قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن عقائد البشر وأهواؤهم في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ ﴾ [البقرة: 9]
عجبًا للمنافقين؛ يحتالون على جماهير الناس متظاهرين بالعقل والحكمة، وهم أجبنُ الناس عن إظهار ما يُضمرونه في نفوسهم! المؤمن كيِّسٌ فطِن، لا يغترُّ بظاهر المنافقين، ولا تستميله ألسنةُ الأفَّاكين، فهو أبدًا في أمانٍ من شرورهم، وسلامةٍ من مكايدهم. |
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُۗ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ ﴾ [البقرة: 13]
المؤمنون هم صفوةُ الناس؛ لأن الإيمان بالله أخصُّ الفضائل الإنسانيَّة وأشرفُها، فلا يكمُل الإنسان إلا به. لا ينفكُّ المنافقون في كلِّ زمانٍ ومكان يدَّعون العلم والعقل، وينبِزون المؤمنين بالجهل والسَّفَه، وما علموا أنه لا يرغب عن ملَّة الحقِّ إلا من سَفِهَ نفسَه! |
﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ وَلَوۡ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِذۡ يَرَوۡنَ ٱلۡعَذَابَ أَنَّ ٱلۡقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعَذَابِ ﴾ [البقرة: 165]
اجعل كلَّ محبَّة دون محبَّتك لله، وتبعًا لمحبَّتك إيَّاه؛ ليكمُلَ إيمانك، وتسعدَ حياتك، فإن محبَّتك الصادقة لربِّك دليلٌ على محبَّته إيَّاك. ليسوا سواءً؛ فالمؤمن لا يقدِّم على محبَّة الله محبَّةَ شيءٍ سواه، ومحبَّته لربِّه فوق محبَّة مَن أشرك في المحبَّة، فهي خالصةٌ عليَّة، ومحبَّة أولئك ملطَّخةٌ دنيَّة. خَليقٌ بمَن علم ضعفَ كلِّ متعلَّقٍ به سوى الله، وعلم أن القوَّة جميعًا لله، ألا يعلِّقَ قلبه إلا بالله. وليسأله بجَنانه قبل لسانه: اللهم اقطع تعلُّقَ قلبي بأحدٍ سواك. |
﴿فَإِذَا قَضَيۡتُم مَّنَٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرٗاۗ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖ ﴾ [البقرة: 200]
كانت أيام مِنًى في الجاهليَّة للتباهي بالأمجاد، والتفاخُر بالآباء والأجداد، فجعلها الله تعالى أيامَ أكل وشُرب وذكرٍ لله، والمغبونُ مَن قلَّ ذكرُه فيها وأضاعها بما لا نفعَ فيه. ذِكر الله تعالى وتعظيمُه بالجَنان واللسان، ممَّا يزيد في الإيمان، وينزع من القلب تعظيمَ غيره من خَلقِه، حتى لا يعلوَ على تعظيم الله تعظيمُ سواه. كم يخسر أولئك الذين إذا سألوا الله فإنما يسألونه من عرَض الحياة الدنيا التي لا تساوي عنده جناحَ بعوضة، وينسَون الآخرة وهي خيرٌ وأبقى، فلا يكون لهم منها حظٌّ ولا نصيب! |
﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡرِي نَفۡسَهُ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ رَءُوفُۢ بِٱلۡعِبَادِ ﴾ [البقرة: 207]
على المؤمن أن يدخلَ في الإسلام بكليَّته، ولا يقتصر منه على بعضه، بل يلتزم به في ظاهره وباطنه، ويستسلم لله تعالى في جميع أمره. ليس كلُّ عدوٍّ يكشف لك عن حقيقة عداوته، فانظر إلى ما يسوقُك إليه، لتعلمَ ما يريده منك وما يرجوه لك. |
﴿وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُ إِلَيۡكَۖ وَجَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن يَفۡقَهُوهُ وَفِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٗاۚ وَإِن يَرَوۡاْ كُلَّ ءَايَةٖ لَّا يُؤۡمِنُواْ بِهَاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوكَ يُجَٰدِلُونَكَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ﴾ [الأنعام: 25]
لا أشدَّ من موتِ القلب، فإذا ما خُتم على القلب ومات، صَمَّت الآذانُ عن سماع صوت الحقِّ، وعَمِيَت العيونُ عن إبصار الآيات، فلا تصلُ إليه بعد ذلك حياةٌ. العِـبرة في الاستجـابة للحقِّ لا في مجرَّد استماعه؛ فأنَّى ينفُذ الحقُّ إلى قلبٍ قد أُغلقت منافذُه، وسُدَّت مسالكُه؟! |
﴿وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمۡۚ قَالَ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ ﴾ [الأنعام: 30]
لو عرَف الإنسانُ عِظَمَ الوقفة يوم الحساب لما وقفَ عن طاعة ربِّه، ولما كَلَّ عن طلب ما يُرضي مولاه؛ ليسلمَ من هول ذلك المقام بين يديه. أشدُّ الحسَراتِ وجعًا حسرةٌ لا تُعقِبُ فرجًا، ولا تخفِّف وجعًا، فاجعل لنفسك وقايةً من ذلك المصير، بطاعةِ ربِّك العليِّ القدير. زراعة اليوم حصادُ الغد، فمَن زرع الكفرَ حصد العذاب، واللهُ غنيٌّ عن تعذيب مَن لا يستحقُّ. |
﴿وَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ ٱئۡذَن لِّي وَلَا تَفۡتِنِّيٓۚ أَلَا فِي ٱلۡفِتۡنَةِ سَقَطُواْۗ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةُۢ بِٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [التوبة: 49]
مَن أظهر الورعَ وتذرَّعَ به للتخلُّص من الواجب، أو لفعل المَنهيِّ عنه، فقد لجأ إلى حيلةٍ من حِيَل المنافقين. يبحث المنافقون السابقون عن إذنٍ لتسويغ خطيئتهم، ويبحث المنافقون اللاحقون عن فتوى لتشريع جريمتهم، ولا تقديسَ لدى جميعهم للإذن أو للفتوى، ولكن ينتظرون الموافقةَ فحسب. ما كانت الفتنةُ يومًا في الجهاد الحقِّ، ولكنَّها في التذرُّع بالواهي من الحُجَج لتركه والتثبيطِ عنه. الورع الكاذبُ لا يرفعُ عن المنافق حقيقةَ الكفر، ولا يدفعُ عنه يومَ القيامة عذابَ جهنَّم. جعل اللهُ النارَ محيطةً بأهلها إحاطةَ السِّوار بالمِعصَم، فلا مناصَ من عذابها، ولا مهرَب لأصحابها، نسأل الله أن يجيرَنا منها. |
﴿إِن تُصِبۡكَ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡۖ وَإِن تُصِبۡكَ مُصِيبَةٞ يَقُولُواْ قَدۡ أَخَذۡنَآ أَمۡرَنَا مِن قَبۡلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمۡ فَرِحُونَ ﴾ [التوبة: 50]
مَن سرَّته أحزانُ المؤمنين، وساءته أفراحُهم، فليَتَّهم قلبَه. مهما أبدى المنافقون من رغبةٍ في التعايش والاندماج مع مَن حولَهم، فإنهم في ذلك كاذبون، وبعد وقتٍ يُفضَحون. مَن حسِب البلاءَ شرًّا في كلِّ حال، فأقعده ذلك عن فعل صالح الأعمال، ولم يسلِّم لله تعالى أو يرضَ بقضائه، ففيه خَصلةٌ من خِصال المنافقين. لا تظُنَّ الانتماء إلى النسَب أو البلد ينفع أو يجمع في صراع الحقِّ مع الباطل؛ فإن قلوب المنافقين ومشاعرَهم مع غير المؤمنين، ولو كان المؤمنون من قومهم. |
﴿وَمِنۡهُم مَّن يَلۡمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ فَإِنۡ أُعۡطُواْ مِنۡهَا رَضُواْ وَإِن لَّمۡ يُعۡطَوۡاْ مِنۡهَآ إِذَا هُمۡ يَسۡخَطُونَ ﴾ [التوبة: 58]
المنافقون لا يحبُّون سدَّ فاقة المحتاجين، ولا الأجرَ للمُنفقين؛ فلذلك لا يعظِّمون شأنَ الزكاة، بل يطعُنون في قِسمتها، فإن أصابوا منها سكتوا عن إعلان طعنهم. مَن تعلَّق بغير الله؛ فكان رضاه بحصول مَطلَبه، وسخَطُه بضياعه وفقده، فإنما يعبُد بذلك هواه. |
﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ رَضُواْ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَرَسُولُهُۥٓ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَٰغِبُونَ ﴾ [التوبة: 59]
من أدبِ النفس واللسان والإيمان: الاكتفاءُ بالله، والرضا بقِسمة الله ورسوله، رضا التسليمِ والاقتناع، لا رضا القهر والغلَب. الحَسْبُ والكفاية لله وحدَه، فإنه لا كافيَ إلا اللهُ تعالى، ولا حافظ إلا هو سبحانه. |
﴿۞ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۖ فَرِيضَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ ﴾ [التوبة: 60]
الزكاة فريضة تعبُّدية في هيئة خدمة اجتماعيَّة، بها يرتبط العبدُ بخالقه، وبها تمتدُّ جسورُ الصلة بينه وبين أفراد جنسه. شريعة الله منظِّمةٌ لشؤون الدنيا والدين، فهي تُعينُ المحتاجين، وتساعد على إنجاح مشاريع المُصلحين، وترفع بالمال راياتِ الجهاد بين العالَمين. لو عمل الناسُ بنظام الإسلام التكافليِّ لما أكل بعضُهم أموالَ بعض من خلال القوانين الوضعيَّة، كما هي شرائعُ الأرض الظالمة. الزكاة تشريعُ حكيمٍ عليم؛ فإنها إذا أُخذت كما ينبغي وصُرفت كما ينبغي، صارت مصلحةً عظمى للفرد والجماعة. |
﴿وَمِنۡهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٞۚ قُلۡ أُذُنُ خَيۡرٖ لَّكُمۡ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤۡمِنُ لِلۡمُؤۡمِنِينَ وَرَحۡمَةٞ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡۚ وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ ﴾ [التوبة: 61]
لا تعجَب إن حرَّف المنافقون مظاهرَ الخير في المؤمنين، فجعلوها صفاتِ ذمٍّ، فذلك داءٌ فيهم قديم. الأصل في المسلمين حُسنُ الظنِّ، حتى يظهرَ ما يخالفُ ذلك. كلَّما كانت النفسُ أسلمَ قلبًا كانت في السماحة أكمل، ليس ضعفًا منها، بل من باب اللطافة وسرعةِ القَبول لما يُناسب من الخير. ما يجب أن يسودَ في المجتمع هو اللطفُ والتصديق، ولا يعكِّر ذلك أفرادٌ غيرُ أنقياء من تلك الثلَّة النقيَّة. لقد أرسل اللهُ تعالى رسولَه رحمةً لجميع الخلائق، فطوبى لمَن تلقَّى هذه الرحمةَ بالقَبول، وصدَّق ما جاء به. مَن آذى رسولَ الله ﷺ فقد آذى اللهَ الذي أرسله جلَّ جلالُه، وذلك يوجب سَخَط اللهِ وعذابَه. |
﴿۞ وَمِنۡهُم مَّنۡ عَٰهَدَ ٱللَّهَ لَئِنۡ ءَاتَىٰنَا مِن فَضۡلِهِۦ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ﴾ [التوبة: 75]
عَقدُ القلب على وعد الطاعات يحتاج إلى وفاء، فمَن صَدَق عَقَد ووفَّى، ومن كذَب عَقَد وأخلف من غير عُذر. |
﴿فَلَمَّآ ءَاتَىٰهُم مِّن فَضۡلِهِۦ بَخِلُواْ بِهِۦ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ ﴾ [التوبة: 76]
كيف يُرجى من المنافقين وفاءُ العهود للمخلوقين، وقد كذَبوا في عهودهم مع ربِّ العالَمين؟! |
﴿فَأَعۡقَبَهُمۡ نِفَاقٗا فِي قُلُوبِهِمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ يَلۡقَوۡنَهُۥ بِمَآ أَخۡلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ ﴾ [التوبة: 77]
على المرء ألا يستصغرَ اقترافَ أعمالِ النفاق ولو صغُرت، فإنها قد تنتهي به إلى أن يكونَ منافقًا خالصًا. مَن أخلفَ مع الله المواثيق فقد عرَّض نفسَه للنِّفاق، وسمحَ له أن يتغلغلَ فيه، ويوشِكُ بعد ذلك أن يعشِّشَ في قلبه. الأفعال الذميمة تُفسد الأخلاقَ المستقيمة، وذلك يوجبُ على العاقل الحذرَ منها؛ لنتائجها السيِّئة الأثيمة. أخَصُّ لوازم النفاق الكذب، فإنه يتمكَّنُ من صاحبه ويتجدَّدُ عنده، وقد لا ينفكُّ عنه أبدًا. |
﴿وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغۡرَمٗا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَآئِرَۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ ﴾ [التوبة: 98]
ما في القلبِ هو الذي يَحكمُ على غاياتِ الأفعال، فالمؤمنُ يرى النفقةَ في وجوه البِرِّ مَغنَما، والمنافقُ وضعيفُ الإيمان يريانِها مَغرَما. لمَّا كان تربُّصُ المتربِّصين بالمسلمين السُّوءَ متكرِّرًا متجدِّدًا؛ جَعلَ اللهُ السوءَ دائرًا عليهم، ومحيطًا بهم على الدوام. إن من يَسمعُ ما يُقال، ويَعلمُ ما يُضمَر، لقادرٌ على مجازاة كلِّ قائل بما قال، وكلِّ فاعل بما فعَل. الله مطَّلِعٌ على باطن المنفِقِ يَرى إخلاصَه من غيره، ومُطَّلِع على مقاله إن كان حامدًا لإنفاقه أو ساخطًا. |
﴿وَءَاخَرُونَ ٱعۡتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمۡ خَلَطُواْ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَءَاخَرَ سَيِّئًا عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ ﴾ [التوبة: 102]
من خلطَ الأعمالَ الصالحةَ بالسيِّئةِ، ثمَّ اعترفَ وندم، ورجا أن يغفِرَ اللهُ له؛ فإنه تحت الخَوفِ والرجاءِ، وهو إلى السلامةِ أقرَب. إذا أطمعَ اللهُ عبدَه بمَطمَعٍ قام على شرطٍ فحقَّقه العبدُ أعطاه اللهُ ما وعده، فإنه لا يُخلِفُ وعدَه، ولا أكرمَ منه سبحانه. لِيعملِ المؤمنُ، وليكن على وجَل، ولا يتَّكِل على عفو اللهِ ورحمته، فإن الله تعالى لا يجبُ عليه لأحدٍ شيء إلا ما أوجبه على نفسه تفضُّلًا وتكرُّمًا. |
﴿وَءَاخَرُونَ مُرۡجَوۡنَ لِأَمۡرِ ٱللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمۡ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيۡهِمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ ﴾ [التوبة: 106]
تخويفُ اللهِ لعباده يحمِلُهم على المبادرة إلى التوبة، وإطماعُه إياهم بها يرقِّقُ قلوبَهم شوقًا لدار الكرامة التي أُخرجوا منها. اللهُ سبحانه يعلَمُ ما يليقُ بعباده من التوبة أو التعذيب، ويُحكِمُ تقديرَه حين تتعلَّق به إرادتُه. |
﴿وَإِذَا مَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ فَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمۡ زَادَتۡهُ هَٰذِهِۦٓ إِيمَٰنٗاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَزَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَهُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ ﴾ [التوبة: 124]
ليس في حربِ مَن شاقَّ اللهَ ورسولَه رحمةٌ ولا رأفة، لكن من غير تمثيل ولا تنكيل، وإنما تكون الرحمة بهم في غير الحرب. لا بدَّ للمجاهدِ الذي يريدُ الظفرَ من حظٍّ وافرٍ من التقوى، فهي العَونُ في النصر على الأعداء. ليس كلُّ مَن سمِع الآياتِ ازدادَ إيمانًا، بل لا بُدَّ من الإقبالِ عليها، والإنصاتِ لها، والاهتمامِ بها. أهلُ الإيمانِ يستبشرون بنزولِ آيات القرآن، فيسمعون ما فيها من الأخبار والأحكام، والوعدِ والوعيد، فيزدادون إيمانًا إلى إيمانهم؛ إذ ليس الإيمانُ معرفةً جامدة، بل هو قولٌ وعمل يزيد ويَنقُص، وأعظم ما يزيده كتابُ الله تعالى. ينبغي للمؤمن أن يتفقَّدَ إيمانَه ويتعاهَدَه، فيُجَدِّدَه وينَمِّيَه، ليكونَ دائمًا في صُعودٍ، فالإيمانُ يَزيدُ ويَنقُصُ. |
﴿وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَتۡهُمۡ رِجۡسًا إِلَىٰ رِجۡسِهِمۡ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ ﴾ [التوبة: 125]
القلوب تمرَضُ وتَشفى كالجسد، فأدواؤها الكفر والجهل وذميمُ الخِلال، وأدويتُها الإيمانُ والعلم وفضائلُ الخِصال. إذا انتكستِ القلوبُ انقلبَ تمييزُ الأمور فيها، فيصيرُ الخيرُ شرًّا، وسببُ الهداية سببًا للغَواية. الكفر بآيات الله تعالى، وعصيانُ رسوله ﷺ يُعقِب أصحابه هلاكًا وطَبعًا على قلوبهم؛ عقوبةً من الله تعالى لهم. |
﴿أَوَلَا يَرَوۡنَ أَنَّهُمۡ يُفۡتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٖ مَّرَّةً أَوۡ مَرَّتَيۡنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمۡ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [التوبة: 126]
ليَفزَع إلى التوبة مَن نزلت به إحدى الرزايا، فلعلَّه أُصيبَ بها لفعلِ بعض الخطايا. مَن أعرض عن القرآن واستهزأ بذِكره لم يكن من أهل الذِّكر، ولم تُحدث فيه الرزايا ذِكرًا ولا عِبرة. |
﴿وَإِذَا مَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ نَّظَرَ بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ هَلۡ يَرَىٰكُم مِّنۡ أَحَدٖ ثُمَّ ٱنصَرَفُواْۚ صَرَفَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ ﴾ [التوبة: 127]
المنافقُ يراقب الناسَ كما يراقب المؤمنُ ربَّه، فيَحضُر ليَربحَهم، ويَخنِس خُفيةً كي لا يخسرَهم. لا يستطيعُ المنافقون البقاءَ عند سماع القرآن، فقلوبُهم لا تقبلُه، وكشفُه لعَوارهم وإخراجُه لأسرارهم يَصرِفُهم عن الاستماع له. من أعرضَ عن الله تعالى أعرض الله عنه، ومن لم يَفقَه ما ينفعُه في آخرته لا يمكنُه الإقبالُ على سماع كتاب ربِّه، والانتفاع بخطابه. الفقيهُ كلُّ الفقيهِ مَن أقبلَ على القرآنِ سماعًا وأخذًا، وعِلمًا وعملًا. |
﴿وَمِنۡهُم مَّن يُؤۡمِنُ بِهِۦ وَمِنۡهُم مَّن لَّا يُؤۡمِنُ بِهِۦۚ وَرَبُّكَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُفۡسِدِينَ ﴾ [يونس: 40]
لا يزالُ القرآنُ باقيًا وهاديًا ما كانَ الإنسانُ في الأرض، ولا يزالُ هنالك مَن يؤمنُ به ويجدِّدُ به إيمانَه حتى في حالكاتِ الأيام. لا إصلاحَ إلا بالقرآنِ، علمًا وعملًا، فمَن حادَ عنه فقد سلكَ سبيلَ الإفساد. |
﴿وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمۡ عَمَلُكُمۡۖ أَنتُم بَرِيٓـُٔونَ مِمَّآ أَعۡمَلُ وَأَنَا۠ بَرِيٓءٞ مِّمَّا تَعۡمَلُونَ ﴾ [يونس: 41]
لو أدرك المتعجِّلون والمتنازلون واليائسون دَلالةَ آياتِ البراءة من الكافرين، ما ذهبت أنفسُهم حسَراتٍ على المعاندين، ولأدركوا أن مُهِمَّتَهم لا تتعدَّى مُهِمَّةَ نبيِّهم ﷺ، وهي البلاغ. الثوابت الشرعيَّةُ لا سبيلَ إلى المفاوضة فيها، ولا التوسُّطِ مع الخصوم حولها، إنما هو التصديق بها والإذعان لها. |
﴿وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُونَ إِلَيۡكَۚ أَفَأَنتَ تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ وَلَوۡ كَانُواْ لَا يَعۡقِلُونَ ﴾ [يونس: 42]
في إعراضِ المشركين عن بيانِ رسولِ الله ﷺ -وهو أرقى بيانٍ- تسليةٌ لدعاةِ الحقِّ حين لا يُستجاب لهم، فالمانعُ قد يكون عند المتلقِّين، فلا سبيلَ عند ذلك لهدايتهم. |
﴿وَمِنۡهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيۡكَۚ أَفَأَنتَ تَهۡدِي ٱلۡعُمۡيَ وَلَوۡ كَانُواْ لَا يُبۡصِرُونَ ﴾ [يونس: 43]
كيف يَصلُ إلى الحقِّ مَن سدَّ على نفسِه طريقَي العلمِ: السَّمعِ والنظر، وأفسدَهما؟! يكفي البصيرَ دليلًا على صدقِ رسول الله ﷺ ما يراه من أخلاقه وهَدْيه وأعمالِه، وحُسنِ ما يدعو إليه. |
﴿لَاهِيَةٗ قُلُوبُهُمۡۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلۡ هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡۖ أَفَتَأۡتُونَ ٱلسِّحۡرَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 3]
النفوس الفارغة تلهو في أخطر المواقف، وتهزُل في مواطن الجد؛ إذا أتاها ذكرٌ من ربها استقبلته لاعبة، فلا وقارَ ولا تقديس. إذا أدمنَت القلوب ما هي عليه من الفساد، وسارت الأنفس في طريق الهزؤ واللعب؛ لن تنتفع بالعظات ولو تجدَّدت، ولن تتعظ بالذكرى وإن تعددت. استحضر قلبك، عند سماع الوحي، وتدبَّر آياته، فقد ذمَّ الله تعالى أقوامًا لم ينتفعوا به؛ إذ كانت قلوبهم لاهية عنه. لو سمع أتباعُ أهل الضلال ممن فيهم قليل من خير ما يحيكه أئمتهم من مكائد ومؤامرات عن الحقِّ وأهله ظلمًا وعدوانًا؛ لعرفوا خبثهم وانفضوا عنهم، فلأجل هذا أسرُّوا ذلك الجور والعدوان. لا ينفكُّ أهلُ الباطل يعترضون على الحقِّ بما ليس فيه معترَض، ويحتجون عليه بما ليس بحجة. فيا لَله العجب من قوم رأوا ما أعجزهم من مجيء القرآن، فلم يجوِّزوا أن يكون عن الله، وجزموا بأنه سحر المبطلين، وتلبيس المفسدين! |
﴿قَالَ رَبِّي يَعۡلَمُ ٱلۡقَوۡلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ ﴾ [الأنبياء: 4]
لا يضرُّك أن تجهل ما الذي يُحاك لك من مكر وكيد، إذا كنت واثقًا بأن العليم الحكيم سبحانه وتعالى هو مَن يدافع عنك. سبحان مَن يسمع كل شيء، ويعلم كل شيء من القول وغيره، فهو يسمع سر أعدائه، ويُبطل مكرهم، ويسمع ما ينسُبه إليه خلقه من حق أو باطل، فيعامل كلًّا بما يستحق! |
﴿وَمَا جَعَلۡنَٰهُمۡ جَسَدٗا لَّا يَأۡكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَٰلِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 8]
لو كان الرسل من غير البشر لا يأكلون الطعام، ولا يمشون في الأسواق، ولا يعاشرون النساء، ما كانت هناك وشيجةٌ بينهم وبين الناس، فلا هم يُحسُّون دوافعَ البشر التي تحركهم، ولا البشر يتأسَّون بهم. حياة الرسُلِ وقواهم محدودة؛ فهم رسلٌ من البشر بلَّغوا الرسالة، وهكذا ورثتهم من الدعاة، والعاقل يتجاوز النظرَ إلى عوارض بشريتهم إلى النظرِ لبيِّنتهم. |
﴿لَقَدۡ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ كِتَٰبٗا فِيهِ ذِكۡرُكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ ﴾ [الأنبياء: 10]
في القرآن ذكرٌ ينتبه به الغافل، ويعلو به النازل، وعلى مقدار ما تأخذ الأفراد والمجتمعات بكتاب الله يرتفع ذكرُهم عند الله وعند الخلق، وعلى مقدار نقصهم من ذلك يَخمُلون. لا يتدبر القرآنَ إلا عاقل، ولا يُدبِر عنه إلا غافلٌ أو جاهل. |
﴿وَكَمۡ قَصَمۡنَا مِن قَرۡيَةٖ كَانَتۡ ظَالِمَةٗ وَأَنشَأۡنَا بَعۡدَهَا قَوۡمًا ءَاخَرِينَ ﴾ [الأنبياء: 11]
لو اجتمعت كلمةُ أمَّة، وتناهت قوَّتها، حتى غدت سيِّدةَ زمانها بما عندها، ثم أذن اللهُ بقصمها، فلن يمنعَها عن ذلك شيء. الظلم باب الهلكة؛ فالعاقل من الأفراد والأمم لا يدخله مهما امتدَّ بالظالم الزمان، وأُرخيَ له حبلُ الإمهال والأمان. |
﴿فَلَمَّآ أَحَسُّواْ بَأۡسَنَآ إِذَا هُم مِّنۡهَا يَرۡكُضُونَ ﴾ [الأنبياء: 12]
لن يفيدَ مَن كتب الله عليه نزولَ العذاب هلعُه وفزعه، ولا اختباؤه وهربه وركضه؛ فبأسُ الله سيدركه ويتبعه إلى أيِّ جهةٍ ركض إليها، وعلى أيِّ حال كان عليها. |
﴿لَا تَرۡكُضُواْ وَٱرۡجِعُوٓاْ إِلَىٰ مَآ أُتۡرِفۡتُمۡ فِيهِ وَمَسَٰكِنِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡـَٔلُونَ ﴾ [الأنبياء: 13]
ما أسوأ حالَ أولئك الظالمين، الذين نزل بهم عذابُ ربِّ العالمين، وهم يسمعون عباراتِ التهكُّم والاستهزاء بهم في وقتٍ أحوج ما يكون فيه إلى الرأفة والرحمة والتلطُّف! |
﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ فَإِذَآ أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ جَعَلَ فِتۡنَةَ ٱلنَّاسِ كَعَذَابِ ٱللَّهِۖ وَلَئِن جَآءَ نَصۡرٞ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمۡۚ أَوَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَعۡلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [العنكبوت: 10]
كن صابرًا على إيمانك، ثابتًا على دينك، ولا يزعزعك عن ذلك أذى المؤذين، فتخشى ضررهم كما تخشى عذاب الله، بل اجعل خَشيتك لله وحده. عند الابتلاء تظهر قوة الإيمان من ضعفه، فمَن ثبت فذلك المؤمن حقًّا، ومَن خشي أذى الناس فسايرَهم في ضلالهم، ورضخَ لأمانيِّهم فذلك الذي سمى اللهُ وذمَّ. ثمةَ مَن يساير التيار الغالب، ويسفِّه مَن يعارضه من المؤمنين، حتى إذا جاء نصر الله تعالى والفتح، حاول أن يتصدر المشهد الجديد، مؤكِّدًا كذبًا ولاءه للحق وأهله. مؤمنــو الرخـــــاء والسَّعـة يُفتَضحون أيام الشدة والانهزام والضيق، حيـث ينكفئـون إلى الباطل المنتصر، فإذا ما اضمحل رجَعوا إلى المؤمنين وقالوا: ألم نكن معكم؟! الاعتبار بما في القلب، فالمنافق الذي يُظهر الإيمان ويُضمر الكفر هو كافر، والمؤمن المكرَه الذي يُظهر الكفر ويضمر الإيمان هو مؤمن. |
﴿وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ ﴾ [العنكبوت: 11]
في علم الله تعالى بما في قلب المؤمن وعدٌ حسن له، وفي علمه بما في قلب الكافر والمنافق وعيدٌ شديد لهما، فرحم الله امرءًا أصلح باطنه. |
﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡتَرِي لَهۡوَ ٱلۡحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ ﴾ [لقمان: 6]
يربي الله جلَّ جلاله عباده بالنعم، ولا سيما الهداية، وأي تربية لهم أعظم من ذلك؟ لن يبلغ العبد رتبة الفلاح إلا بعلم نافعٍ يهتدي به، وبإقامة صلاته، وأداء زكاته، والإحسان إلى الخلق. بئسَ الرجلُ الذي لا يقتصر على استماع لهو الحديث، بل يسعى إلى إضلال غيره به بعد ضلال نفسه، فيجمع بين سيِّئتي الضلال والإضلال. من اشترى الباطل بالحقِّ، والضلال بالهدى، فما فعل ذلك عن علم؛ أليس العلمُ يفيد صاحبه ربحًا في الدين والدنيا؟! من أساليب المضلين أنهم يصُدون الناس عن الحق بالقدح فيه والسخريَّة من أهله، مع مدح الباطل والترغيب فيه. استخف أهل الباطل بالحق واستهزؤوا به، فجوزوا بعذاب يهينهم ويُذلهم، والجزاء من جنس العمل. |
﴿وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا وَلَّىٰ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَا كَأَنَّ فِيٓ أُذُنَيۡهِ وَقۡرٗاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [لقمان: 7]
حين يُقبل المرء على سماع لهو الحديث، ويُصم أذنيه عن سماع الحق، بل يسخر منه ومن أهله؛ فلن تزيده كثرة الوعظ إلا عُتوًّا. مَن سمع آيات الله بأذنيه، وأصغى إليها بقلبه حقَّ الإصغاء، فلا يُتصوَّر منه التولِّي والاستكبار؛ لِما فيها ممَّا يوجب الإقبالَ عليها والخضوع لها. يا مَن تبحث عن اللذة في سماع اللهو واتباعه أقصِر، فما وراء تلك اللذات إلا العذابُ الأليم. |
﴿فَإِنۡ أَعۡرَضُواْ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظًاۖ إِنۡ عَلَيۡكَ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُۗ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِنَّا رَحۡمَةٗ فَرِحَ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ فَإِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ كَفُورٞ ﴾ [الشورى: 48]
على الرسول ومَن دعا بدعوته من أمَّته مُهمَّة البلاغ المبين، وليس عليهم حسابُ مَن أعرض عن الحقِّ أو عقابُه، فذلك على خالقهم سبحانه، فكن أيُّها الداعية مبلِّغًا ولا تكن مُحاسِبا. قُتل الإنسانُ ما أكفرَه! يُفيض الله عليه من نعمه فيفرَح ويطرَب، فإن ابتلاه أو أصابه بذنبه جزِعَ وتسخَّط، وجحَد كلَّ ما سبق! مَن ضعُف اعتقاده في سعادات الآخرة، طار فرحًا بسعادات الدنيا وعرَضها، حتى ينتهي غرورُه بها إلى الكِبْر والعُجب. إن الإنسان لربِّه لَكَنود؛ ينسى نِعم ربِّه عليه، وآلاءه التي ساقها إليه، ولا يذكر إلا البؤس والعناء، فتراه دائمَ الشكوى في بلائه، غير صابر على قضاء الله وقدره. |
﴿وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُ إِلَيۡكَ حَتَّىٰٓ إِذَا خَرَجُواْ مِنۡ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مَاذَا قَالَ ءَانِفًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُمۡ ﴾ [محمد: 16]
لا تنفع الأسماعُ إن لم توجب الفهمَ والانتفاع، فالسماع هو ما أدرك به صاحبُه ما يُقال، فعَقلَه ووَعاه وانتفع به. كلَّما كان المرء قريبًا من الاقتداء بالنبيِّ ﷺ وهديه أورثه ذلك علمًا وخَشية. أهل العلم هم أوعى الناس لنصوص الحقِّ، ومردُّ الناس في معرفتها والسؤالِ عنها، فما أعظمَها من منزلة! |
﴿وَٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ زَادَهُمۡ هُدٗى وَءَاتَىٰهُمۡ تَقۡوَىٰهُمۡ ﴾ [محمد: 17]
أقبِل على الله وسيُقبل عليك إفضالُه؛ فمَن اهتدى حقًّا رَقيَ به إلى زيادة الاهتداء، حتى يصلَ إلى نَيل التقوى. |
﴿فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ أَشۡرَاطُهَاۚ فَأَنَّىٰ لَهُمۡ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ ذِكۡرَىٰهُمۡ ﴾ [محمد: 18]
مَن أبصر دنوَّ الساعة جدَّ واجتهد في العمل، وسارع للتزوُّد من الأعمال قبل انتهاء الأجَل. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
عقوبة الظالمين المكذبين الإشارة إلى المادة نكاح المشركين دار القرار شفاعة الملائكة النميمة الرجوع إلى الله جزاء الكافرين الوفاة عابر السبيل
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 21, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب