حديث: من طلب الدنيا أضر بالآخرة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧)﴾

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «من طلب الدنيا أضرَّ بالآخرة، ومن طلب الآخرة أضرَّ بالدنيا» فسمعته قال: «فأضِرُّوا بالفاني للباقي».

حسن: رواه ابن أبي عاصم في الزهد (١٦١) عن هدبة بن عبد الوهاب، أخبرنا الفضل بن موسى، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «من طلب الدنيا أضرَّ بالآخرة، ومن طلب الآخرة أضرَّ بالدنيا» فسمعته قال: «فأضِرُّوا بالفاني للباقي».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، يضع بين أيدينا ميزاناً دقيقاً للتعامل مع الدنيا والآخرة، وهو من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم.

أولاً. شرح المفردات:


● طلب الدنيا: أي جعلها غايته القصوى، وهمّه الأوحد، يسعى لها بجميع جهده وقصده.
● أضرَّ بالآخرة: سبب ضرراً وخسارة في أمر الآخرة وأجرها.
● طلب الآخرة: جعل نيل رضا الله والجنة هو الهدف الأسمى، ووجه همه ونيته نحو ذلك.
● الفاني: هو الدنيا وزينتها، لأنها لا بقاء لها وهي زائلة.
● الباقي: هو الآخرة ونعيمها، لأنها دار خلود لا فناء فيها.

ثانياً. شرح الحديث:


يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث حقيقة صراع الهمم والقلوب بين أمرين: الدنيا الفانية والآخرة الباقية.
● "من طلب الدنيا أضرَّ بالآخرة": أي أن من جعل همه وجُلّ قصده جمع حطام الدنيا والانغماس في شهواتها، فإن هذا سينعكس سلباً على آخرته؛ لأنه سيشغله عن الطاعات، ويُقَصِّر في أداء الحقوق الواجبة، وقد يدفعه ذلك إلى ارتكاب المحرمات طمعاً في المال أو الجاه، فيُضيّع فرصاً عظيمة للأجر ويخسر دار القرار.
وهذا لا يعني تحريم الكسب الحلال، بل المقصود من جعلها هي الغاية والهدف الأوحد، كما قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا}.
● "ومن طلب الآخرة أضرَّ بالدنيا": أي أن من جعل همه الأساسي هو العمل للآخرة، وابتغاء مرضاة الله، فإنه سيقصّر لا محالة في السعي وراء متع الدنيا وزخرفها. سينفق ماله في سبيل الله، ويصرف وقته في الطاعات، ويقدم ما عند الله على عَرَض الدنيا القليل. وهذا "الضرر" في الدنيا هو في الحقيقة كسب وعزّ، لأنه إيثار للباقي على الفاني.
● "فأضِرُّوا بالفاني للباقي": هذه وصية نبوية حكيمة، تأمرنا بتقديم الباقي (الآخرة) على الفاني (الدنيا). أي: اخسروا في دنياكم الفانية من أجل أن تربحوا في آخرتكم الباقية. اجعلوا الخسارة في جانب الدنيا (بالبذل والعطاء والتقشف أحياناً) وسيلة للربح في جانب الآخرة. وهو معنى قوله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- بيان حقيقة الدنيا والآخرة: الدنيا فانية زائلة، والآخرة هي دار البقاء والخلود، والحكيم من يعمل لما يبقى ولا ينشغل بما يفنى.
2- الإيمان بالتوازن: الإسلام لا يطلب منا ترك الدنيا بالكلية، بل يطلب منا أن نجعل الدنيا وسيلة للآخرة، كما في الحديث: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً". فالمذموم هو جعل الدنيا هي الغاية.
3- حثّ على الإيثار والتضحية: الحديث يحث المسلم على أن يضحي بالملذات العاجلة والشهوات الوقتية من أجل نعيم آجل لا ينفد.
4- تزكية النفوس: فيه تربية للنفس على عدم التعلق بالدنيا وعدم الاغترار بزينتها، مما يرقى بالإنسان إلى مراتب الزهد والورع.

رابعاً. معلومات إضافية:


● مصدر الحديث: رواه الإمام أحمد في مسنده، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وهو حسن في "صحيح الجامع".
- هذا الحديث يجسد معنى قوله تعالى: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَىٰ}، وقوله صلى الله عليه وسلم: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر".
- من الأمثلة العملية على "الإضرار بالفاني للباقي": إنفاق المال في الصدقات بدلاً من ادخاره للكماليات، صلاة الليل وإن كان على حساب ساعة من النوم، صيام النوافل وإن كان على حساب بعض الراحة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي عاصم في الزهد (١٦١) عن هدبة بن عبد الوهاب، أخبرنا الفضل بن موسى، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل هدبة بن عبد الوهاب ومحمد بن عمرو فكلاهما حسن الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1833 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من طلب الدنيا أضر بالآخرة

  • 📜 حديث: من طلب الدنيا أضر بالآخرة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من طلب الدنيا أضر بالآخرة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من طلب الدنيا أضر بالآخرة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من طلب الدنيا أضر بالآخرة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب