حديث: ما بين لابتيها حرام

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في حرم المدينة

عن أبي هريرة أنه كان يقول: لو رأيت الظباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها، قال رسول الله ﷺ: «ما بين لابتيها حرام».

متفق عليه: رواه مالك في الجامع (١١) عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة أنه كان يقول: لو رأيت الظباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها، قال رسول الله ﷺ: «ما بين لابتيها حرام».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف:

الحديث:


عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: "لو رأيت الظباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما بين لابتيها حرام».

شرح المفردات:


● الظباء: جمع ظبي، وهو حيوان بري يشبه الغزال، معروف برشاقته وخوفه من البشر.
● ترتع: يعني تتغذى وترعى في مكانٍ بهدوء وأمان دون خوف.
● ما ذعرتها: "ذعرتها" من التذعير، أي إفزاعها وإخافتها وطردها.
● لابتيها: "اللابة" هي الأرض التي تكثر فيها الحجارة السوداء (الحرة)، و"لابتي المدينة" هما حرتان معروفتان بجانبي المدينة المنورة (حرة واقم في الشرق، وحرة الوبرة في الغرب).

شرح الحديث:


هذا الحديث الشريف يرويه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه، وهو يوضح مدى احترامه وتقديره لحرمة المدينة المنورة كما عينها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول أبو هريرة: إنه بسبب هذا التحريم، لو رأى الظباء – وهي حيوانات شديدة الحذر والوجل – ترعى في أرض المدينة بكل أمان وهدوء، لما قام بإخافتها أو طردها. لماذا؟ لأنه يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعلن أن ما بين هاتين اللابتين (الحرتين) حَرام.
ومعنى كلمة "حرام" هنا ليس الحرام في الاصطلاح الفقهي (أي المحرم فعله)، بل محمي ومحرم وصونه، أي أنه أرض لها حرمة خاصة وقدسية، يجب احترامها وصيانتها. وهذا التحريم يشمل:
● تحريم صيد حيواناتها وإفزاعها، فلا يصاد طيرها ولا وحشها، ولا يختلى خلاها (لا يُقطع نباتها الأخضر).
● تحريم قطع أشجارها ونباتها إلا لحاجة ماسة كعلف للدواب.
● تحريم ارتكاب الذنوب والمعاصي فيها، فهي أرض طاهرة اختارها الله لإقامة دعوته.
فكأن أبا هريرة رضي الله عنه يترجم هذا الأمر النبوي إلى سلوك عملي، فيمتنع حتى عن إزعاج حيوان بري لأنه يعيش في أرض محرمة.

الدروس المستفادة والعبر:


1- تعظيم حرمة المدينة المنورة: المدينة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي دار الهجرة ومهبط الوحي بعد مكة، وفيها مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وجعلها الله حرماً آمناً.
2- الامتثال العملي لأوامر النبي ﷺ: أبو هريرة لم يقل هذا الكلام نظرياً، بل كان يعيشه واقعاً، فكان يتورع حتى عن إفزاع الحيوان تطبيقاً لأمر النبي.
3- الرحمة بالحيوان: الإسلام دين الرحمة، وهذا الحديث يظهر رحمة الإسلام حتى بالحيوانات البرية في الأماكن المقدسة.
4- الحفاظ على البيئة: النهي عن إخافة الحيوان وقطع الشجر هو شكل من أشكال الحفاظ على التوازن البيئي ونظام الحياة في هذه البقعة المباركة.
5- شدة ورع الصحابة: يبين لنا هذا الموقف مدى دقة الصحابة رضي الله عنهم في تطبيق السنة وحفظ حدود الله، حتى في الأمور التي قد يراها الناس صغيرة.

معلومات إضافية:


- هذا الحديث جزء من مجموعة أحاديث تُعرف بـ "أحاديث تحريم المدينة"، وهي متفق عليها في الصحيحين (البخاري ومسلم) وغيرهما.
- حرمة المدينة ثابتة بنص الحديث، لكنها دون حرمة مكة المكرمة في الدرجة. فمكة حرمها الله في القرآن، والمدينة حرمها النبي ﷺ بالسنة.
- المقصود بـ "ما بين لابتيها" هو المنطقة المحصورة بين حرتي المدينة الشرقية والغربية، وهي الحدود الطبيعية المعروفة قديماً.
نسأل الله أن يعظم في قلوبنا حرمة حبيبه صلى الله عليه وسلم وحرمة بلده التي آواه وأصحابه، وأن يجعلنا من المحافظين على سنته المتبعين لهديه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الجامع (١١) عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة فذكره. رواه البخاري في فضائل المدينة (١٨٧٣)، ومسلم في الحج (٤٧١: ١٣٧٢) من طريق مالك به.
وفي رواية عند البخاري (١٨٦٩) عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «حرم ما بين لابتي المدينة على لساني» قال: وأتى النبي ﷺ بني حارثة فقال: «أراكم يا بني حارثة، قد خرجتم من الحرم» ثم التفت فقال: «بل أنتم فيه».
وفي رواية عند مسلم (٤٧٢: ١٣٧٢) عن أبي هريرة أنه قال: «حرم رسول الله ﷺ ما بين لابتي المدينة».
قال أبو هريرة: فلو وجدت الظباء ما بين لابتيها ما ذعرتُها، وجعل اثني عشر ميلا حول المدينة حمى.
وقوله: «بني حارثة» وهم بطن مشهور من الأوس، وهو حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس. وكان مسكنهم في جهة الشمال من المدينة بينها وبين مقبرة حمزة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 61 من أصل 136 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما بين لابتيها حرام

  • 📜 حديث: ما بين لابتيها حرام

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما بين لابتيها حرام

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما بين لابتيها حرام

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما بين لابتيها حرام

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب