حديث: عن عائشة: وأي عذاب أشد من العمي؟

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في فضائل حسان بن ثابت

عن مسروق قال: دخلت على عائشة وعندها حسان بن ثابت ينشدها شعرا، يشبب بأبيات له، فقال:
حصانٌ رزانٌ ما تُزَنُّ بريبةٍ ... وتُصبح غَرْثىَ من لحوم الغوافل
فقالت له عائشة: لكنك لست كذلك. قال مسروق: فقلت لها: لِمَ تأذنين له يدخل عليك؟ وقد قال الله: ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: ١١] فقالت: وأي عذاب أشد من العمي؟ إنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله ﷺ.

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤١٤٦) ومسلم في فضائل الصحابة (٢٤٨٨) كلاهما عن بشر بن خالد، أنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: فذكره.

عن مسروق قال: دخلت على عائشة وعندها حسان بن ثابت ينشدها شعرا، يشبب بأبيات له، فقال:
حصانٌ رزانٌ ما تُزَنُّ بريبةٍ ... وتُصبح غَرْثىَ من لحوم الغوافل
فقالت له عائشة: لكنك لست كذلك. قال مسروق: فقلت لها: لِمَ تأذنين له يدخل عليك؟ وقد قال الله: ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: ١١] فقالت: وأي عذاب أشد من العمي؟ إنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله ﷺ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد، فهذا الحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن التابعي الجليل مسروق بن الأجدع رحمه الله، يحمل قصة عظيمة ودرساً بليغاً في فهم مقاصد الشريعة والإنصاف في الحكم على الناس، وسأشرحه لكم جزءاً جزءاً بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:


● حصان رزان: المرأة العفيفة الثابتة على العفة والاستقامة.
● ما تزن بريبة: لا تُظن بها الظنون السيئة أو الشك في عفتها.
● وتصبح غرثى: تصبح جائعة.
● من لحوم الغوافل: من طعام الناس الغافلين عن الثواب والعقاب (كناية عن أنها عفيفة لا تقبل الهدية ممن يريد شراً).
● تنافح أو يهاجي: يدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعره ويذود عن عرضه.

ثانياً. شرح الحديث:


يحكي مسروق رضي الله عنه أنه دخل على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فوجد الشاعر حسان بن ثابت ينشدها شعراً يمتدحها ويصف عفتها وعلوّ قدرها، فقال لها في شعره: إنك امرأة عفيفة لا يتطرق إليك الشك، ولا تقبلين ما يهديه إليك من له مآرب خفية.
فردت عليه عائشة رضي الله عنها بقولها: "لكنك لست كذلك"، أي أنت لست بهذه الصفات التي وصفتني بها (وذلك على سبيل المداعبة أو التأنيب اللطيف، لأن حساناً كان معروفاً بضعف بصره في آخر عمره، وقد يكون قصدت شيئاً من ذلك).
فلما سمع مسروق هذا الحوار، استغرب من سماح عائشة رضي الله عنها بدخول حسان عليها، واستدل بالآية الكريمة: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11]، والتي نزلت في حادثة الإفك، حيث كان حسان ممن تكلم في الموضوع، فكيف تسمح له بالدخول عليها بعد ذلك؟
فأجابته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بحكمة بالغة: "وأي عذاب أشد من العمي؟"، أي أن حساناً قد أصابه العمى في آخر عمره، وهذا بلاء عظيم، ثم قالت: "إنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم"، أي كان يدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعره، ويرد على أعداء الإسلام، وهذا من أعظم الخدمات الجليلة.

ثالثاً. الدروس المستفادة:


1- الإنصاف والعدل في الحكم على الناس: فلا يُغلق باب الفضل لأهلها بسبب زلاتهم، بل ينظر إلى محاسنهم وإسهاماتهم.
2- التقدير لأهل الفضل: فخدمة حسان بن ثابت للإسلام بشعره كانت عظيمة، وقد غفر الله له زلته، فلا ينبغي أن تُنسى مناقبه بسبب هفوة.
3- الحكمة في معاملة الناس: حيث قابلت عائشة رضي الله عنها إساءة حسان السابقة بالعفو والتقدير لفضله، مع التذكير بلطف بضعفه.
4- التوازن بين الحقوق: فحق الدفاع عن عرض النبي صلى الله عليه وسلم لا يلغيه خطأ وقع من صاحبه، خاصة إذا تاب منه.

رابعاً. معلومات إضافية:


- حسان بن ثابت رضي الله عنه هو شاعر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من الشعراء الذين دافعوا عن الإسلام وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- العمى الذي أصاب حسان في آخر عمره كان ابتلاءً من الله، وعائشة رضي الله عنها رأت في ذلك عقوبة كافية عما صدر منه.
- هذا الحديث يدل على سعة أفق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وحكمتها في التعامل مع الناس، وعلى فهمها العميق لمراتب الذنوب والتوبة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤١٤٦) ومسلم في فضائل الصحابة (٢٤٨٨) كلاهما عن بشر بن خالد، أنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: فذكره. وهذا لفظ مسلم ولفظ البخاري نحوه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 359 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عن عائشة: وأي عذاب أشد من العمي؟

  • 📜 حديث: عن عائشة: وأي عذاب أشد من العمي؟

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عن عائشة: وأي عذاب أشد من العمي؟

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عن عائشة: وأي عذاب أشد من العمي؟

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عن عائشة: وأي عذاب أشد من العمي؟

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب