تدنو الشمس يوم القيامة على قدر ميل

حديث: تدنو الشمس يوم القيامة على قدر ميل

عن أبي أمامة الباهلي أن رسول الله ﷺ قال: «تدنو الشمس يوم القيامة على قدر ميل، ويزداد في حرها كذا وكذا، يغلي منها الهامُ كما تغلي القدور، يعرقون فيها على قدر خطاياهم، منهم من يبلغ إلى كعبيه، ومنهم من يبلغ إلى ساقيه، ومنهم من يبلغ إلى وسطه، ومنهم من يلجمه العرق».

حسن: رواه أحمد (٢٢١٨٦) والطبراني في الكبير (٨/ ٢٢٢) كلاهما من طريق معاوية بن صالح، أن أبا عبد الرحمن، حدَّثه عن أبي أمامة الباهلي، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه، يصف لنا جانبًا من أهوال يوم القيامة وعظمة الموقف، وسأشرحه لك جزءًا جزءًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث: عن أبي أمامة الباهلي أن رسول الله ﷺ قال: «تَدْنُو الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَدْرِ مِيلٍ، وَيَزْدَادُ فِي حَرِّهَا كَذَا وَكَذَا، يَغْلِي مِنْهَا الْهَامُ كَمَا يَغْلِي الْقُدُورُ، يَعْرَقُونَ فِيهَا عَلَى قَدْرِ خَطَايَاهُمْ، مِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ إِلَى سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ إِلَى وَسَطِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ».
(رواه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، وقال: حديث حسن غريب، وصححه الألباني).

1. شرح المفردات:

● تَدْنُو: تقترب وتهبط من السماء.
● عَلَى قَدْرِ مِيلٍ: المِيل هو وحدة قياس للمسافة، والمقصود هنا قربها الشديد جدًا من رؤوس الخلائق، حتى كأن المسافة بينها وبينهم لا تتعدى ميلاً واحدًا. وقيل إن "الميل" هنا هو الميل المعروف، وقيل هو "المِكْحَلَة" التي تكتحل بها العين، للدلالة على القرب المفرط.
● يَزْدَادُ فِي حَرِّهَا كَذَا وَكَذَا: العبارة "كذا وكذا" في الرواية تدل على أن الراوي نسي العدد الدقيق أو أن الحرارة تزيد إلى درجة عظيمة لا يعلم مقدارها إلا الله، مما يفوق تصور البشر.
● الْهَامُ: جمع هامة، وهي الرؤوس.
● يَغْلِي... كَمَا يَغْلِي الْقُدُورُ: تشبيه لغليان أمخاخ الرؤوس من شدة الحرارة بغليان الماء في القدور على النار.
● يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ: يصل العرق إلى فمه وأنفه فيشله ويغطيه كما تفعل اللجام في فم الدابة.

2. شرح الحديث:

يصور لنا النبي ﷺ مشهدًا من أهوال يوم القيامة، حيث تدنو الشمس من الخلائق وتقترب منهم اقترابًا شديدًا لم يعهدوه في الدنيا. هذه الشمس التي في الدنيا تبعد عنا بملايين الكيلومترات، تصير في ذلك اليوم المهول على بعد ميل واحد فقط! وهذا القرب يزيد من حرها أضعافًا مضاعفة لا يعلم قدرها إلا الله تعالى.
من شدة هذا الحر، تبدأ أمخاخ الناس في جماجمهم بالغليان كما يغلي الماء في القدر على النار. وهنا يبدأ العرق بالانصباب من الناس، ولكن هذا العرق ليس متساويًا، بل هو على قدر أعمالهم وخطاياهم في الدنيا.
● فمنهم من يبلغ عرقه كعبيه: وهذا أدنى الدرجات، وهو يشير إلى من قلّت ذنوبه وعظمت حسناته، فنجا من大部分 العذاب.
● ومنهم من يبلغ إلى ساقيه: ذنوب أكثر قليلاً.
● ومنهم من يبلغ إلى وسطه (أي إلى صُلبه أو خصره): ذنوب أشد.
● ومنهم من يلجمه العرق: وهذا أعلاهم درجة في العذاب في هذا الموقف، حيث يغمره العرق حتى يصل إلى رأسه فيملأ فمه وأنفه، وهذا هو الكافر أو العاصي المتمادِي في المعاصي الذي لم يتب منها.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- عظمة يوم القيامة وهوله: الحديث يذكرنا بحقيقة ذلك اليوم及其 شدته وعظمته، لِنستعد له بالأعمال الصالحة.
2- العدل الإلهي المطلق: فالعذاب والعرق ليس عشوائيًا، بل هو بقدر الذنوب، {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف: 49].
3- الحث على تقوى الله وترك المعاصي: كلما كثرت الذنوب، عظم العذاب والعَرَق في ذلك الموقف الرهيب. وهذا يحفز المسلم على اجتناب الذنوب كبيرها وصغيرها.
4- فضل المغفرة والتوبة: النجاة من هذه الأهوال تكون بتقوى الله ومغفرته، فمن غفرت ذنوبه كان في أمان من هذا العذاب، أو كان مما يبلغ عرقه كعبيه فقط.
5- إثبات صفة العرق لله تعالى على ما يليق بجلاله: وهذا من الإيمان بأشراط الساعة وأهوالها كما جاءت في النصوص دون تحريف.

4. معلومات إضافية:

- هذا الموقف هو أحد مواقف يوم القيامة، وهو موقف الحساب حيث تدنو الشمس ويشتد الحر انتظارًا للحساب، وهو ما يسمى بـ "الْمَحْشَر".
- جاءت نصوص أخرى تذكر أن الله تعالى يظل في هذا الموقف الصادقين والشهداء وغيرهم

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٢١٨٦) والطبراني في الكبير (٨/ ٢٢٢) كلاهما من طريق معاوية بن صالح، أن أبا عبد الرحمن، حدَّثه عن أبي أمامة الباهلي، فذكره.
وإسناده حسن من أجل معاوية بن صالح وهو ابن حدير الحضرمي، فإنه حسن الحديث، وكذلك شيخه أبو عبد الرحمن وهو القاسم بن عبد الرحمن، فإنه أيضا حسن الحديث.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1817 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تدنو الشمس يوم القيامة على قدر ميل

📜 حديث: تدنو الشمس يوم القيامة على قدر ميل

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تدنو الشمس يوم القيامة على قدر ميل

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تدنو الشمس يوم القيامة على قدر ميل

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تدنو الشمس يوم القيامة على قدر ميل

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية