حديث: إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فضل من صبر على شدة المدينة

عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله ﷺ: «إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها، وقال: المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه، ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعا، أو شهيدا يوم القيامة».

صحيح: رواه مسلم في الحج (١٣٦٣: ٤٥٩) من طرق عن عبد الله بن نمير، ثنا عثمان بن حكيم، ثني عامر بن سعد، عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ فذكره.

عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله ﷺ: «إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها، وقال: المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه، ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعا، أو شهيدا يوم القيامة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من أحاديث فضل المدينة النبوية وحرمتها، رواه الإمام مسلم في صحيحه. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:


● أحرم: أي أجعله حراماً محظوراً، أو أمنع فيه ما حرمته.
● ما بين لابتيها: اللابة هي الأرض التي تكثر فيها الحجارة السوداء (الحرة)، والمقصود الحرم المدني الذي بين حرتي المدينة (حرة واقم وحرة الوبرة).
● عضاهها: شجرها من الطلح والسمر ونحوهما من الشجر الشائك.
● صيدها: الحيوان المباح الاصطياد في الأصل.
● خير لهم: أي خير بلد لهم وأصلح لمعاشهم ومعادهم.
● رغبة عنها: أي تركها زهداً فيها وكراهة للمقام بها.
● أبدل الله فيها: أي يعوض الله عنها بخير منه.
● لأوائها وجهدها: اللأواء: الشدة والضيق (كقلة الرزق)، والجهد: المشقة.
● شفيعاً أو شهيداً: الشفيع: المتوسط للخلق عند الله ليرحمهم، والشهيد: الشاهد لهم بأعمالهم أو المشهود له بالخير.

ثانياً. شرح الحديث:


يضم هذا الحديث الجليل عدة معانٍ وأحكام:
1- تحريم المدينة وإحصار حرمتها: يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل ما بين حرتي المدينة (لابتيها) حرمًا آمناً، يحرم قطع أشجارها والنباتات الطبيعية فيها، ويحرم اصطياد صيدها أو قتله. وهذا تشريع لحماية بيئة المدينة، وجعلها مكاناً آمناً مطمئناً، يشبه في ذلك حرم مكة في بعض الأحكام، وإن كان لأحكام الحرمين تفصيلات عند العلماء.
2. يؤكد النبي صلى الله عليه وسلم على فضل المدينة وسكانها، وأنها خير بلاد الله للمسلمين، لو كان الناس يعلمون ما فيها من الخير والبركة والأجر لتمسكوا بها ولم يرغبوا عنها. وهذا الفضل يشمل فضل العيش فيها، والموت فيها، والصبر على شدتها.
3- الوعيد لمن تركها رغبة عنها: يخبر صلى الله عليه وسلم أن من يترك المدينة وينتقل عنها ليسكن مكاناً آخر، وهو يحتقرها ويزهد فيها (لا لضرورة أو حاجة مشروعة)، فإن الله سيستبدل به من هو خير منه في الإيمان والتقوى والتمسك بالدين، فيكون خسارته عظيمة.
4- البشارة للصابرين على شدتها: يبشر النبي صلى الله عليه وسلم من يصبر على ما قد يجده في المدينة من شدة المعيشة، أو قلة الرزق، أو غير ذلك من المشقات، بأنه سيكون له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة. أي أنه يتشفع له عند الله، أو يشهد له بالإيمان والصبر. وهذا أجر عظيم يدل على فضل الصبر على لأواء المدينة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1. الحديث يدل على المكانة العظيمة للمدينة النبوية، وأنها محرمة لها حرمة خاصة، فيجب احترامها والمحافظة على بيئتها.
2. الحث على السكنى في المدينة والصبر على ما فيها من مشقات، طمعاً في الأجر العظيم والشفاعة.
3. ذم الهجرة منها بدون عذر شرعي، والتحذير من احتقارها أو الرغبة عنها.
4. بيان سعة فضل الله تعالى، وأنه يعوض الخير بالخير، فمن ترك المدينة رغبة عنها أبدل الله فيها من هو خير منه.
5. فضل الصبر على الشدائد والمكاره، وأنه يورث الدرجات العلى وشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من الأحاديث التي تدل على خصوصية المدينة المنورة وحرمتها، وقد جاءت أحاديث أخرى تؤكد هذا المعنى، مثل حديث: «إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة».
- المقصود بالتحريم هنا التحريم الشرعي، الذي يترتب عليه الإثم إذا انتهك حرمتها بقطع شجرها أو قتل صيدها.
- استثنى العلماء من ذلك "الإذخر" وهو نبات طيب الرائحة، فقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم في قطعه لحديث عائشة رضي الله عنها.
- فضل المدينة ثابت إلى يوم القيامة، وهي دار الهجرة والإيمان، وهي التي حببها الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله أن يرزقنا حب مدينة نبيه، والصبر على لأوائها، وأن يتوفانا فيها مسلمين، ويحشرنا في زمرة سيد المرسلين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الحج (١٣٦٣: ٤٥٩) من طرق عن عبد الله بن نمير، ثنا عثمان بن حكيم، ثني عامر بن سعد، عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ فذكره.
ورواه مسلم في الحج أيضا (٤٦٠ - ١٣٦٣) عن ابن أبي عمر، حدثنا مروان بن معاوية، حدثنا عثمان بن حكيم الأنصاري، أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه أن رسول الله ﷺ قال:
ثم ذكر مثل حديث ابن نمير المتقدم وزاد في الحديث: «ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص، أو ذوب الملح في الماء».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 69 من أصل 136 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها

  • 📜 حديث: إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب