حديث: من صبر على لأواء المدينة كنت له شفيعا أو شهيدا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فضل من صبر على شدة المدينة

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «لا يصبر على لأواء المدينة وشدتها أحد من أمتي إلا كنت له شفيعا يوم القيامة أو شهيدا».

صحيح: رواه مسلم في الحج (١٣٧٨: ٤٨٤) من طرق، عن إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «لا يصبر على لأواء المدينة وشدتها أحد من أمتي إلا كنت له شفيعا يوم القيامة أو شهيدا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم في فضل الصبر على لأواء المدينة وشدتها، وبيان الجزاء الأوفى لمن صبر على ذلك.

الحديث بلفظه:


عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «لَا يَصْبِرُ عَلَى لَأْوَاءِ الْمَدِينَةِ وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ شَهِيدًا».
(رواه مسلم في صحيحه)


أولاً. شرح المفردات:


* لَأْوَاءِ: اللَّأْوَى (بفتح اللام والهمزة ثم واو) هي المشقة والعناء والشدة. وقيل هي شدة العيش وضيق المعيشة.
* شِدَّتِهَا: المراد بها الصعوبات والمكاره التي قد يواجهها ساكن المدينة، سواء كانت مادية أو معنوية.
* شَفِيعًا: الشفاعة هي التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة. وهنا شفاعة النبي ﷺ الخاصة لأهل الكبائر من أمته، وهي من أعظم المراتب.
* شَهِيدًا: الشهيد هنا بمعنى الشاهد، أي أكون شاهداً له يوم القيامة بأنه قد صبر على لأواء المدينة فاستحق الأجر. وقيل: المعنى أن من صبر عليها فكأنه مات شهيداً في سبيل الله. وقيل: هو من الشهادة بمعنى الحضور، أي أكون حاضرا له يوم القيامة.


ثانياً. شرح الحديث:


يخبر النبي ﷺ في هذا الحديث عن فضل عظيم ومكانة سامية لمن يصبر على مشاق الحياة في المدينة المنورة وصعوباتها. والمراد بالصبر هنا ليس مجرد التحمل، بل هو الصبر الجميل الذي لا شكوى فيه لغير الله، مع الرضا بقضاء الله وقدره، والإيمان بأن ما عند الله خير وأبقى.
والحديث يعد من فضائل المدينة المنورة وخصائصها، فقد اختارها الله تعالى لتكون دار هجرة نبيه ﷺ، ومهبط الوحي، وعاصمة الدولة الإسلامية الأولى. وهي محفوظة بحفظ الله، وقد وردت أحاديث كثيرة في فضلها وحرمتها ومكانتها.
والنبي ﷺ يعد من يصبر على شدة العيش فيها ومشاقها (كشدة الحر، أو ضيق الرزق في بعض الأحيان، أو غير ذلك من الصعوبات) بوعد عظيم، وهو أحد أمرين لا ثالث لهما:
1- أن يكون له شفيعاً يوم القيامة: وهي شفاعته ﷺ الخاصة التي لا تُرد، فيشفع له ليخرج من النار أو ليدخل الجنة، وهذا أعلى المنزلتين.
2- أو شهيداً: أي أن يكون له شاهداً يوم القيامة يشهد له بصبره وإيمانه، فينال بذلك أجر الشهادة أو يكون في منزلة الشهداء.
وهذا الوعد العظيم يدل على عظم أجر الصبر على مشاق الإقامة في المدينة المنورة، وأنها عبادة جليلة يكافئ الله عليها صاحبها بهذه المكافأة العظيمة.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظم فضل المدينة المنورة: فهي دار الهجرة والإيمان، وهي محروسة بحفظ الله، والإقامة فيها والصبر على لأواها من القربات العظيمة.
2- فضل الصبر على الشدائد: يبين الحديث أن الصبر على المشقات في سبيل الله وفي الأماكن المباركة له أجر عظيم، وأن الجزاء من جنس العمل.
3- علو منزلة الشفاعة النبوية: حيث جعلها النبي ﷺ جزاء للصابرين، مما يدل على عظم شأنها وأنها لا تُمنح إلا لأهل الأعمال الصالحة.
4- الحث على الإقامة في المدينة والحرص عليها: خاصة لأهل العلم والعبادة، لما فيها من الخيرات والبركات، ولما أعده الله للمقيم فيها الصابر.
5- الترغيب في الأعمال الصالحة بوعد الجزاء الحسن: فالنبي ﷺ يربط بين العمل (الصبر) والجزاء (الشفاعة أو الشهادة) لتحفيز النفوس على الطاعة.


رابعاً. معلومات إضافية:


* وردت أحاديث أخرى تبين فضل الصبر على لأواء المدينة، منها قوله ﷺ: «المَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، لَا يَدَعُهَا أَحَدٌ رَغْبَةً عَنْهَا إِلَّا أَبْدَلَ اللَّهُ فِيهَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَلَا يَثْبُتُ عَلَى لَأْوَائِهَا وَجَهْدِهَا أَحَدٌ إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
* المقصود بالصبر على لأواء المدينة هو الصبر على ما قد يعترض المقيم فيها من مشقات طبيعية أو معيشية، وليس الصبر على المعاصي أو المنكرات، فذلك واجب في كل مكان.
* هذا الفضل العظيم للمقيم في المدينة لا يعني ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو التهاون في أداء الواجبات، بل لا بد من الجمع بين الصبر على طاعة الله والصبر عن معصيته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الحج (١٣٧٨: ٤٨٤) من طرق، عن إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 67 من أصل 136 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من صبر على لأواء المدينة كنت له شفيعا أو شهيدا

  • 📜 حديث: من صبر على لأواء المدينة كنت له شفيعا أو شهيدا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من صبر على لأواء المدينة كنت له شفيعا أو شهيدا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من صبر على لأواء المدينة كنت له شفيعا أو شهيدا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من صبر على لأواء المدينة كنت له شفيعا أو شهيدا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب