حديث: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في فضل خالد بن الوليد وأخباره

عن أنس أن النبي ﷺ نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: «أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب، - وعيناه تذرفان - حتى أخذها سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم».

صحيح: رواه البخاري في فضائل الصحابة (٣٧٥٧) وفي المغازي (٤٢٦٢) عن أحمد بن
واقد، ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أنس فذكره.

عن أنس أن النبي ﷺ نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: «أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب، - وعيناه تذرفان - حتى أخذها سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه، يروي لنا موقفاً مؤثراً من مواقف النبي صلى الله عليه وسلم، ويجسّد جانباً من جوانب العظمة النبوية والوحي الإلهي.

أولاً. شرح المفردات:


● نَعَى: أخبر بموتهم، وأبلغ الناس نبأ وفاتهم.
● قبل أن يأتيهم خبرهم: أي قبل أن يصل إليهم الخبر المؤكد بذلك من ساحة المعركة.
● أخذ الراية: حمل لواء القتال وقاد الجيش.
● فأصيب: استشهد في سبيل الله.
● وعيناه تذرفان: دموعه تسيل حزناً عليهم.
● سيف من سيوف الله: كنية لخالد بن الوليد رضي الله عنه، ووصفه بذلك لشجاعته وبأسه في القتال.

ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر الصحابة في المدينة المنورة باستشهاد قادة جيش مؤتة (زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة) في نفس لحظة استشهادهم في المعركة التي كانت تدور في أرض مؤتة (من أرض الشام)، وذلك عن طريق الوحي قبل أن يصل الخبر عن طريق البشر.
وقصَّ عليهم صلى الله عليه وسلم تفاصيل المعركة بتسلسل أحداثها: كيف حمل الراية أولاً زيد بن حارثة فاستشهد، ثم التقطها جعفر بن أبي طالب فاستشهد، ثم قام بها عبد الله بن رواحة فاستشهد، وفي هذه اللحظات كانت عينا النبي صلى الله عليه وسلم تفيضان من الدموع حزناً وأسى على فقد هؤلاء الأخيار والأحباء.
ثم بيَّن صلى الله عليه وسلم أن الراية انتقلت بعد ذلك إلى "سيف من سيوف الله" وهو خالد بن الوليد رضي الله عنه، الذي أظهر براعة عسكرية فائقة، وأدار المعركة بمهارة حتى أنقذ الجيش الإسلامي من هزيمة ساحقة، وحقق انسحاباً tacticياً ناجحاً، وهذا هو المعنى الذي أشار إليه بقوله: "حتى فتح الله عليهم"، أي أنجاهم من الهلاك ومكنهم من الانسحاب بأقل الخسائر.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم: حيث أخبر بأمر غيبي لم يصل إليه عن طريق البشر، مما يثبت أنه موصول بالوحي من الله عز وجل.
2- الإيمان بقضاء الله وقدره: فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر بالاستشهاد قبل وقوعه، مما يؤكد أن آجال البشر وأقدارهم بيد الله تعالى.
3- جواز البكاء على الميت لا سيما الصالح: فقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم وهو القدوة والأسوة، ولكن بكاءه كان بكاء حزن وعاطفة إنسانية مشروعة، ليس فيه نوح أو جزع من قضاء الله.
4- فضل أولئك الصحابة الكرام: وهم من سادات المسلمين وزعمائهم، وقدّمهم النبي صلى الله عليه وسلم على غيرهم في القيادة، وذكر فضلهم بتسلسل استشهادهم.
5- الشجاعة والثبات في الجهاد: حيث لم تضع الراية أو تهمل، بل التقطها قائد بعد قائد حتى انتصر الحق.
6- التقدير والثناء على الكفاءة: فقد امتدح النبي صلى الله عليه وسلم خالداً ووصفه بـ "سيف من سيوف الله" تقديراً لشجاعته ومهارته الحربية التي أنقذت الجيش.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● سبب الغزوة: كانت غزوة مؤتة بسبب قتل الحارث بن عمير الأزدي، رسول النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك بصرى.
● تاريخها: في جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة.
● نسبة القوات: كان جيش المسلمين 3000 مقاتل، بينما كان جيش الروم وحلفائهم من العرب يقدر بمئتي ألف مقاتل.
● نتيجتها: بالرغم من عدم تحقيق نصر حاسم، إلا أنها كانت بمثابة إنذار للروم وقبائل العرب، وتمهيداً لفتوح الشام لاحقاً.
نسأل الله أن يرزقنا صدق الإيمان، وثبات القدم، وأن يتقبل الشهداء والصالحين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في فضائل الصحابة (٣٧٥٧) وفي المغازي (٤٢٦٢) عن أحمد بن
واقد، ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أنس فذكره.
وقوله: «حتى فتح الله عليهم» المراد بالفتح هنا هو انحياز خالد بن الوليد بعسكر المسلمين بحكمته السياسية عن موقع القتال بحيث لم يشعر الكفار بضعف المسلمين، ووصولهم سالمين المدينة النبوية، من أجل ذلك عبَّر بالفتح، والله أعلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 380 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب

  • 📜 حديث: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب