حديث: احتلبوا هذا اللبن بيننا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فضائل المقداد بن الأسود الكندي وأخباره

عن المقداد قال: أقبلت أنا وصاحبان لي وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد، فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله ﷺ، فليس أحد منهم يقبلنا، فأتينا النَّبِيّ ﷺ فانطلق بنا إلى أهله، فإذا ثلاثة أعنز، فقال النَّبِيّ ﷺ: «احتلبوا هذا اللبن بيننا». قال: فكنا نحتلب فيشرب كل إنسان منا نصيبه، ونرفع للنبي ﷺ نصيبه، قال: فيجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما، ويسمع اليقظان، قال: ثمّ يأتي المسجد فيصلي، ثمّ يأتي شرابه فيشرب، فأتاني الشّيطان ذات ليلة، وقد شربت نصيبي، فقال: محمد يأتي الأنصار فيتحفونه، ويصيب عندهم، ما به حاجة إلى هذه الجرعة، فأتيتها فشربتها، فلمّا أن وغلت في بطني، وعلمت أنه ليس إليها سبيل، قال: ندمني الشّيطان، فقال: ويحك ما صنعت؟ أشربت شراب محمد؟ فيجيء فلا يجده، فيدعو عليك فتهلك، فتذهب دنياك وآخرتك؟ وعليّ شملة، إذا وضعتها على قدمي خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي، وجعل لا يجيئني النوم، وأمّا صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت، قال: فجاء النَّبِيّ ﷺ فسلم كما كان يسلم، ثمّ أتى المسجد فصلى، ثمّ أتى شرابه، فكشف عنه فلم يجد فيه شيئًا، فرفع رأسه إلى السماء، فقلت: الآن يدعو عليّ فأهلك، فقال: «اللهم! أطعم من أطعمني وأسق من أسقاني». قال: فعمدت إلى الشملة فشددتها علي، وأخذت الشفرة فانطلقت إلى الأعنز أيها أسمن فأذبحها لرسول الله ﷺ، فإذا هي حافلة، وإذا هن حفل كلهن، فعمدت إلى إناء لآل محمد ﷺ ما كانوا يطعمون أن يحتلبوا فيه، قال: فحلبت فيه حتَّى علته رغوة، فجئت إلى رسول الله ﷺ فقال: «أشربتم شرابكم الليلة؟». قال: قلت: يا رسول الله! اشرب، فشرِب، ثمّ ناولني فقلت: يا رسول الله! اشرب، فشرِب، ثمّ ناولني، فلمّا عرفت أن النَّبِيّ ﷺ قد روى، وأصبت في عوته، ضَحِكْتُ حتَّى ألقيت إلى الأرض، قال: فقال النَّبِيّ ﷺ: «إحدى سوآتك يا مقداد!». فقلت: يا رسول الله! كان من أمري كذا وكذا، وفعلت كذا، فقال النَّبِيّ ﷺ: «ما هذه إِلَّا رحمة
من الله، أفلا كنت آذنتني فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها؟». قال: فقل: والذي بعثك بالحق ما أبالي إذا أصبتها وأصبتها معك من أصابها من الناس.

صحيح: رواه مسلم في الأشربة (١٧٤: ٢٠٥٥) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا شبابة بن سوّار، حَدَّثَنَا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن المقداد قال: فذكره.

عن المقداد قال: أقبلت أنا وصاحبان لي وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد، فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله ﷺ، فليس أحد منهم يقبلنا، فأتينا النَّبِيّ ﷺ فانطلق بنا إلى أهله، فإذا ثلاثة أعنز، فقال النَّبِيّ ﷺ: «احتلبوا هذا اللبن بيننا». قال: فكنا نحتلب فيشرب كل إنسان منا نصيبه، ونرفع للنبي ﷺ نصيبه، قال: فيجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما، ويسمع اليقظان، قال: ثمّ يأتي المسجد فيصلي، ثمّ يأتي شرابه فيشرب، فأتاني الشّيطان ذات ليلة، وقد شربت نصيبي، فقال: محمد يأتي الأنصار فيتحفونه، ويصيب عندهم، ما به حاجة إلى هذه الجرعة، فأتيتها فشربتها، فلمّا أن وغلت في بطني، وعلمت أنه ليس إليها سبيل، قال: ندمني الشّيطان، فقال: ويحك ما صنعت؟ أشربت شراب محمد؟ فيجيء فلا يجده، فيدعو عليك فتهلك، فتذهب دنياك وآخرتك؟ وعليّ شملة، إذا وضعتها على قدمي خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي، وجعل لا يجيئني النوم، وأمّا صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت، قال: فجاء النَّبِيّ ﷺ فسلم كما كان يسلم، ثمّ أتى المسجد فصلى، ثمّ أتى شرابه، فكشف عنه فلم يجد فيه شيئًا، فرفع رأسه إلى السماء، فقلت: الآن يدعو عليّ فأهلك، فقال: «اللهم! أطعم من أطعمني وأسق من أسقاني». قال: فعمدت إلى الشملة فشددتها علي، وأخذت الشفرة فانطلقت إلى الأعنز أيها أسمن فأذبحها لرسول الله ﷺ، فإذا هي حافلة، وإذا هن حفل كلهن، فعمدت إلى إناء لآل محمد ﷺ ما كانوا يطعمون أن يحتلبوا فيه، قال: فحلبت فيه حتَّى علته رغوة، فجئت إلى رسول الله ﷺ فقال: «أشربتم شرابكم الليلة؟». قال: قلت: يا رسول الله! اشرب، فشرِب، ثمّ ناولني فقلت: يا رسول الله! اشرب، فشرِب، ثمّ ناولني، فلمّا عرفت أن النَّبِيّ ﷺ قد روى، وأصبت في عوته، ضَحِكْتُ حتَّى ألقيت إلى الأرض، قال: فقال النَّبِيّ ﷺ: «إحدى سوآتك يا مقداد!». فقلت: يا رسول الله! كان من أمري كذا وكذا، وفعلت كذا، فقال النَّبِيّ ﷺ: «ما هذه إِلَّا رحمة
من الله، أفلا كنت آذنتني فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها؟». قال: فقل: والذي بعثك بالحق ما أبالي إذا أصبتها وأصبتها معك من أصابها من الناس.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه الصحابي الجليل المقداد بن الأسود رضي الله عنه:

أولاً. شرح المفردات:


● ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد: أي أصابنا الضعف الشديد من شدة الجوع حتى كادنا لا نسمع ولا نبصر.
● نعرض أنفسنا: نطلب المساعدة والعون.
● أعنز: جمع عنز، وهي أنثى المعز.
● احتلبوا: استخرجوا اللبن من الضرع.
● تسليماً لا يوقظ نائماً، ويسمع اليقظان: سلامه خفيف لا يزعج النائمين، لكن يسمعه المستيقظون.
● ندمني الشيطان: أي لامني وعاتبني وأثار ندمي.
● شملة: كساء من الصوف.
● حافلة: مليئة باللبن.
● حفل: ممتلئات الضرع باللبن.
● علته رغوة: امتلأ الإناء حتى ظهرت الرغوة.
● سوآتك: خطيئتك أو ذنبك.
● عوته: شِبعه وريّه.

ثانياً. شرح الحديث:


يحكي المقداد بن الأسود رضي الله عنه قصة حدثت له مع صاحبين له، حيث كانوا في حالة جوع شديد، فطلبوا المساعدة من الصحابة فلم يجدوا من يساعدهم، فذهبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاهتم بهم وأخذهم إلى بيته، وكان عنده ثلاث عنزات، فأمرهم أن يحلبوا اللبن ويقسموه بينهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يترك نصيبه حتى يأتي من الليل فيشربه بعد صلاته.
وفي إحدى الليالي، وسوس الشيطان للمقداد بأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحتاج إلى هذا اللبن لأنه سيحصل على طعام من الآخرين، فشرب نصيب النبي، ثم ندم ندماً شديداً وخاف أن يدعو عليه النبي، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم عندما لم يجد اللبن دعا له لا عليه، فقال: "اللهم أطعم من أطعمني، وأسق من سقاني"، فذهب المقداد وذبح عنزةً وحلب لبناً كثيراً وأعطاه للنبي، فشرب منه ثم أعطى المقداد حتى شبعا، فضحك المقداد من شدة الفرح، فعرف النبي أنه هو الذي شرب اللبن أولاً، فاعترف المقداد بالخطأ، فلم يعنفه النبي بل قال: "ما هذه إلا رحمة من الله".

ثالثاً. الدروس المستفادة:


1- رحمة النبي صلى الله عليه وسلم وشفقته بأصحابه: حيث اهتم بهم وساعدهم في حاجتهم.
2- كرم النبي صلى الله عليه وسلم: فقد فضلهم على نفسه وترك نصيبه من اللبن.
3- التسامح والعفو: عندما أخطأ المقداد لم يعاقبه النبي بل دعا له وظهرت الرحمة الإلهية.
4- الاعتراف بالخطأ والتوبة: كما فعل المقداد عندما اعترف بذنبه.
5- بركة الدعاء النبوي: حيث تحول اللبن القليل إلى وفرة ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم.
6- تحذير من وساوس الشيطان: التي قد تؤدي بالإنسان إلى ارتكاب الأخطاء.
7- الإيثار والمحبة في الله: حيث كان المقداد مستعداً لأن يشارك النبي في الخير ولا يبالي بما يحصل للآخرين.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من الأحاديث التي تُظهر جانباً من الحياة اليومية للصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم.
- فيه بيان لأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وحلمه وتواضعه.
- الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح.
- قصة المقداد تدل على أن الله قد يخرج الخير من الخطأ إذا تبعه الندم والصالحات.
أسأل الله أن ينفعنا بهذا الحديث وأن يجعلنا من المتأسين برسول الله صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وأفعاله.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الأشربة (١٧٤: ٢٠٥٥) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا شبابة بن سوّار، حَدَّثَنَا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن المقداد قال: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 507 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: احتلبوا هذا اللبن بيننا

  • 📜 حديث: احتلبوا هذا اللبن بيننا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: احتلبوا هذا اللبن بيننا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: احتلبوا هذا اللبن بيننا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: احتلبوا هذا اللبن بيننا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب