اللهم سلمهم وغنمهم

حديث: اللهم سلمهم وغنمهم

عن أبي أمامة قال: أنشأ رسول الله ﷺ غزوة، فأتيته فقلت: يا رسول الله، ادع
الله لي بالشهادة، فقال رسول الله ﷺ: «اللهم! سلمهم وغنمهم». قال: فسلمنا وغنمنا.
قال: ثمّ أنشأ رسول الله ﷺ غزوا ثانيا، فأتيته، فقلت: يا رسول الله، ادع الله لي بالشهادة، فقال: «اللهم سلمهم وغنمهم». قال: فسلمنا وغنمنا.
قال: ثمّ أنشأ غزوا ثالثا، فأتيته فقلت: يا رسول الله، إني أتيتك مرتين قبل مرتي هذه، فسألتك أن تدعو الله لي بالشهادة، فدعوت الله أن يسلمنا ويغنمنا، فسلمنا وغنمنا، يا رسول الله، فادع الله لي بالشهادة، فقال: «اللهم! سلمهم وغنمهم». قال: فسلمنا وغنمنا.
ثمّ أتيته، فقلت: يا رسول الله، مرني بعمل، قال: «عليك بالصوم فإنه لا مثل له». قال: فما رئي أبو أمامة ولا امرأته ولا خادمه إِلَّا صياما، قال: فكان إذا رئي في دارهم دخان بالنهار، قيل: اعتراهم ضيف، نزل بهم نازل.
قال: فلبثت بذلك ما شاء الله، ثمّ أليته فقلت: يا رسول الله، أمرتنا بالصيام، فأرجو أن يكون قد بارك الله لنا فيه، يا رسول الله، فمرني بعمل آخر، قال: «اعلم أنك لن تسجد لله سجدة إِلَّا رفع الله لك بها درجة وحط عنك بها خطيئة».

صحيح: رواه أحمد (٢٢١٤٠) عن روح، عن هشام، عن واصل مولى أبي عيينة، عن محمد بن أبي يعقوب، عن رجاء بن حيوة، عن أبي أمامة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فإن الحديث الذي طلبت شرحه حديث عظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، وغيرهما، عن الصحابي الجليل أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، وهو حديث يظهر لنا حرص الصحابة على الخير وطلب الشهادة في سبيل الله، وحكمة النبي صلى الله عليه وسلم في توجيههم لما هو أنفع لهم.

شرح المفردات:

● أنشأ: ابتدأ وأعد.
● غزوة: الحرب في سبيل الله.
● ادع الله لي بالشهادة: اطلب من الله أن أقتل في سبيله وأكون شهيدًا.
● سلمهم وغنمهم: احفظهم من الأذى وارزقهم الغنائم.
● عليك بالصوم: الزم الصيام.
● لا مثل له: لا شيء يعادله في الفضل.
● اعتراهم ضيف: نزل بهم ضيف.
● أليته: أتيت إليه.
● لن تسجد لله سجدة: أي لن تصلي صلاة.

شرح الحديث:

يحكي أبو أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعد غزوةً (أي حملة عسكرية)، فذهب إليه أبو أمامة وطلب منه أن يدعو الله له بالشهادة، أي أن يقتل في سبيل الله ويكون من الشهداء. لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدعُ له بالشهادة، بل دعا الله أن يسلمهم (أي يحفظهم من الأذى) وأن يغنمهم (أي يمنحهم الغنائم). وقد تحقق ذلك، فعادوا سالمين غانمين.
وتكرر هذا الموقف ثلاث مرات، وفي كل مرة يطلب أبو أمامة الدعاء بالشهادة، ويدعو النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالسلامة والغنيمة. وهذا يدل على حرص أبي أمامة على نيل الشهادة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو لهم بما هو أنفع في تلك اللحظة.
ثم بعد ذلك طلب أبو أمامة من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمره بعمل صالح، فأمره بالصيام، وقال: "عليك بالصوم فإنه لا مثل له"، أي أنه لا شيء يعادل فضل الصيام. فامتثل أبو أمامة لهذا الأمر، وأصبح هو وأهل بيته دائمي الصيام، حتى إن الناس إذا رأوا الدخان يخرج من بيتهم في النهار عرفوا أنهم يستضيفون ضيفًا (لأنهم لا يطبخون لأنفسهم في النهار بسبب صيامهم).
وبعد مدة، عاد أبو أمامة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: لقد أمرتنا بالصيام وقد بارك الله لنا فيه، فمرني بعمل آخر. فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالمواظبة على الصلاة، وقال: "اعلم أنك لن تسجد لله سجدة إلا رفع الله لك بها درجة وحط عنك بها خطيئة"، أي أن كل ركعة تصليها ترفع منزلتك عند الله وتمحو ذنوبك.

الدروس المستفادة:

1- حرص الصحابة على الخير: كان الصحابة رضي الله عنهم حريصين على نيل أعلى الدرجات، مثل الشهادة في سبيل الله.
2- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو للمسلمين بما فيه مصلحتهم، حتى لو كانوا يطلبون غير ذلك.
3- فضل الصيام: الصيام من أفضل العبادات، وقد ورد في أحاديث أخرى أن الصيام لله وهو يجزي به.
4- فضل الصلاة: الصلاة ترفع الدرجات وتكفر السيئات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
5- الاجتهاد في الطاعة: أبو أمامة لم يكتفِ بعمل واحد، بل طلب المزيد من الأعمال الصالحة.
6- بركة الطاعة: امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصيام جلب البركة لأبي أمامة وأهله.

معلومات إضافية:

- هذا الحديث يدل على أن الدعاء بالشهادة جائز، ولكن الأفضل الدعاء بالسلامة إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين.
- الصيام من الأعمال التي لا يعلم ثوابها إلا الله، كما في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به".
- الصلاة من أعظم العبادات، وهي عماد الدين، ومن حافظ عليها رفعه الله وأكرمه.
أسأل الله أن يجعلنا من الصائمين القائمين، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٢١٤٠) عن روح، عن هشام، عن واصل مولى أبي عيينة، عن محمد بن أبي يعقوب، عن رجاء بن حيوة، عن أبي أمامة فذكره.
والكلام على إسناده مبسوط في كتاب الصيام.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 518 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اللهم سلمهم وغنمهم

📜 حديث: اللهم سلمهم وغنمهم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اللهم سلمهم وغنمهم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اللهم سلمهم وغنمهم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اللهم سلمهم وغنمهم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية