حديث: المدينة حرم فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إثم من أحدث في المدينة، أو آوى محدثا

عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «المدينة حرم، فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف».

صحيح: رواه مسلم في الحج (٤٦٩: ١٣٧١) عن ابن أبي شيبة، حدثنا حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن سليمان، عن أبي صالح، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «المدينة حرم، فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث: عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «المدينة حرم، فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف».


1. شرح المفردات:


* حَرَم: أي مكان له حرمة وقدسية خاصة، يحرم فيه ما لا يحرم في غيره، ويجب تعظيمه وصيانته من الإفساد والمنكرات، كحرمة مكة لكن بدرجة أقل.
* أَحْدَثَ فيها حَدَثًا: أي ارتكب فيها إثمًا عظيمًا أو جريمة بشعة، كالقتل أو الظلم أو إراقة الدماء بغير حق، أو ابتدع فيها بدعة ضالة.
* أَوْ آوَى مُحْدِثًا: أي استجار به أو أخفى وعصى من ارتكب هذه a جريمة أو إثمًا عظيمًا، وحماه من أن تؤخذ عليه الحقوق.
* لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ: اللعنة هي الطرد والإبعاد من رحمة الله. وهذا وعيد شديد لمن يتجرأ على حرمة المدينة بارتكاب جريمة أو حماية المجرمين.
* عَدْلٌ وَلَا صَرْفٌ: (في رواية أخرى: صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ)
* العَدْل: الفدية أو البدل الذي يقدمه الإنسان ليكفر عن ذنبه.
* الصَّرْف: التوبة والرجوع إلى الله تعالى.
* والمعنى: أن توبته لن تُقبل منه، ولا فديته لن تُقبل منه يوم القيامة، بسبب عظم جرمه وتجرئه على حرمة مدينة النبي ﷺ. وهذا من أشد الوعيد، ويشير إلى أن هذا الذنب من الكبائر العظيمة.


2. شرح الحديث:


يؤكد النبي ﷺ في هذا الحديث على المكانة الخاصة والقداسة التي تتمتع بها المدينة المنورة، فهي حرم آمن، كحرم مكة ولكن بخصائص مختلفة. وقد جعل الله لها حرمة وحصانة يجب على المسلمين احترامها.
ثم يتهدد ﷺ بأشد الوعيد كل من يتجرأ على هذه الحرمة بارتكاب جريمة عظيمة فيها، كالقتل أو الإفساد في الأرض، أو إيواء من فعل ذلك وحمايته من العقاب. وهذا الوعيد يشمل:
* الفاعل نفسه (مَن أَحْدَثَ فيها حَدَثًا).
* المتواطئ والمتستر (أو آوَى مُحْدِثًا).
فالوعيد هو لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وهذا يدل على شناعة هذا الفعل واستحقاق فاعله لأقصى درجات الذم والطرد من رحمة الله.
ثم يختم ﷺ الوعيد بأن هذا الشخص لا يقبل الله منه توبة (صرف) ولا فدية (عدل) يوم القيامة، مما يدل على أن هذا الذنب من الكبائر التي تُغلق أبواب التوبة إلا أن يتفضل الله تعالى برحمته على من تاب توبة نصوحًا قبل الموت. والوعيد بعدم القبول يوم القيامة يعني أن لا سبيل له للنجاة من العذاب.


3. الدروس المستفادة منه:


1- تعظيم حرمة المدينة المنورة: يجب على المسلم أن يعظم حرمة مدينة النبي ﷺ، وأن يصونها من كل ما يُنقص من قدسيتها أو يُفسد فيها.
2- تحريم الإفساد في الحرمين: يحرم الإحداث والجريمة في المدينة تحريمًا شديدًا، ويعد من كبائر الذنوب.
3- تحريم إيواء المجرمين وحمايتهم: لا يقل ذنب من يحمي المجرمين ويستر عليهم عن ذنب المجرم نفسه، بل قد يشاركه في الإثم والعقاب.
4- شدة وعيد من يتجرأ على حرمات الله: الحديث يظهر شدة عقاب من يتعدى على حرمات الله وأماكنه المحرمة.
5- الحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: من أجل صيانة حرمة المدينة، يجب على المسلمين أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر فيها، ولا يتسترون على المفسدين.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* حدود حرم المدينة: اختلف العلماء في تحديد حدود الحرم، وأشهر الأقوال أن حرم المدينة هو ما بين عير إلى ثور (جبلان معروفان).
* الفرق بين حرم مكة وحرم المدينة: لحرم مكة أحكام خاصة أشد، مثل تحريم الصيد وشجرها، بينما هذه الأحكام لا تسري في حرم المدينة بنفس الدرجة. فالحرمة في المدينة هي principalmente للدماء والإفساد وتعظيم مكانتها.
* هل التوبة مقبولة في الدنيا؟ الوعيد بعدم قبول التوبة يوم القيامة لا يعني عدم قبولها في الدنيا إذا تاب العبد توبة صادقة قبل الموت. فالله يقبل التوبة عن عباده، ولكن هذا الوعيد يدل على the magnitude of the sin.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الحج (٤٦٩: ١٣٧١) عن ابن أبي شيبة، حدثنا حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن سليمان، عن أبي صالح، عن أبي هريرة فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 80 من أصل 136 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المدينة حرم فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا

  • 📜 حديث: المدينة حرم فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: المدينة حرم فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: المدينة حرم فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: المدينة حرم فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب