إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه

حديث: إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه. فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه. فإن زاد زادت. فذلك الران الذي ذكره الله في كتابه: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾».

حسن: رواه الترمذي (٣٣٣٤)، وابن ماجه (٤٢٤٤)، وأحمد (٧٩٥٢)، وصححه ابن حبان (٩٣٠)، والحاكم (٢/ ٥١٧) كلهم من حديث محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من الأحاديث التي تتعلق بتهذيب النفوس وتزكية القلوب، رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني.

أولاً. شرح المفردات:

● أذنب: ارتكب معصية أو ذنباً.
● نُكْتَة: أي نقطة صغيرة أو أثر كالنقطة من الحبر.
● سوداء: صفة للون الذي يدل على الظلمة والقتامة، مقابل النور والصفاء.
● نَزَع: أي انتهى عن المعصية وتركها وابتعد عنها.
● اسْتَغْفَر: طلب المغفرة من الله تعالى بالندم والتوبة.
● صُقِلَ: جُعل صقيلاً، أي صفا وازداد نوراً وبراقاً كما يصفى المعدن بالصقل.
● الرَّان: هو الغشاء أو الغطاء الذي يتراكم على القلب حتى يطمسه ويغطي نوره، كالصدأ على المرآة.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن حكمة إلهية عظيمة تتعلق بقلب المؤمن وكيفية تعامله مع الذنوب.
● "إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه":
فكلما ارتكب المؤمن معصية – صغيرة كانت أم كبيرة – يظهر أثرها على قلبه في صمة نقطة سوداء تخدش صفاءه ونوره. وهذا القلب هو محل نظر الله تعالى، ومحل الإيمان والتقوى، فإذا كثرت هذه النقاط السوداء أظلم القلب وضعف نوره.
● "فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه":
لكن الله تعالى لم يترك عبده لهذه الحال، بل فتح له باب التوبة والرجوع. فإذا ما تاب العبد توبة نصوحاً – أي ندم على ما فَعَل، وترك المعصية في الحال، وعزم على عدم العودة إليها، واستغفر الله بصدق – فإن هذه النقطة السوداء تزول، ويزداد القلب صفاءً ونوراً بل ويصقل كالمرآة الملساء. وهنا معنى عظيم: أن التوبة النصوح لا تمحو الذنب فقط، بل قد تزيد القلب جمالاً ونقاءً.
● "فإن زاد زادت":
أما إذا استمر العبد في المعصية وأصر عليها من غير توبة ولا إنابة، فإن هذه النقاط السوداء تتراكم الواحدة تلو الأخرى.
● "فذلك الران الذي ذكره الله في كتابه: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ":
في النهاية، تتحول هذه النقاط المتكررة إلى غطاء أو صدء كثيف (هو الران) يغشي القلب ويطمسه، فيصبح القلب مغطىً لا يبصر الحق ولا ينشرح للإيمان، وهذا هو الوصف الذي ذكره الله تعالى في سورة المطففين للذين استمروا في الكفر والمعاصي حتى طبع على قلوبهم.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- القلب هو المحك: الحديث يذكرنا أن المعركة الحقيقية هي معركة القلب وسلامته من الأمراض والآفات.
2- خطورة الذنوب: الذنوب ليست أموراً هينة، بل لها آثار حقيقية وتراكمية على قلب العبد وإيمانه.
3- سعة رحمة الله: فمهما كثرت الذنوب، فإن باب التوبة مفتوح، والتوبة لا تمح الأثر فقط بل تحول القلب إلى الأفضل.
4- الاستغفار الدائم: يجب على المؤمن أن يواظب على الاستغفار والتوبة، لأن الذنوب تحدث ولا بد، والقلب يحتاج إلى تطهير مستمر.
5- التحذير من الإصرار: الإصرار على الصغيرة قد يؤدي إلى الكبيرة، وتراكم الصغائر بلا توبة قد يؤدي إلى القسوة والران.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث يفسر الآية الكريمة: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14]. والران هو الذي يجعل القلب في غشاء لا يصل إليه خير ولا ينفذ إليه نور الهدى.
- ينبغي للمسلم أن يحاسب نفسه ويستغفر ربه حتى من الذنوب التي لا يذكرها، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا أذنب ذنباً نكت في قلبه نكتة سوداء...».
- من أعظم ما يعين على صقل القلب: ذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن، وفعل الطاعات، ومجالسة الصالحين.
نسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا من كل غل وحقد، وأن يصقلها بنور طاعته، وأن يجنبنا الذنوب والمعاصي ما ظهر منها وما بطن.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (٣٣٣٤)، وابن ماجه (٤٢٤٤)، وأحمد (٧٩٥٢)، وصححه ابن حبان (٩٣٠)، والحاكم (٢/ ٥١٧) كلهم من حديث محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عجلان فإنه حسن الحديث.
وقال الترمذي: «حسن صحيح». وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1819 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه

📜 حديث: إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية