حديث: ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)﴾

عن خالد بن عمير العدوي، قال: خطبنا عتبة بن غزوان، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد! فإن الدنيا قد آذنت بِصُرْمٍ، وولت حذَّاءَ، ولم يبق منها إلا صُبابة كصبابة الإناء يتصابها صاحبها، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا بخيرِ ما بحضرتكم، فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفة جهنم، فيهوي فيها سبعين عاما لا يدرك لها قعرا، ووالله لتُمْلأَنَّ، أفعجبتم؟ ولقد ذُكِرَ لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة، وليأتين عليها يوم وهو كظيظ من الزحام، ولقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله ﷺ، ما لنا طعام إلا ورق الشجر، حتى قرحت أشداقنا، فالتقطت بردة، فشققتها بيني وبين سعد بن مالك، فاتزرت بنصفها، واتزر سعد بنصفها، فما أصبح اليوم منا أحد إلا أصبح أميرا على مصر من الأمصار، وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما وعند الله صغيرا، وإنها لم تكن نبوة قط إلا تناسخت حتى يكون آخر عاقبتها مُلْكا، فسَتَخْبُرون وتجرِّبون الأمراء بعدنا.

صحيح: رواه مسلم في الزهد (٢٩٦٧) عن شيبان بن فروخ، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا
حميد بن هلال، عن خالد بن عمير العدوي، فذكره موقوفا.

عن خالد بن عمير العدوي، قال: خطبنا عتبة بن غزوان، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد! فإن الدنيا قد آذنت بِصُرْمٍ، وولت حذَّاءَ، ولم يبق منها إلا صُبابة كصبابة الإناء يتصابها صاحبها، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا بخيرِ ما بحضرتكم، فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفة جهنم، فيهوي فيها سبعين عاما لا يدرك لها قعرا، ووالله لتُمْلأَنَّ، أفعجبتم؟ ولقد ذُكِرَ لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة، وليأتين عليها يوم وهو كظيظ من الزحام، ولقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله ﷺ، ما لنا طعام إلا ورق الشجر، حتى قرحت أشداقنا، فالتقطت بردة، فشققتها بيني وبين سعد بن مالك، فاتزرت بنصفها، واتزر سعد بنصفها، فما أصبح اليوم منا أحد إلا أصبح أميرا على مصر من الأمصار، وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما وعند الله صغيرا، وإنها لم تكن نبوة قط إلا تناسخت حتى يكون آخر عاقبتها مُلْكا، فسَتَخْبُرون وتجرِّبون الأمراء بعدنا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من خطبة الصحابي الجليل عتبة بن غزوان رضي الله عنه، يذكر فيها حقائق عن الدنيا ويحذر من الاغترار بها، ويبين عاقبة المؤمن والكافر، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:


● آذنت بِصُرْمٍ: أي أعلمت بانقطاعها وزوالها.
● ولت حذَّاءَ: أي مضت مسرعة.
● صُبابة: البقية القليلة، كبقية الماء القليل في الإناء.
● يتصابها صاحبها: يرشفها ويشربها.
● كظيظ: مملوءة ومزدحمة.
● قرحت أشداقنا: تأذت أفواهنا من أكل ورق الشجر.
● بردة: ثوب خشن.
● تناسخت: تتابعت وتحولت.

ثانيًا. شرح الحديث:


يبدأ عتبة بن غزوان رضي الله عنه خطبته بحمد الله والثناء عليه، ثم يذكر حقيقة الدنيا وأنها قد بلغت آخر عمرها، وأنها تتجه نحو الزوال، ولم يبق منها إلا القليل الذي لا يقيم حياة، كبقية الماء في الإناء التي يرشفها صاحبها. ثم يذكر أننا سننتقل منها إلى دار الآخرة، إما جنة أبدًا أو نار أبدًا، ويحث على أن ننتقل بأفضل ما لدينا من الأعمال الصالحة.
ثم يذكر شدة عذاب النار وعظمتها، فيقول إن الحجر لو ألقي من حافة جهنم لظل يسقط سبعين عامًا قبل أن يصل إلى قعرها، وهذا من شدة عمقها وهولها. ثم يتعجب من أن الناس قد يستغربون هذا، مع أن الله قادر على كل شيء.
ثم يذكر سعة الجنة وفضلها، فيبين أن المسافة بين مصراعي الباب الواحد من أبواب الجنة مسيرة أربعين عامًا، ومع هذا ستكون الجنة مكتظة بالناس يوم القيامة، وهذا من فضل الله وكرمه.
ثم يذكر حاله وحال الصحابة في بداية الإسلام، كيف كانوا في فقر وجوع، حتى كانوا يأكلون ورق الشجر، وتأذي أفواههم منه، وكان يشارك سعد بن مالك في ثوب واحد، كل منهما يلبس نصفه. ثم ينظر إلى حالهم بعد ذلك، حيث أصبح كل منهم أميرًا على إقليم من الأقاليم، وهذا من فضل الله عليهم.
ثم يستعيذ بالله أن يرى نفسه عظيماً في الدنيا، ولكن يكون صغيراً عند الله بسبب الكبر أو الغرور. ويختم بأن النبوة تتحول إلى ملك بعد انقطاعها، وسيجرب الناس الأمراء بعدهم، فيجب الصبر والطاعة في المعروف.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- زوال الدنيا: الدنيا فانية لا بقاء لها، ويجب عدم الاغترار بها.
2- الاستعداد للآخرة: يجب أن يعمل الإنسان للأبد، ويقدم ما يستطيع من صالح الأعمال.
3- شدة عذاب النار: التخويف من النار والحث على تجنب أسبابها.
4- سعة الجنة وفضلها: الترغيب في الجنة والحث على طلبها.
5- التواضع: عدم الغرور بالمناصب الدنيوية، والتذكر أن العظمة لله وحده.
6- الصبر على جور الأمراء: إذا ولي الأمر من ليس بأكفأ، يجب الصبر وعدم الخروج عليهم ما لم يأمروا بمعصية.

رابعًا. معلومات إضافية:


- عتبة بن غزوان من السابقين إلى الإسلام، وهو من أهل بدر، وكان فقيرًا ثم أصبح أميرًا على البصرة.
- الحديث رواه مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تبين حقائق الإيمان واليوم الآخر.
- فيه تحذير من التمادي في الدنيا والاغترار بها، وترغيب في العمل للآخرة.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا لطاعته ورضاه.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الزهد (٢٩٦٧) عن شيبان بن فروخ، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا
حميد بن هلال، عن خالد بن عمير العدوي، فذكره موقوفا.
ورواه أحمد (١٧٥٧٥) عن بهز بن أسد، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا حميد، عن خالد بن عمير، قال: خطبنا عتبة بن غزوان، قال: بهز: وقال قبل هذه المرة: خطبنا رسول الله ﷺ، فذكره. والحكم لمن رفعه.
وقوله تعالى: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾، وقول النبي ﷺ: «إني بعثت والساعة كهذه من هذه» وغيره
من الأحاديث التي سبق ذكرها، فيه إشارة إلى أن ما مضى من عمر الدنيا أكثر مما بقي، وهذا الماضي قد استغرق الملايين من السنين، ولا يعلم عددها الصحيح إلا الله سبحانه وتعالى، وأما ما يذكر من الانكشافات الجديدة عن عمر الدنيا والحياة على كرة الأرض فهي ظن وتخمين، قد تكون صحيحة، وقد تكون غير ذلك.
وقوله: ﴿وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ وقع ذلك في عهد النبي ﷺ بمكة، حين سأله المشركون أن يريهم آية على صدق ما جاء به ويدعو إليه، فأشار النبي ﷺ إلى القمر، فصار بإذن الله تعالى شقين،

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1575 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة

  • 📜 حديث: ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب