسن في عمله فليَرجُ الثواب، ومَن أساء فلا يستنكر العقاب، ومَن أخذ عزًّا بغير حقٍّ أورثه الله ذلًّا بحق، ومَن جمع مالًا بظلم أورثه الله فقرًا بغير ظلم. يقين العبد أن الله مطَّلعٌ على قلبه، دافعٌ له إلى الحياء من أن يَهجِسَ في خاطره هاجسُ رياء، أو هاجسُ بخل، أو هاجسُ خوفٍ من فقر. في وعيد الله للظالم بأنه لن يجدَ لنفسه نصيرًا، أملٌ بأنه سبحانه وتعالى ناصرٌ المؤمن الكريم، آخذٌ بيده، ومُقيلٌ عثرته. |
﴿ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ فَلَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ﴾ [البقرة: 274]
ما أحراكَ أن تبادرَ إلى الإنفاق في كلِّ حين؛ فلا تؤخِّر نفقةَ الليل إلى النهار، ولا نفقةَ النهار إلى الليل، ولا تنتظر بنفقة العلانية وقتَ السرِّ، ولا بنفقة السرِّ وقتَ العلانية! إن رُمتَ انشراحَ صدرك، وذهابَ همِّك وغمِّك، فعليك بنجدة الملهوف، وإغاثة المحتاج، فإنها تجلو الهمَّ والحزَن عن القلب كما يجلو ضوء الصُّبح ظلمةَ الليل. |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ﴾ [البقرة: 277]
لا تكون السعادةُ بجمع المال كيفما كان، ولكن بالإيمان والعمل والإحسان. ما أحسنَ أثرَ الصلاة والزكاة والأعمال الصالحة الخالصة في ترك المعاملة بالرِّبا؛ فإن مَن صَلَحت صلاتُه وسائر طاعاته صَلَحت معاملاتُه في جميع أحواله. |
﴿لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٞ ﴾ [آل عمران: 92]
أنفق ممَّا تحبُّ، ليس من المال فحسب، ولكن من كلِّ ما تحبُّ من جاهٍ وعلم ووقت، والجودُ بالنفس أقصى غاية الجود. تخيَّر لله أنفسَ ما عندك، وأنفقه خالصًا له، فإنه سبحانه عالمٌ بمنزلته من نفسك، وعالمٌ بنيَّتك في إنفاقه. |
﴿ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ وَٱلۡعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134]
المؤمنون الصادقون هم الملتزمون بمَنهج الله في جميع أحوالهم، لا تُبطِرهم السرَّاء فتُلهيهم، ولا تُضجِرهم الضرَّاء فتُنسيهم. الإنفاق في سبيل الله من صفات المتَّقين الذين يرِثون جنَّة النعيم، وهو من أرجى ما تُطلب به الجنَّة، ويُتوسَّل به إلى المغفرة. المؤمنُ التَّقيُّ هو مَن يحبس غيظَه مع قدرته على إنفاذه؛ ابتغاء رحمة الله، ثم يرتقي بنفسه فيعفو ويصفَح؛ طلبًا لعفو الله. |
﴿وَٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَلَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۗ وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَهُۥ قَرِينٗا فَسَآءَ قَرِينٗا ﴾ [النساء: 38]
مَن يبخلُ بالإحسان شُحًّا، ومَن يجودُ به رياء، هما سِيَّان؛ فكلاهما وإن اختلف مذهبُهما في البذل والعطاء، قد اتَّفَقا على تقديم حظِّ النفس على حقِّ الله بالبذل الخالص لوجهه سبحانه. الشيطان واعظُ سوء؛ فإمَّا أن يعظَ بإمساك المال، وإمَّا أن ينصحَ بإنفاقه رياءً وسمعة، فيَحرِم المرءَ في الأولى أجرَ البذل، ويجمع له في الثانية خسارةَ المال والثواب. |
﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمۡ كُفُّوٓاْ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُمۡ يَخۡشَوۡنَ ٱلنَّاسَ كَخَشۡيَةِ ٱللَّهِ أَوۡ أَشَدَّ خَشۡيَةٗۚ وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبۡتَ عَلَيۡنَا ٱلۡقِتَالَ لَوۡلَآ أَخَّرۡتَنَآ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖۗ قُلۡ مَتَٰعُ ٱلدُّنۡيَا قَلِيلٞ وَٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلَا تُظۡلَمُونَ فَتِيلًا ﴾ [النساء: 77]
جهاد النفس مقدَّمٌ على جهاد العدوِّ، فمَن انتصر على نفسه قوِيَ على مواجهة عدوِّه. مَن استعجل الأمرَ قبل أوانه، ولم يصبر عليه أوانَ حُلوله، كان ذلك أَمارةً على أن استعجاله كان تهوُّرًا لا شجاعة. نقل الأقوالِ إلى أعمالٍ صالحة، والإراداتِ إلى أفعالٍ صادقة، من أَمارات الصدق. حين تغيب شمسُ أُمنيَّاتِ النهار، بظهور ليل الأخطار، حينئذٍ يبحث ذوو الحماسة الزائفة عن أعذارٍ تُعفيهم من المواجهة. كيف يلهو العاقلُ بمتاع قليل زائل، متناسيًا به المتاعَ الكثير الدائم؟ على أن ذلك القليل منغَّصٌ بالمكروهات! إن اشتدَّت على نفسك التكاليف، وثقُل قيدُها على قدمَي هواك، فمَنِّها بقُربِ ما تهواه من الطيِّبات، إذا صبَرَت واتَّقَت. اليقين بعدل الله تعالى وفضله يزرع في النفس الاطمئنان، فيسعى الإنسانُ إلى عمل الخير مهما قلَّ، ويوقن بأن الله لن يُضيعَ عمله، ويحذَر من كلِّ سوء مهما صغُر؛ لأن الله سيُحصيه عليه. |
﴿لَّٰكِنِ ٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ مِنۡهُمۡ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَۚ وَٱلۡمُقِيمِينَ ٱلصَّلَوٰةَۚ وَٱلۡمُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ أُوْلَٰٓئِكَ سَنُؤۡتِيهِمۡ أَجۡرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 162]
العلم الراسخ يُثمر الإيمانَ الثابت الذي يبدو في صورة عملٍ صالح، فمَن رسَخَ علمُه ثبت إيمانُه، ومَن ثبت إيمانُه حسُن عملُه. مَن أراد الأجرَ العظيم فليجمع إلى حُسن عبادته لله، إحسانَه إلى عباد الله، وليتقرَّب بالعبادات الماليَّة، كما يتقرَّب بالعبادات البدنيَّة. مَن وعدَك من البشر بأجرٍ عظيم فستطيرُ لوعده فرحًا، فكيف إذا كان الوعدُ من الله الكريم؟! |
﴿۞ وَلَقَدۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ وَبَعَثۡنَا مِنۡهُمُ ٱثۡنَيۡ عَشَرَ نَقِيبٗاۖ وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مَعَكُمۡۖ لَئِنۡ أَقَمۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَيۡتُمُ ٱلزَّكَوٰةَ وَءَامَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرۡتُمُوهُمۡ وَأَقۡرَضۡتُمُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّكُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ فَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 12]
من التدابير الحكيمة اتخاذُ نُقباءَ يكونون مرجعًا عند النزاع، ومفوَّضين عن غيرهم في جلبِ النفع ودفع الضُّرِّ من أمور الحياة. معِيَّة الله حِصنٌ حصين، ومأوًى أمين، فمَن كان الله معه فلا شيءَ يضرُّه، ولا أحدَ يُضلُّه. طاعة الله وطاعة رسوله ﷺ هي طريقُ الظفَر بمعِيَّة الله، فمَن كان أكثرَ إسراعًا في هذه الطريق كان أسرعَ وصولًا إلى تلك الغاية العُليا. علامَ يسمِّي الإنفاقَ قرضًا لولا أنه يَعِدُ بردِّه؟ أتُراه وهو الغنيُّ عن القَرض يُخلف وعدَه، ومُلكُ السماوات والأرض بيده وحدَه؟! لا ينفكُّ المسلم عن الخطأ والزَّلل، فإذا خاض غمارَ هذه الهَنات، ثم ركب قاربَ التوبة وبادر بالحسنات، فليُبشِر بغُفران السيِّئات. يا طُوبى لعبدٍ جمع الله له يوم القيامة بين حصول المحبوب، واندفاع المكروه، فنال النعيمَ الذي رجاه، وأمِنَ ما كان يخشاه! لا بدَّ من التخلية قبل التحلية، فليحرِص المؤمنُ على تكفير السيِّئات، فذلك مفتاح دخول الجنات. إنما يعظُم الكفرُ بعِظَم النعمة التي يُكفَر بها، فإن زادت النعمةُ زاد قبحُ كفرانها، فأيُّ نعمةٍ أعظم من الإيمان؟ وأيُّ كفرٍ أعظم من الكفر بها؟! |
﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَٰكِعُونَ ﴾ [المائدة: 55]
يا مَن اتخذتَ اللهَ ورسولَه وليَّين، أيليقُ بك أن تُواليَ مَن عادى ربَّك ورسولَك وإخوانَك؟ ليس الإيمانُ مجرَّدَ عنوان، ولا كلمةً تُردَّد في اللسان، بل هو اعتقادٌ وعمل يوجب نصرةَ أهله، ومناوأةَ أعدائه. أعمـالُ الإيمــان تحتـاج إلى إخــــلاصٍ وخضوع، فليس من الإيمان عُجبُ المرء بطاعته وامتثاله. |
﴿۞ وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَ جَنَّٰتٖ مَّعۡرُوشَٰتٖ وَغَيۡرَ مَعۡرُوشَٰتٖ وَٱلنَّخۡلَ وَٱلزَّرۡعَ مُخۡتَلِفًا أُكُلُهُۥ وَٱلزَّيۡتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَٰبِهٗا وَغَيۡرَ مُتَشَٰبِهٖۚ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦٓ إِذَآ أَثۡمَرَ وَءَاتُواْ حَقَّهُۥ يَوۡمَ حَصَادِهِۦۖ وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ ﴾ [الأنعام: 141]
ما دام أن اللهَ تعالى وحده هو مَن أنشأ مخلوقاتِه فلا يُؤخذ الإذنُ من غيره في حِلِّها وحرمتِها، فمَن خلقَ فله أن يُحلَّ، ويحرِّم. أيها المؤمنون، تمتَّعوا بالنِّعم التي أحلَّها اللهُ لكم، فإن هناك مَن حرَّم على نفسه ما أُبيح له من النِّعم، فجلبَ لحياته الضيقَ والنِّقَم. سبحانَ مَن بثَّ الحياةَ في الأرض ونوَّعَها، وجعلَها مناسبةً لِما تتطلَّبُه حياةُ الناس، فكيف يَذهب ناسٌ إلى تحكيم غير الله في شؤون الحياة، وهم يرون هذه الحقائقَ المبثوثةَ بين الخلائق؟! إذا أنعم اللهُ عليك نعمةً فأرِ اللهَ أثرَها فيك، وأفضِل بعد ذلك منها على غيرك، كما أفضلَ الله عليك. ما أحسنَ الإفضالَ من النعمة وأداء حقها حالَ حصولها، وعيونُ المحتاجين إليها شاخصة، ونفوسُهم بها طامعة! ما كان المسرفُ أهلًا لمحبةِ الله تعالى وهو قد خالف أمرَه، ومتى ما زاد في إسرافه سارع إلى بغضه، فأبعدُ المسرفين عن محبة الله أشدُّهم إسرافًا. القرآن يدعو إلى حفظ النعمة بتدابيرَ تبيحُ الانتفاعَ وتمنعُ الإسرافَ، فالشريعة أعظمُ مَن رعى مصالح البشر، وأزالَ عن حياتهم الضرر. |
﴿۞ وَٱكۡتُبۡ لَنَا فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِنَّا هُدۡنَآ إِلَيۡكَۚ قَالَ عَذَابِيٓ أُصِيبُ بِهِۦ مَنۡ أَشَآءُۖ وَرَحۡمَتِي وَسِعَتۡ كُلَّ شَيۡءٖۚ فَسَأَكۡتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِـَٔايَٰتِنَا يُؤۡمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 156]
ما أجملَ أن يجمعَ المسلم في دعائه بين خيرَي الدنيا والآخرة! فمَن نال نعيمَ الدنيا ونعيمَ الآخرة فقد نال خيرًا كثيرًا. مَن رامَ حسنةَ الدنيا والآخرة فعليه بالتوبة والإنابة، والرجوع إلى الله جلَّ وعلا. ما أحسنَ الدعاءَ إذا افتُتِح بطلب مغفرة الله ورحمته، والتسليم لأمره، والاعترافِ بحكمته من ابتلائه، واختتامِه بإعلان الرجعة إلى بابه والتوبة إليه! كمال الرحمةِ لا يفوز بها إلا مَن أكمل مُوجباتِها من الإيمان والعمل الصالح. ما من مسلمٍ ولا كافر إلا وعليه في هذه الدنيا من آثار رحمة الله ما بها يعيش ويتقلَّب، لكن رحمة الله في الآخرة خاصَّة بالمؤمنين، فلا حظَّ فيها لكافر. سبحان مَن وسعَت رحمتُه كلَّ شيء! إنها أوسعُ من الكون العظيم الفسيح الذي خلقه الله، والذي لا يُدرك البشرُ مداه. إذا أردتَّ رحمةَ الله فسارع إلى توحيده وطاعته، فإن الإشراك ومنعَ الزكاة وسائرَ المعاصي تحولُ بينك وبين ما أردتَّ، واجتهد في رحمة الخلق؛ فالراحمون يرحمهم الرحمن. دوام نَيلِ رحمة الله مرهونٌ بتجديد الإيمان، وزيادة الطاعة، وقلَّة العصيان. |
﴿ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴾ [الأنفال: 3]
لا بدَّ للإيمان من صورةٍ عمليَّة واقعيَّة يتجلَّى فيها، ليُثبَتَ حضورُه ويُكشفَ عن حقيقته. اقتران الصلاة بالزكاة، والثناءُ على فاعليهما، دليلٌ على أن قيام مصالح الدارَين عليهما، وأنه لا فلاحَ لمَن أخلَّ بهما. المال مالُ الله، فمَن أنفقَ منه فمن رزق ربِّه بذَل، ومن نعمتِه أعطى، فليس له حينئذٍ أن يُعجَب ويَمُنَّ. |
﴿فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلۡأَشۡهُرُ ٱلۡحُرُمُ فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ وَخُذُوهُمۡ وَٱحۡصُرُوهُمۡ وَٱقۡعُدُواْ لَهُمۡ كُلَّ مَرۡصَدٖۚ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ﴾ [التوبة: 5]
على المسلمين اليقظةُ في معاملة العدوِّ، وحراسةُ المراصد التي يُخشى تسلُّلُ الأعداء منها، فليس أخو الحاجات مَن بات نائمًا. التوبة النصوح مَطهرةٌ عامَّةٌ لكلِّ ذنب، فمَن امتلأت صفحتُه أذًى ومحاربة، وفتنةً ومخالفة، فليتُب إلى ربِّه، وليستقِم على شريعته. لقد جعل اللهُ في التوبة والصلاة والزكاة مخرجًا لمَن ضُيِّقت عليه الخيرات، وأُلقيَ في صنوف الآفات. فضيلةٌ ظاهرةٌ للصلاة والزكاة في حفظ دماء الناس وأموالهم، فما أعظمَ أن تُراعى حرمةُ المصلِّين المُزكِّين! إن التوبة لا تكون توبةً مقبولة حتى يُبرهَنَ عليها بأعمالٍ صالحة تدلُّ على صدق صاحبها. ينال التائبون مغفرةَ الله رحمةً منه بهم، لا بمجرَّد عملهم؛ فالحمد لله على رحمته. |
﴿فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِۗ وَنُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ ﴾ [التوبة: 11]
من أعظم المصالح الدنيوية للتوبة من ملَّة الكفر أن يصبحَ التائبُ أخًا للمسلم، له ما له وعليه ما عليه، أُخوَّة باقية ما بقي الإيمان. إقامة الصلاة أداءٌ لحقِّ الخالق، وإيتاءُ الزكاة أداءٌ لحقِّ المخلوق، وبهما يقوى عودُ الأخوَّة، وتبسُق فروعُها. إن منهاجَ التعامل مع الكافر بيِّنٌ مفصَّل، لا يَعمى إلا على أصحاب التصوُّرات الخاطئة عن حقيقة الدين، أو حقيقة الكافرين. |
﴿إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ ﴾ [التوبة: 18]
تعاهُد المساجد ودوامُ ملازمتها بالطاعة تشهد على إيمان المرء، كما تعينُه على تجويد صلاته، وتسهِّل عليه بذلَ ماله، وتغرس فيه تقديمَ مُرادِ الله وخشيته على كلِّ مُراد. المساجد بيوتُ الله، فلا يحقُّ أن يُدعى فيها سواه، فمَن دعا فيها صالحًا أو وليًّا واستغاث به، فقد تعدَّى على ربِّه في بيته، وهذا من أبشع سوء الأدب مع الله تبارك وتعالى. ربَط الله عِمارةَ المسجدِ بالإيمان، فمَن عمَر المساجدَ فلنُحسِن به الظنَّ، حتى يَظهرَ منه خلافُ ذلك. لا تجعل خشيتَك إلا من الله سبحانه؛ فهو الذي بيده الأمر كلُّه، ولن يستطيعَ العباد نفعَك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولا ضَرَّكَ إلا بشيء قد كتبه الله عليك. |
﴿وَمِنۡهُم مَّن يَلۡمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ فَإِنۡ أُعۡطُواْ مِنۡهَا رَضُواْ وَإِن لَّمۡ يُعۡطَوۡاْ مِنۡهَآ إِذَا هُمۡ يَسۡخَطُونَ ﴾ [التوبة: 58]
المنافقون لا يحبُّون سدَّ فاقة المحتاجين، ولا الأجرَ للمُنفقين؛ فلذلك لا يعظِّمون شأنَ الزكاة، بل يطعُنون في قِسمتها، فإن أصابوا منها سكتوا عن إعلان طعنهم. مَن تعلَّق بغير الله؛ فكان رضاه بحصول مَطلَبه، وسخَطُه بضياعه وفقده، فإنما يعبُد بذلك هواه. |
﴿۞ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۖ فَرِيضَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ ﴾ [التوبة: 60]
الزكاة فريضة تعبُّدية في هيئة خدمة اجتماعيَّة، بها يرتبط العبدُ بخالقه، وبها تمتدُّ جسورُ الصلة بينه وبين أفراد جنسه. شريعة الله منظِّمةٌ لشؤون الدنيا والدين، فهي تُعينُ المحتاجين، وتساعد على إنجاح مشاريع المُصلحين، وترفع بالمال راياتِ الجهاد بين العالَمين. لو عمل الناسُ بنظام الإسلام التكافليِّ لما أكل بعضُهم أموالَ بعض من خلال القوانين الوضعيَّة، كما هي شرائعُ الأرض الظالمة. الزكاة تشريعُ حكيمٍ عليم؛ فإنها إذا أُخذت كما ينبغي وصُرفت كما ينبغي، صارت مصلحةً عظمى للفرد والجماعة. |
﴿ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتُ بَعۡضُهُم مِّنۢ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمُنكَرِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَقۡبِضُونَ أَيۡدِيَهُمۡۚ نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمۡۚ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ﴾ [التوبة: 67]
لمَّا كانت غايةُ المنافقين واحدة، وطريقُهم إليها متَّحدة، تشابهوا في الخِصال الذميمة، والأوصاف النفسيَّة الخبيثة التي لا يليقُ أن يكونَ صاحبُها جزءًا من المجتمع المسلم. النفاق بيتُ السوء والبلايا؛ فطبعُ المنافقين سوءُ الطويَّة، واللؤمُ والأذِيَّة، والاستهزاء والجُبن، أمَّا سُلوكُهم فأمرٌ بمنكر، ونَهيٌ عن معروف، وبُخلٌ وشُحٌّ. يحسِّنُ المنافقون المنكرَ ويشوِّهون المعروف، ويقبِضون أيديَهم عن الخيرات ويَبسُطونها في الشرِّ والسوء. لقد جنَوا على أنفسهم جِنايةً عظيمة، حيث نَسُوا الذي هو أعظمُ وأكرم، ومنه كلُّ شيء، فحرمَهم هدايتَه وتوفيقَه ورحمته. فِسقُ المنافقين أعظمُ من فسق غيرهم، وإن استتروا عنه بجِلباب الصلاح، ولذا كان عذابُهم أشدَّ من عذاب غيرهم. |
﴿وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ ﴾ [التوبة: 71]
المؤمنون بإيمانهم كالجسد الواحد، يُوالي بعضُهم بعضًا في تحقيق الخير ودفع الشرِّ، وإحياءِ التضامُن والتكافل فيما بينهم. ليست وظيفةُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاصَّةً بالرجال، بل على النساء أن يأمُرنَ بالمعروف ويَنهَينَ عن المنكر في إطارهنَّ المشروع. من أخصِّ أوصاف المؤمنين، وأقواها دَلالةً على صحَّة عَقدهم، وسلامةِ سريرتهم: أنهم يأمرون بالمعروف وينهَون عن المنكر. من تمام الموالاة بين المؤمنين القيامُ بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونُصرة مَن يقوم بذلك والذبُّ عنه. الصلاة والزكاة رُكنانِ عظيمان يقوم عليهما عمودُ الإيمان، أحدُهما يتعلَّق بالأموال، وثانيهما بالأبدان. ما قام المنافقُ إلى الصلاة إلا ورافقَه الكَسَل، ولا طُلبت منه الزكاةُ إلا ومنعَه البَخَل. مَن أنكر وجوبَ طاعة النبيِّ ﷺ زاعمًا الاكتفاءَ بالقرآن، فقد خلع رِبقةَ الإيمان. إن دخول الجنَّة كائنٌ برحمة الله التي لا تُنال بالرجاء الخالي من الأعمال، بل تُنال بتوفيقِ الله عبدَه لصالح الأفعال والأحوال. رحمة اللهِ بعبده المؤمن لا تقتصر على الآخرة، بل تكون في الدنيا، في اطمئنان القلب واتصاله بالله، والرعايةِ والحماية من الفتن. |
﴿۞ وَمِنۡهُم مَّنۡ عَٰهَدَ ٱللَّهَ لَئِنۡ ءَاتَىٰنَا مِن فَضۡلِهِۦ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ﴾ [التوبة: 75]
عَقدُ القلب على وعد الطاعات يحتاج إلى وفاء، فمَن صَدَق عَقَد ووفَّى، ومن كذَب عَقَد وأخلف من غير عُذر. |
﴿ٱلَّذِينَ يَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِينَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ وَٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ فَيَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 79]
أصحاب النفوس الطيِّبة والنيَّاتِ الصالحة يحبُّون الخيرَ ويشجِّعون أهلَه، وذوو النفوس السيِّئة والطَّوايا الخبيثة، يكرهون الخيرَ ويثبِّطون ذويه، ويسخَرون من صنائعهم الحسَنة. إن ربَّنا الكريمَ يغار لأوليائه من أذى أعدائه، فلمَّا سخِروا منهم جازى الساخرين بسُخرِيَّته، وعذابه. |
﴿وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَٰتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَٰتِ ٱلرَّسُولِۚ أَلَآ إِنَّهَا قُرۡبَةٞ لَّهُمۡۚ سَيُدۡخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحۡمَتِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ﴾ [التوبة: 99]
الإيمانُ بالله واليوم الآخرِ هو ما يبعثُ المؤمنَ على الإنفاق في مراضي الله، وليس خوفُ الناس ولا الرغبةُ في مديحهم. إذا عدَّ بعضُ الناسِ النفقةَ في سبيل الله خَسارة، فهناك من عِباد الله من يَعدُّها أربحَ تجارة. ليس من أدب القرآن تعميمُ الناسِ بالأحكام بلا دليل، ولكنَّ منهم من يَشمَلُه الحُكم، ومنهم من ليس كذلك، فما أجملَ الإنصاف! ما أعظمَ بشرى المؤمنين المتصدِّقين المخلصين بأن رحمةَ اللهِ ستغمرُهم، وتحيطُ بهم من كلِّ جانب! |
﴿خُذۡ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنٞ لَّهُمۡۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 103]
إذا كانتِ الصدقةُ أوساخَ الناسِ فإن في أخذها من المتصدِّق تطهيرًا له من تلك الأوساخ، وتزكيةً له ليبلغ الكمالات. من رحمة الله تعالى بعبده أن جعل له من أعماله الصالحة ما تُمحى به أعمالُه السيِّئة، فمَن تدنَّس بذنبٍ فعليه المبادرةُ إلى عملٍ صالح يمحوه؛ فالحسنات يُذهبنَ السيِّئات. من الأخلاق الحسنة: أن تشجِّعَ العاملين للطاعات، فلو رأيتَ مُنفقًا فاجعل له من دعائك نصيبًا، لعلَّه يستمرُّ على طاعته. ما أبردَها على الكبدِ، وأطيبَها في النفس أن تُدخِلَ السرورَ على قلب أخيك بكلمة حسنة طيِّبة! |
﴿أَلَمۡ يَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقۡبَلُ ٱلتَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِۦ وَيَأۡخُذُ ٱلصَّدَقَٰتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 104]
ليس قَبولُ التوبةِ بيد أحدٍ من الخلق، وإنما هي بيد الخالق تعالى، فلا تطلبها إلا منه، ولا تقصِد بها سواه. ما أشرفَ طاعةَ الصدقةِ بين الطاعات! يأخذُها الله تعالى، ويأمرُ رسولَه الكريم ﷺ بأخذها. لِيَجِدَّ المذنبون في الأوبة، وليستبشرِ التائبون بربٍّ كريم كثيرِ التوبة، عظيمِ الرحمة، جلَّ شأنه. |
﴿وَٱلَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ رَبِّهِمۡ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ وَيَدۡرَءُونَ بِٱلۡحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عُقۡبَى ٱلدَّارِ ﴾ [الرعد: 22]
لا يُحمَدُ على الصبرِ عند اللهِ مَن لم يكن صبرُه في سبيلِه، وابتغاء وجهِه تعالى. مَن صبرَ على مصيبته كانت نعمةً في حقِّه؛ لأن الصبرَ شفاءٌ لنفسه، وزيادةٌ في حسناته، ومَن جزعَ جمعَ مصيبتين: مرارةَ المصيبة، وذهابَ الأجر وحصولَ الإثم. صبرًا على فعلِ العبادات، وعلى بذلِ المالِ في الطاعات، فمَن صبرَ فبعقبى الدارِ ظَفِر. مَن يقابل المسيءَ بالإحسان؛ فيعطي مَن حَرَمه، ويعفو عمَّن ظلمَه، ويَصلُ مَن قَطعَه، فكيف سيعامِلُ مَن أحسنَ إليه؟! |
﴿جَنَّٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَأَزۡوَٰجِهِمۡ وَذُرِّيَّٰتِهِمۡۖ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ يَدۡخُلُونَ عَلَيۡهِم مِّن كُلِّ بَابٖ ﴾ [الرعد: 23]
ما أسعدَ تلك اللحَظاتِ التي يلتقي فيها الصالحون بأهليهم وذراريهم في جناتِ النعيم! فيجتمعُ الشملُ بعد الغياب، وتمتلئُ خيمةُ الحُبِّ بالأحباب. إنها لدار عظيمة، يزورُ أهلَها بالتهنئة رسلُ المَلِك العزيز سبحانه، فيَأنَسون بهم، ويفخرون بنزولهم عليهم كل مرة. |
﴿قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا بَيۡعٞ فِيهِ وَلَا خِلَٰلٌ ﴾ [إبراهيم: 31]
إذا تمتَّعَ الكافرون في حياتهم بما يشتهون من الحرام فإن أهلَ الإيمان متمتعون بالقرب من الله بفعلِ طاعاته، فيَسعَدون بصلتهم من الخالق، ومن المخلوقين، وبذلك يغنمون الدنيا والآخرة. جميلٌ بك أيها المُنفِقُ أن تصونَ كرامةَ الفقراء حين تُنفقُ عليهم سرًّا، وأن تكون قدوةً طيبة للمجتمع حين تنفقُ علانيةً، فانظر المصلحة وقدِّرها. إذا كنتَ تريدُ الاتِّجارَ في سوقِ الآخرة فتعامل مع الله، وإن كنتَ تُحبُّ بقاءَ الألفة، فأحبَّ في الله ولله. |
﴿وَإِمَّا تُعۡرِضَنَّ عَنۡهُمُ ٱبۡتِغَآءَ رَحۡمَةٖ مِّن رَّبِّكَ تَرۡجُوهَا فَقُل لَّهُمۡ قَوۡلٗا مَّيۡسُورٗا ﴾ [الإسراء: 28]
مَن لم يكن عنده مالٌ يَجبُر به خاطرَ الفقير، فليُسعِد قلبَه بالقول الجميل. لا تظُنَّ أن الصدقة محصورةٌ بتقديم المال، فالقولُ الليِّن والكلمةُ الطيِّبة صدقةٌ أيضًا. لا ينبغي أن تكونَ قلَّة الرزق مدعاةً لراحة النفس من البذل، بل يرجو المُعسر ربَّه أن يُفيضَ عليه حتى يبلغَ فضيلةَ الإنفاق في سبيله. |
﴿فَأَرَدۡنَآ أَن يُبۡدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيۡرٗا مِّنۡهُ زَكَوٰةٗ وَأَقۡرَبَ رُحۡمٗا ﴾ [الكهف: 81]
هلَّا أحسنتَ الظنَّ بربِّك إن أخذ منك ما تحب، فلعله ادَّخر لك خيرًا مما أخذ منك. |
﴿وَحَنَانٗا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَوٰةٗۖ وَكَانَ تَقِيّٗا ﴾ [مريم: 13]
حين يتحنَّن الله تعالى عليك، يهبك من الحكمة والفهم والنقاء والصفاء ما يشاء؛ فاستوجب رحمتَه تَنل بفضله مِنَّته. النفسُ لولا الزكاة الموهوبة من الله جانحةٌ إلى التلطخ بسواد الشهوات والشبهات، فادعُ الله: اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير مَن زكاها، أنت وليها ومولاها. |
﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيۡنَ مَا كُنتُ وَأَوۡصَٰنِي بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمۡتُ حَيّٗا ﴾ [مريم: 31]
داوِم على الصلاة مدةَ حياتك؛ فهي وصية الله لعيسى كلمِته، وآخرُ وصية نبيك محمد لأمته. مَن كانت الصلاةُ والزكاة من لوازم سيرته كما يحب الله، فيُرجى منه الصلاح والعدالة والصدق؛ لأن بهاتين العبادتين صلاحَ علاقة العبد مع خالقه، ومع بني جنسه. |
﴿وَكَانَ يَأۡمُرُ أَهۡلَهُۥ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِۦ مَرۡضِيّٗا ﴾ [مريم: 55]
قال الحسن: (مَن كان له واعظٌ من نفسه كان له من الله حافظ، فرحم الله من وعظ نفسه وأهله، فقال: يا أهلي؛ صلاتَكم صلاتكم، زكاتَكم زكاتكم، مساكينَكم مساكينكم؛ لعل الله أن يرحمكم يوم القيامة؛ فإن الله عز وجل أثنى على عبد كان هذا عمله). |
﴿وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِمۡ فِعۡلَ ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَوٰةِۖ وَكَانُواْ لَنَا عَٰبِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 73]
إنما تكون الهدايةُ بأمر الله، لا بآراءِ العِباد، وإن جلَّت أقدارهم. الإمام الحقُّ مَن كان الوحيُ مصدرَه، والخيرُ عملَه، وأداء حقِّ الله وحق المخلوقين ديدنَه. أشرفُ العبادات البدنية الصلاة، وقد شُرعت لذكر الله، وأشرف العبادات المالية الزكاة، وبهما يكون التعظيمُ لأمره، والشفقةُ على خلقه. أسبغَ عليهم نعمَه، وأسبل عليهم إحسانه، فشكروه على إنعامه وإحسانه بأن كانوا على عبادته ثابتين، وإلى خلقه محسنين، فنعمَ ما أُتُوا، ونعم ما أَتوا. |
﴿ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَٱلصَّٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمۡ وَٱلۡمُقِيمِي ٱلصَّلَوٰةِ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴾ [الحج: 35]
من صفات المُخبِتين الوجَل عند ذكر الله عزَّ وجل، وذلك يقتضي معرفتَهم بعظيم شأنه، واستشعارهم تقصيرَهم في جنبه، وبُعدهم عن العُجب بما هم عليه. إذا أردتَّ البشرى فأحسن ببارئك الظنون، ولا تتبرَّم من أقداره فيك؛ فإنه بحكمته يبتليك فيصطفيك. حين لم يتمكَّن حبُّ الدنيا من قلوب المخبتين ظلُّوا بين العباد منفقين، غيرَ بخلاء بما رُزقوا؛ لعلمهم أن المال ماله، والفضل فضله. |
﴿ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡاْ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ ﴾ [الحج: 41]
للنصر تكاليفُه وأعباؤه حين يأذَن الله تعالى به بعد استيفاء أسبابه وأداء ثمنه، وتهيُّؤ الجوِّ حوله لاستقباله واستبقائه. الأمَّة المسلمة على الحقيقة لا تُبقي على منكر وهي قادرةٌ على تغييره، ولا تقعد عن معروف وهي قادرةٌ على تحقيقه. عامَّة أهل الإسلام يصلُّون ويزكُّون، لكنَّ الموعودين بالنصر منهم هم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر. العاقبة الحسنةُ للمتَّقين، والنصر هو موعودُ المؤمنين، ولكن قد يُجعل للشيطان حظٌّ في البادئة ليتبيَّن الصادقَ من الكاذب، والمُزلزَل من الثابت، فالمؤمن الصادق موقن، وغيره متشكِّك. |
﴿وَجَٰهِدُواْ فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِۦۚ هُوَ ٱجۡتَبَىٰكُمۡ وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمۡ إِبۡرَٰهِيمَۚ هُوَ سَمَّىٰكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ مِن قَبۡلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيۡكُمۡ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِۚ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱعۡتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ فَنِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِيرُ ﴾ [الحج: 78]
ختمُ هذه السورة بالأمر بالمجاهدة هو كالتنبيه على أن السلامة من أهوال القيامة، وأن أداء الواجبات في الحجِّ والهجرة، لا بدَّ لها من مجاهدة. يا مَن خصَّه الله تعالى بالتكليف، لقد حظيت بأعظم تشريف، أوليس قد اختارك مولاك لخدمته، والاشتغال بطاعته، فأيُّ رتبة أعلى من هذه الرتبة؟ مَن اعتقد أن فيما أمر الله به مثقال ذرة من حرج، فقد كذب الله ورسوله، فكيف بمن اعتقد أن المأمور به قد يكون فسادًا وضررًا لا منفعة فيه ولا مصلحة لنا؟! مَن اعتذر عن الإسلام بتقليده دينَ الآباء؛ أفلا كان اقتدى بأبيه إبراهيمُ عليه السلام الذي أعلن التوحيدَ وكسر الأصنام؟ ليس من الإسلام الافتخارُ بغيره من نسب أو بلد، أو جنس أو مذهب، أو طريقة أو انتماء آخر. على تتابع الأجيال والرسل والرسالات، كانت الأمة المسلمة ذات منهج واحد، وهو إسلام الوجه والقلب لله تعالى وحده، لا شريك له. بالصلاة تتوثق العلاقة بين العبد وربِّه، وبالزكاة تتعمق صلته بأفراد جنسه، وبالاعتصام بالله تعالى تتوحد الأمة على المنهج الربَّاني. كمالُ النصرة على العدو بحسب كمال الاعتصام بالله تعالى. إذا تولى الله تعالى عبدًا كفاه، وإذا نصر أحدًا أعلاه، ومَن أراد تلك الوَلاية فليُقِم الصلاة، وليؤت الزكاة. |
﴿وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِلزَّكَوٰةِ فَٰعِلُونَ ﴾ [المؤمنون: 4]
بالزكاة يتطهَّر المرء من الشحِّ، ويستعلي على حبِّ الذات، وينتصر على الشيطان الذي لا ينفك يوسوس بالفقر، وبها يدلِّل على ثقته بما عند الله تعالى. |
﴿رِجَالٞ لَّا تُلۡهِيهِمۡ تِجَٰرَةٞ وَلَا بَيۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَوۡمٗا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَٰرُ ﴾ [النور: 37]
كان الصحابة رضي الله عنهم يمارسون التجارة والصفق في الأسواق، غير أن فرائض الله تعالى متى حضرت فلا يَشغَلهم عنها شيء. المؤمن لا تُلهيه عن عبادته تجارةٌ مهما أربحت، ولا صفقةُ بيع مهما أغرت. حقٌّ على كل عاقل أن يخاف يومًا تضطرب فيه الأبصار والقلوب عن مواضعها من شدة الخوف والوجل، كما يتقلب المرء في مكانه. امتلاء القلب رهبةً من أهوال الآخرة يدفع صاحبه إلى الإكثار من ذكر الله تعالى والصلة به، وترك الانشغال بلهو الدنيا، والانشغال بما يؤمِّن الإنسانَ يوم الفزع الأكبر. إن انصراف المرء إلى ملهيات الحياة، تاركًا بذلك حقَّ الله يدل على أنه قليل الخوف من يوم القيامة، ولو أن ذلك اليوم العظيم حاضرٌ في قلبه لصرفه عن ذلك اللهو. |
﴿وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ ﴾ [النور: 56]
لن تعِزَّ الأمة إلا بإيمانها وعملها الصالحات، وأعظم تلك الأعمال إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة. لا يتِمُّ صلاح العمل إلا إذا كان موافقًا لما أمر به رسولُ الله ﷺ، وإلا فهو مردودٌ على صاحبه. مَن عمل بأسباب رحمة الله تعالى من صلاة وزكاة واتباع رحمَهُ اللهُ في الأرض من الفساد والخوف والضلال، وفي الآخرة من الغضب والعذاب والنكال. |
﴿وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمۡ يُسۡرِفُواْ وَلَمۡ يَقۡتُرُواْ وَكَانَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ قَوَامٗا ﴾ [الفرقان: 67]
عباد الرحمن عقلاءُ حكماء في الإنفاق، لا يتأثَّرون بدوافع البذل من أهواءٍ وعواطفَ فيُسرفوا، ولا يتأثَّرون بدوافع الإمساك من بخلٍ وخوف من الفقر فيقتِّروا. |
﴿ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ﴾ [النمل: 3]
المهتدون بالقرآن يؤدون صلاتهم على الدوام، ولا يقصرون في الحفاظ على ما وجب فيها. الإيمان بالآخرة يصدُّ المؤمن عن جموح الشهوات، ويغمُر روحه بتقوى الله وخَشيته، ويجعله يستحيي من الوقوف بين يديه موقفَ العاصي. |
﴿وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن رِّبٗا لِّيَرۡبُوَاْ فِيٓ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ فَلَا يَرۡبُواْ عِندَ ٱللَّهِۖ وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن زَكَوٰةٖ تُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُضۡعِفُونَ ﴾ [الروم: 39]
مَن يبسط الرزق ويقبِض، ويعطي ويمنع، وَفْقَ مشيئته هو مَن يبيِّن للناس الطريق الذي تَربو أموالهم فيه وتربح. العبرة بقصد المنفق لا بإنفاقه، فمَن أنفق جميعَ أمواله رياءً وتفاخرًا فلا فلاح له، ومَن أنفق القليل مُريدًا به وجهَ الله تعالى تقبَّله منه. لو أيقن العبد بأن صدقته تقع في كفِّ الرحمن فيربِّيها له، ويثيبه عليها؛ لذهب كثيرٌ من شحِّ النفوس، وإرادة غير وجه الله في العطاء. |
﴿ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ﴾ [لقمان: 4]
لا يكون العبد محسنًا ما لم يأتِ بأفضل الحسنات، من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، واليقين بالآخرة. |
﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمۡ عَنِ ٱلۡمَضَاجِعِ يَدۡعُونَ رَبَّهُمۡ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴾ [السجدة: 16]
ينتظر المحبُّ ساعات الليل ليخلوَ عن شواغل الدنيا كلِّها بربِّه، ويتفرَّغَ للأنس به، وتذوُّق حلاوة مناجاته والتنعُّم بقربه، مغتنمًا سعادةً لا يعرفها إلا مَن هجر فراشه لعبادة خالقه. مهما أغرت المضاجع قومًا بالرقود والراحة ولذيذ المنام، فإن قومًا آخرين يقاومون تلك الإغراءات طمعًا بما هو خير لهم وأطيب. كم من تقصير للعبد يوجب عليه الخوف من عواقبه، ويدعوه إلى تلمُّس الفضل من الله تعالى والطمع بما عنده! لم يغتروا بعملهم ويَركَنوا إلى ركعاتهم والناس في سباتهم، بل جمعوا إلى العمل العظيم الخوفَ من الله وعقابه، والرجاء في قبوله وفضله. إن دعتك نفسك إلى النوم فادعُها إلى لذَّة القيام والمناجاة، وإن أغرَتك بجمع المال فعرِّفها لذَّة الإنفاق. |
﴿وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا ﴾ [الأحزاب: 33]
إن في مُكث المرأة في بيتها وعدم خروجها لغير حاجة راحةً لنفسها، وانشراحًا لقلبها، واستقرارًا لها ولمجتمعها. البيت حِصن المرأة الحَصان، ومكمن الاطمئنان والأمان، ومهد الجمال والسناء، ومعهد النقاء والعفة. التبرُّج من مخلَّفات الجاهليَّة التي يرتفع عنها مَن ارتفعت تصوُّراته ومشاعره عن تصوُّرات الجاهليَّة ومشاعرها. ما أوثقَ العَلاقةَ بين العبادة والخُلق الحسن! ألا ترى كيف كانت الأوامرُ بالطاعات لآل البيت الكرام خاتمةً للتوجيهات الأخلاقيَّة؟ نساء النبيِّ ﷺ من أهل بيته، وما دُعينَ إليه من أدب السماء يُناسب مقامهنَّ، ويتلاقى مع انتسابهنَّ إليه ﷺ. |
﴿قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُ لَهُۥۚ وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَهُوَ يُخۡلِفُهُۥۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلرَّٰزِقِينَ ﴾ [سبأ: 39]
يا صاحبَ المال، أنفق ولا تخشَ من ذي العرش إقلالًا، فإن الرزق بيده يوسعه ويضيِّقه، ولن يُفقرَك إنفاقك في سبيله وبَذلُك في مرضاته. لا يُبسَط الرزق لامرئٍ لذكائه وكرامته، ولا يُضيَّق عليه لغبائه وهوانه، بل ذلك يرجع إلى علم الله وحكمته؛ فكم من ذكيٍّ يعيش في أحضان الفقر، وسواه في أثواب الغنى مختال. المؤمن بربِّه، الموقن بوعده، المصدِّق بكلامه، لا يبخل عن الإنفاق وقد أخبره الله بأن ما أنفقه من أجله فإنه سيعوِّضه في الدنيا بالبدل، وفي الآخرة بالثواب. ما أهونَ الإنفاق على مَن يعلم أن الله تعالى يرضى عنه ما تصدق، ويخلف عليه نفقته عاجلًا أو آجلًا! خالق الرزق وخالق أسبابه التي ينتفع بها المرزوق هو مَن بيده رزق عباده، فاطلب الرزق منه وحده، ولا يتعلق قلبك بسواه. يرزق الله تعالى مَن يطيعه ومن يعصيه، ولا يَشغَله فيه أحدٌ عن أحد. |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ يَرۡجُونَ تِجَٰرَةٗ لَّن تَبُورَ ﴾ [فاطر: 29]
محافظة المرء على تلاوة القرآن، وتتابع قراءته له، تثمر ثناء الله تعالى على صاحبه. إن التجارة الرابحة أن يداومَ المسلم على تلاوة القرآن، وإقامة الصلاة التي يظهر أثرُها في القلب والجوارح، وإنفاق المال فيما يحب الله تعالى في السرِّ والعلانية. مَن أراد الخير من ربِّه فليُخلص له عمله ويوجِّه إليه قصده في قراءته وصلاته وإنفاقه وسائر أعماله الصالحة، فذلك الذي يبيع لله، فما أعظمَ ربحَه! |
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنُطۡعِمُ مَن لَّوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطۡعَمَهُۥٓ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ ﴾ [يس: 47]
علامَ يقبِض المرء يدَه عن الإنفاق في سبيل الله؟ أما علم أن المال مالُ الله أودعَه عنده لينظرَ فيما يُنفقه؟! لا يكتفي أهل الباطل بالمضيِّ قدُمًا في باطلهم حتى يزوِّروا الحقائق، ويَصِموا المصلحين المخلصين بالضلال المبين! فليصبروا وليحتسبوا. |
﴿ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ ﴾ [فصلت: 7]
التواضع يرفعُك عند الله، ويقرِّبك من عباد الله، أوَليس لك قُدوة في رسول الله؟ لقد علَّمه ربُّه التواضعَ، ورفعه به مكانًا عليًّا، فما أحسنَ حالَ الداعية حين يتواضع في ردِّه على المخالفين، ويخاطبهم بمنطق الفطرة، ويبيِّن لهم الحقَّ المبين. الاستقامة على أمر الله لا تكــون إلا بنقــاء التوحيـد وإخلاص العبادة، ثمَّ الاستغفار لما قد يشوب العملَ من قصور، وما يصيب صاحبَه من فتور. عن قَتادة قال: (كان يُقال: الزكاة قنطرةُ الإسلام، مَن قطعها واجتازها فقد برئ ونجا، ومَن لم يقطعها فقد خسر وهلَك). مَن أيقن بزوال الدنيا وفنائها، وخلود الآخرة وبقائها، لم يمنع حقًّا أوجبه الله عليه، بل جعل من أدائه له طُهرةً لنفسه، ونماءً لإيمانه وإخلاصه. |
﴿وَفِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ ﴾ [الذاريات: 19]
يا لها من مرتبةٍ رفيعة؛ أن يفرضَ المرء على نفسه البذلَ عن طيب خاطر؛ رجاءَ ما عند الله! من كمال الكرم والسَّخاء، تحرِّي الفقيرَ المتعفِّفَ الذي لا يسأل الناسَ لشدَّة الحياء. |
﴿ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِينَ فِيهِۖ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَأَنفَقُواْ لَهُمۡ أَجۡرٞ كَبِيرٞ ﴾ [الحديد: 7]
من ثمرات الإيمان الصحيح الصادق الإنفاقُ في سبيل الله، فهو يحملُ صاحبَه على السَّخاء والعطاء، ليقينه أنَّ ما عند الله خيرٌ وأبقى. كيف لك أن تبخلَ أيها المسلم، وما بيدك من مالٍ ومتاع هو لله تعالى وصائرٌ بعدك إلى من يرثُك؟ فادَّخِر منه لآخرتك تسلَم. ما أكرمَكَ ربَّنا وأجزلَ فضلَك! مننتَ علينا بالمال من لدُنْك، وحثَثتَنا على الإنفاق منه في سبيلك، ثم كافأتنا عظيمَ المكافأة على إنفاقه، وما هو إلا منكَ وإليك. |
﴿إِنَّ ٱلۡمُصَّدِّقِينَ وَٱلۡمُصَّدِّقَٰتِ وَأَقۡرَضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعَفُ لَهُمۡ وَلَهُمۡ أَجۡرٞ كَرِيمٞ ﴾ [الحديد: 18]
من علامات صدق الإيمان، سخاءُ النفس بالبذل والإحسان. أبواب البِرِّ مفتَّحةٌ للرجال والنساء على سَواء، ومن أرحبها بابُ الصدقة، فاحرِصي أيتها المسلمةُ عليها، فإنَّ أجرها كريم، من ربٍّ عظيم رحيم. |
﴿ءَأَشۡفَقۡتُمۡ أَن تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَٰتٖۚ فَإِذۡ لَمۡ تَفۡعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ ﴾ [المجادلة: 13]
النفوس شديدة التعلُّق بالمال والحرص عليه، ومن رحمة الله تعالى بخَلقه أن خفَّفَ عنهم التكاليفَ في المال وأوجبَ القليل فيه. الصلاةُ والزكاة هما أمُّ العبادات البدنيَّة والماليَّة، فمَن أدَّى حقَّهما فقد أدَّى حقَّ الله وحقَّ عباده. إقامة الصلاة لا تكون بمجرَّد فعلها، ولكن بالمثابرة عليها وتوفيتها حقَّها ورعاية كمالها. |
﴿وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقۡنَٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوۡلَآ أَخَّرۡتَنِيٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ﴾ [المنافقون: 10]
قال ابنُ عبَّاس رضي الله عنهما: (تصدَّقوا قبل أن ينزلَ عليكم سلطانُ الموت فلا تُقبَل توبةٌ ولا ينفع عمل). أدِم ذِكرَ هاذم اللذَّات، فإنه أحرى أن يشجِّعَكَ على الإنفاق في سبيل الله تعالى؛ إذ ليس للإنسان إلا ما تركَ من صالحات. لولا عِظَمُ الصدقة ومكانتُها عند الله لما كان أولَ ما يرجو العبدُ لو أُتيح له الرجعةُ إلى الدنيا أن يتصدَّق. كل يوم تُشرق عليك فيه الشمس وأنت حيٌّ هو منحةٌ جديدة لك لاستدراك ما فاتَك، والتوبة عمَّا اجترحَت يداك، فهل من مُعتبر؟! مَن ذا الذي يعلم يقينًا ماذا بقيَ له من عمُر وعمل؟ فلا تقعد مهما تقدَّمَت بك السنُّ أو غلبك الضعفُ والمرض عن عملٍ صالح تُلاقي به مولاك. |
﴿وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِذَا جَآءَ أَجَلُهَاۚ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 11]
قال ابنُ عبَّاس رضي الله عنهما: (تصدَّقوا قبل أن ينزلَ عليكم سلطانُ الموت فلا تُقبَل توبةٌ ولا ينفع عمل). أدِم ذِكرَ هاذم اللذَّات، فإنه أحرى أن يشجِّعَكَ على الإنفاق في سبيل الله تعالى؛ إذ ليس للإنسان إلا ما تركَ من صالحات. لولا عِظَمُ الصدقة ومكانتُها عند الله لما كان أولَ ما يرجو العبدُ لو أُتيح له الرجعةُ إلى الدنيا أن يتصدَّق. كل يوم تُشرق عليك فيه الشمس وأنت حيٌّ هو منحةٌ جديدة لك لاستدراك ما فاتَك، والتوبة عمَّا اجترحَت يداك، فهل من مُعتبر؟! مَن ذا الذي يعلم يقينًا ماذا بقيَ له من عمُر وعمل؟ فلا تقعد مهما تقدَّمَت بك السنُّ أو غلبك الضعفُ والمرض عن عملٍ صالح تُلاقي به مولاك. |
﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ وَٱسۡمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنفِقُواْ خَيۡرٗا لِّأَنفُسِكُمۡۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [التغابن: 16]
يتجلَّى لطفُ الله بعباده في أنه لا يشقُّ عليهم ولا يُعنتهم، ويرضى منهم ما يُطيقون من عمل في طاعته وتقواه. مَن تلقَّى أوامرَ الله تعالى ورسوله ﷺ باهتمام وتعظيم، كانت طاعتُه على بصيرة، وعن حبٍّ وانشراح صدر. حين يتيقَّن المسلم أنَّ ما يُنفقه في وجوه البِرِّ إنما هو إنفاقٌ لنفسه لا لغيره، فإنَّ ذلك يَحفِزُه إلى بذل المزيد؛ ليكونَ من الفائزين. يا لها من مرتبةٍ رفيعة؛ مرتبة التحرُّر من الأثَرة والبُخل، وتربية النفس على السَّخاء والبَذل، بأريحيَّة ونُبل. |
﴿إِن تُقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعِفۡهُ لَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [التغابن: 17]
مَن ذا الذي يفوِّت هذه الفرصةَ العظيمة؛ أن يُقرضَ الله مولاه! فإنه سبحانه يردُّ القرضَ له أضعافًا مضاعفة، بكرمه وإحسانه. تبارك الله، ما أكرمَه! يرزق عباده بمنِّه، ثم يسألهم فضلَ ما أعطاهم قرضًا، فيضاعفُه لهم أضعافًا، ويشكرهم على إنفاقهم، ويتجاوز عن تقصيرهم في شُكره. من تمام فضل الله أنه يجزي عبادَه عن العمل الصالح اليسير، بالجزاء الوافر الكثير، ويقبل من الفقير القليل؛ ليمنحَه عليه الجزيلَ الجليل. |
﴿عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ﴾ [التغابن: 18]
ما من شيء إلا مكشوفٌ لعلم الله تعالى، خاضعٌ لسلطانه، مدبَّر بحكمته، فليعِش الناسُ وهم يشعرون بأنَّ عين الله تراهُم، وبحكمته يدبِّر شؤونهم ويرعاهُم. |
﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ﴾ [الحاقة: 30]
كان أبو الدرداء رضي الله عنه يحضُّ امرأتَه على تكثير المرَق لأجل المساكين، ويقول: (خلعنا نصفَ السِّلسلة بالإيمان، أفلا نخلعُ نصفها الآخرَ بالإحسان؟). مدارُ سعادة الإنسان ومادَّتها أمران: الإخلاصُ لله تعالى وهو تمامُ الإيمان، والبذلُ إلى الخَلق بوجوه الإحسان. |
﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ ﴾ [الحاقة: 34]
كان أبو الدرداء رضي الله عنه يحضُّ امرأتَه على تكثير المرَق لأجل المساكين، ويقول: (خلعنا نصفَ السِّلسلة بالإيمان، أفلا نخلعُ نصفها الآخرَ بالإحسان؟). مدارُ سعادة الإنسان ومادَّتها أمران: الإخلاصُ لله تعالى وهو تمامُ الإيمان، والبذلُ إلى الخَلق بوجوه الإحسان. |
﴿وَٱلَّذِينَ فِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ مَّعۡلُومٞ ﴾ [المعارج: 24]
شعورُك أيها المسلمُ أن للمحتاجين حقًّا في مالك هو شعورٌ بفضل الله عليك من جهة، وشعورٌ بآصرة الأخوَّة الإنسانيَّة من جهة أخرى. ليس كالإنفاق في سبيل الله أمرٌ يحرِّر النفسَ من رِبقة البخل، فضلًا عن أن يكونَ ضمانةً اجتماعيَّة لتكافُل الأمَّة وتعاونها. |
﴿لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ ﴾ [المعارج: 25]
شعورُك أيها المسلمُ أن للمحتاجين حقًّا في مالك هو شعورٌ بفضل الله عليك من جهة، وشعورٌ بآصرة الأخوَّة الإنسانيَّة من جهة أخرى. ليس كالإنفاق في سبيل الله أمرٌ يحرِّر النفسَ من رِبقة البخل، فضلًا عن أن يكونَ ضمانةً اجتماعيَّة لتكافُل الأمَّة وتعاونها. |
﴿۞ إِنَّ رَبَّكَ يَعۡلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدۡنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلَّيۡلِ وَنِصۡفَهُۥ وَثُلُثَهُۥ وَطَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَۚ وَٱللَّهُ يُقَدِّرُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحۡصُوهُ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡۖ فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرۡضَىٰ وَءَاخَرُونَ يَضۡرِبُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَبۡتَغُونَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَءَاخَرُونَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنۡهُۚ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗاۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرٗا وَأَعۡظَمَ أَجۡرٗاۚ وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمُۢ ﴾ [المزمل: 20]
قليلٌ يدوم خيرٌ من كثير ينقطع؛ فمهما كانت حالك، وأيًّا كان عُذرك فاحرِص على القيام، ولو بصلاة ركعتين ترتِّل فيهما القرآنَ في هَدأة الليل. لنتأمَّل هذا التأكيدَ الصَّريح: ﴿فاقرَءُوا ما تيسَّرَ مِنه﴾ ، ولنتأمَّل حالنا وأين نحن منه! قلَّما يخلو امرؤٌ في عمله وعبادته من تفريط، فلنلزَم الاستغفارَ في جميع أحوالنا؛ جبرًا لما بدرَ منَّا من تقصير، فإنَّ الله غفور رحيم. فضل الله واسعٌ عظيم، وجوده وافرٌ عميم، وما عليك إلا أن تسعى في مناكبِ الأرض تبتغي من رزقه الحلال. هل بعد هذا الإغراء من إغراء؟ ما تُقدِّم من عملٍ صالح أشبهُ بقَرض مضمونِ الأداء، مع زيادةٍ مضاعفة أضعافًا كثيرة، فهلمَّ نستبق إلى الخيرات. |
﴿وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلَا تَنۡهَرۡ ﴾ [الضحى: 10]
عن قَتادة قال: (كن لليتيم كأبٍ رحيم؛ ﴿فأمَّا اليَتيمَ فلا تَقهَر﴾ ، ورُدَّ السائلَ برحمةٍ ولين؛ ﴿وأمَّا السَّائِلَ فلا تَنهَر﴾ ). |
﴿وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ ﴾ [الضحى: 11]
بين الإعلانِ بالعمل تحدُّثًا بنِعَم الله، والإعلانِ به غرورًا ورياءً فرقٌ رقيق دقيق، ينبغي مراعاتُه، والاحتراس من تجاوزه وتخطِّيه. التحدُّث بنِعَم الله من دواعي شُكرها، وموجبات تحبيب القلوب بمَن أنعم بها، فإنَّ القلوب مجبولةٌ على حبِّ مَن أحسن إليها. |
﴿وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]
هذه هي زُبدة الدَّعَوات، وغاية الشَّرائع والرسالات؛ إفرادُ الله وحدَه بالعبادات، والإخلاصُ له في الطَّاعات، فيا فوزَ من عرَف فلزِم. لا أَقْوَمَ من شريعة الله تعالى؛ فهي صراطُ الله المستقيم، وحبله القويُّ المتين، مَن تمسَّك بها هُدي وأفلح، ومَن أعرض عنها شَقي وهلك. إن أردتَّ بلوغَ التوحيد الخالص فاستقِم كما أُمرت؛ بإقامة الصَّلاة المكتوبة، وأداء الزكاة المفروضة، واجتناب الرِّياء والنفاق. |
﴿وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ ﴾ [الماعون: 7]
حتى بإعارة ما يُنتفَع به ثم يُردُّ إليهم من رخيص المتاع يبخلون، أفيُرتجى منهم البذلُ لفقيرٍ أو محتاج؟! ما أصغرَها من نفوس! لا تحتقر أيَّ معروفٍ مهما صغُر، وعوِّد نفسَك البذلَ والعطاء، فإنَّ منع الماعون من صفات المنافقين الأشقياء، فاربَأ بنفسِك أن تشابهَهم. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
التذكير بالله الصحبة الصالحة جزاء الصيد في الحرم شرب الخمر الأمر بالإنصات لدى تلاوته فتح مكة الطامة الكبرى يوم الدين الزراعة خسارة الكفار
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 21, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب