وما في الجنة أعزب

حديث: وما في الجنة أعزب

عن محمد بن سيرين قال: إما تفاخروا وإما تذاكروا: الرجال في الجنة أكثر أم النساء؟ فقال أبو هريرة: أولم يقل أبو القاسم ﷺ: «إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضوإ كوكب دري في السماء، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم، وما في الجنة أعزب».

صحيح: رواه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٣٤) من طرق عن إسماعيل ابن علية، أخبرنا أيوب، عن محمد بن سيرين، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الأثر الذي ذكر يُروى عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، وهو يتعلق بوصف نعيم أهل الجنة وخاصةً ما يتعلق بالزوجات فيها. وإليك الشرح المفصل:

1. شرح المفردات:

* تفاخروا أو تذاكروا: أي إما أن يتحدثوا حديث مفاخرة وتباهٍ، أو حديث تذكّر وتباحث في أمور الدين والآخرة.
* زمرة: جماعة أو مجموعة من الناس.
* على صورة القمر ليلة البدر: تشبيه بليغ بجمالهم وصفاء وجوههم وإشراقها ونورانيتها كالقمر في الليلة التي يكون فيها بدراً كاملاً.
* على أضوإ كوكب دري: (أضوأ) أي أشدّ ضياءً وإشراقاً. و(كوكب دري) أي كوكب متلألئ شديد اللمعان.
* مخ سوقهما: (المخ) هو أصفى وألين ما في العظم. و(الساق) معروفة. والمعنى: يرى نعومة ودقة وصفاء ما داخل ساقي الزوجة من شدة صفاء جلدها ونعومته وحسنها.
* من وراء اللحم: أي من وراء الجلد واللحم، لشدة صفاء الجلد ونقائه.
* أعزب: أي ليس هناك رجل بدون زوجة.

2. شرح الحديث:

يخبر محمد بن سيرين – وهو من كبار التابعين وأعلمهم – أن الناس كانوا يتساءلون ويتناقشون: من سيكون أكثر عدداً في الجنة، الرجال أم النساء؟
فأجابهم أبو هريرة رضي الله عنه مستدلاً بكلام النبي صلى الله عليه وسلم (وأبو القاسم هو أحد كُنى النبي صلى الله عليه وسلم)، الذي يصف حال أولى المجموعات دخولاً للجنة، وهم السابقون الأولون من المؤمنين، بأنهم:
* في غاية الجمال والنورانية: حيث شُبّهوا في كمال جمالهم وصفاء وجوههم ونورها بالقمر في أتمّ صورة له (ليلة البدر). والمجموعة التي تليهم في الدرجة شُبّهت بألمع الكواكب وأشدها سطوعاً في السماء.
* يُعطون من النعيم ما يتناسب مع مقامهم: ومن هذا النعيم أن يُزَوَّج كل رجل منهم زوجتين، مما يدل على كرم الله تعالى وعطائه الذي لا ينفد.
* يُوصف جمال الزوجات بوصف عجيب: يدل على كمال الحسن والنعمة، حيث يرى الرجل من شدة صفاء جلد زوجته ونعومته ما داخل ساقيها، كناية عن الغاية في الصفاء والنقاء والجمال الذي يفوق الوصف. وهذا من بلاغة اللغة العربية في التعبير عن شدة الصفة.
* الاستئناس بالزوجات من أعظم النعيم: حيث يؤكد الحديث أنه "ما في الجنة أعزب"، أي أن كل رجل فيها متزوج، وهذا من تمام النعيم والسعادة والأنس الذي يعمّ أهل الجنة، فلا وحشة ولا وحدة.

3. الدروس المستفادة منه:

1- بيان عظم نعيم الجنة: الحديث يصور جانباً من نعيم الجنة الذي لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وهو نعيم حقيقي لا يشبه نعيم الدنيا، لكن شُبّه لنا بما نعرفه لنقربّه إلى أذهاننا.
2- إثبات الزواج في الجنة: وهو من النعيم الذي وعد الله به المؤمنين، وهو نعيم روحي وجسدي كامل.
3- الحث على العمل للجنة: هذا الوصف البهيج يبعث في نفس المؤمن الهمة والرغبة في العمل الصالح ليكون من أهل هذه الدرجات العالية.
4- ردّ على من استشكل كثرة النساء في الدنيا: حيث بيّن أبو هريرة رضي الله عنه أن السؤال عن العدد ليس هو المقصود، بل المقصود هو描述 النعيم والعطاء الجزيل للرجال والنساء جميعاً، فلكل مؤمنة منزلها ودرجتها ونعيمها الذي preparedه الله لها، وهو أعظم مما تُوصف.
5- أن من هدي السلف التذاكر في أمور الآخرة: مما يحيي القلوب ويذكرها بنعيم الله وعطائه.

4. معلومات إضافية:

* مصدر الحديث: هذا الحديث رواه الإمام البخاري ( رقم 3245 ) ومسلم ( رقم 2834 ) في صحيحيهما، مما يجعله حديثاً صحيحاً متفقاً على صحته.
* المرأة في الجنة: الحديث يتكلم عن نعيم الرجال بزوجاتهم، والمرأة في الجنة لها منزلها العظيم ونعيمها الكامل، وهي زوجة لزوجها في الدنيا إذا كان من أهل الجنة، كما قال تعالى: "جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ" (الرعد: 23). ولها من الكرامة ما لا يعلمه إلا الله.
* ليس المقصود الحصر: وصف الزوجتين لا يعني أنه حد أقصى، بل هو وصف لأدنى أهل الدرجات العليا، فمن كان أعلى درجة فله من النعيم أكثر، كما قال تعالى: "وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ" (فصلت: 31).
أسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعاً من أهل الجنة، وأن ينعم علينا برؤيته ورضاه.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٣٤) من طرق عن إسماعيل ابن علية، أخبرنا أيوب، عن محمد بن سيرين، فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1597 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: وما في الجنة أعزب

📜 حديث: وما في الجنة أعزب

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: وما في الجنة أعزب

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: وما في الجنة أعزب

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: وما في الجنة أعزب

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية