حديث: عَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ جَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ إِلَى الن

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (٤)﴾

عن أنس في قوله: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ جاء ابن أم مكتوم إلى النبي ﷺ وهو يكلم أُبَي بن خلف، فأعرض عنه، فأنزل الله: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ قال: فكان النبي ﷺ بعد ذلك يكرمه.
قال قتادة: وأخبرني أنس بن مالك قال: رأيته يوم القادسية، وعليه درع، ومعه راية سوداء، يعني ابن أم مكتوم.

صحيح: رواه أبو يعلى (٣١٢٣) عن محمد بن مهدي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك، فذكره.

عن أنس في قوله: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ جاء ابن أم مكتوم إلى النبي ﷺ وهو يكلم أُبَي بن خلف، فأعرض عنه، فأنزل الله: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ قال: فكان النبي ﷺ بعد ذلك يكرمه.
قال قتادة: وأخبرني أنس بن مالك قال: رأيته يوم القادسية، وعليه درع، ومعه راية سوداء، يعني ابن أم مكتوم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر يروي قصة نزول أوائل سورة "عبس"، وهو حديث صحيح رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما، وسأشرحه لك جزءًا جزءًا بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:


● عَبَسَ: قطب جبينه وتغير وجهه كعلامة على الامتعاض أو عدم الرضا.
● وَتَوَلَّى: أعرض بوجهه أو بجسده عن الشخص.
● ابن أُمِّ مَكْتُوم: هو عبد الله بن شريح، صحابي جليل كان أعمى، من السابقين إلى الإسلام.
● أُبَيَّ بْنَ خَلَف: أحد زعماء قريش المشركين، كان شديد العداوة للإسلام.
● يُكْرِمُهُ: يُعظِّمه، ويحترمه، ويُحسن إليه.
● يَوْمَ الْقَادِسِيَة: معركة فاصلة بين المسلمين والفرس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
● دِرْع: زردية من حديد يلبسها المقاتل للوقاية.
● رَايَةٌ سَوْدَاء: علم من أعلام الجيش.


ثانيًا. شرح الحديث:


1- السياق التاريخي للقصة:
كان النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم منشغلاً في حديثٍ جادٍّ ومهم مع "أبي بن خلف" وهو أحد زعماء المشركين في مكة، ساعيًا إلى دعوته إلى الإسلام وهدايته، أملاً في أن يُسلم فيُتبع به آخرون. وفي خضم هذا الحديث المهم، جاء الصحابي الأعمى "عبد الله بن أم مكتوم" رضي الله عنه، وهو لا يرى من كان مع النبي، فبدأ يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ويستفسر عن أمور في الدين بلهفة المؤمن المتعطش للعلم. فانشغل النبي صلى الله عليه وسلم عن جوابه، وظهر على وجهه الكريم شيء من العبوس والإعراض تأثرًا بانشغاله بالدعوة مع ذلك المشرك، طمعًا في هدايته.
2- نزول الوحي بالتوجيه الإلهي:
فأنزل الله تعالى عليه سورة "عبس" معاتبةً ولطفًا وتوجيهًا، مُذكِّرةً إياه بأن هذا الأعمى المؤمن الذي جاءه يطلب العلم والهدى هو أحق بالاهتمام من ذلك الزعيم المشرك المعرض، حتى لو كان أمل هدايته كبيرًا. فقال تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى﴾.
3- استجابة النبي صلى الله عليه وسلم للتوجيه الرباني:
استقبل النبي صلى الله عليه وسلم هذا التوجيه الإلهي بأعظم قبول، ولم يعاتب ربّه بل شكر له هذه الرعاية. ومنذ تلك اللحظة، أصبح صلى الله عليه وسلم يُكرم ابن أم مكتوم إكرامًا عظيمًا، كلما رآه قال له: "مرحبًا بمن عاتبني فيه ربي!"، وكان يستخلفه على المدينة في غزواته، إظهارًا للتقدير والاحترام.
4- بطولة ابن أم مكتوم لاحقًا:
الجزء الثاني من الحديث الذي رواه قتادة عن أنس، يبين لنا كيف أن هذا الصحابي الجليل لم يكن مجرد رجل أعمى، بل كان بطلًا شجاعًا مجاهدًا في سبيل الله. فقد شارك في معركة القادسية العظيمة ضد الفرس، وهو يحمل الدرع والسيف، ويمسك بالراية السوداء (وكانت الراية من أعظم مسئوليات الجيش)، رغم إعاقته. وهذا أعظم دليل على همته العالية وإيمانه العميق.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- تقديم شرف الإيمان على كل اعتبار: فالمؤمن الفقير الضعيف، خير عند الله وأحق بالاهتمام من أغنى أغنياء الأرض إذا كان كافرًا.
2- العدل والمساواة في الإسلام: فالنبي صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم المؤيد بالوحي، نزل عليه العتاب ليكون درسًا للأمة كلها في عدم التفريق بين الناس إلا بالتقوى.
3- التواضع وقبول النصيحة: الموقف أعظم مثال على تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وقبوله للحق من ربه دون تأفف أو امتعاض.
4- مكانة ذوي الهمم العالية في الإسلام: ابن أم مكتوم الأعمى لم تمنعه إعاقته من طلب العلم، ولا من الجهاد في سبيل الله، بل أصبح قائدًا ومجاهدًا، فهي رسالة بأن العجز الحقيقي هو عجز القلب والإرادة، لا عجز البصر أو البدن.
5- رفعة منزلة الصحابة: فابن أم مكتوم هو من بشر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يدخل الجنة، وكان من القراء الحفاظ للقرآن.


رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


● ابن أم مكتوم هو المؤذن الثاني في المدينة بعد بلال، وكان يؤم الناس في الصلاة في غياب النبي صلى الله عليه وسلم.
- استشهد رضي الله عنه في معركة القادسية وهو يحمل الراية، فكان من الشهداء الأبرار.
- هذه القصة تظهر أن العتاب الإلهي كان رحمة وتكريمًا للنبي صلى الله عليه وسلم وتأديبًا لأمته، وليس نقصًا في حقه، فهو المعصوم من الخطأ الذي يوحي إليه.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يتعلمون
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو يعلى (٣١٢٣) عن محمد بن مهدي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك، فذكره.
هكذا أيضا ساقه ابن كثير في تفسيره، ولكن ليس في مطبوعة تفسير عبد الرزاق (٣/ ٣٩٢) ذكر أنس بن مالك، فلعله سقط منه لأنه كل من ذكر هذا الحديث جعله موصولا عن أنس.
وأبي بن خلف كان من كفار مكة، وهو الذي كان يقول إذا لقيه النبي ﷺ: يا محمد، لا نجوتُ إن نجوتَ، وجُرِح بيد النبي ﷺ يوم أحد ومات بمكة.
وأما ما روي عن ابن عباس قوله: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ قال: بينا رسول الله ﷺ يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب، وكان يتصدى لهم كثيرا، وجعل عليهم أن يؤمنوا، فأقبل إليه رجل أعمى، يقال له: عبد الله بن أم مكتوم، يمشي وهو يناجيهم، فجعل عبد الله يستقرئ النبي ﷺ آية من القرآن، وقال: يا رسول الله! علمني مما علمك الله، فأعرض عنه رسول الله ﷺ في وجهه وتولى، وكره كلامه، وأقبل على الآخرين؛ فلما قضى رسول الله ﷺ، وأخذ ينقلب إلى أهله، أمسك الله بعض بصره، ثم خفق برأسه، ثم أنزل الله: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى﴾، فلما نزل فيه أكرمه رسول الله ﷺ وكلمه، وقال له: «ما حاجتك، هل تريد من شيء؟» وإذا ذهب من عنده قال له: «هل لك حاجة في شيء؟» وذلك لما أنزل الله: ﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى﴾ فهو ضعيف.
رواه ابن جرير في تفسيره (٢٤/ ١٠٣) عن محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده مسلسل بالضعفاء.
وقال ابن كثير في تفسيره: وفيه غرابة ونكارة، وقد تكلم في إسناده.
قال الأعظمي: لعله يقصد بالغرابة والنكارة ذكر عتبة بن ربيعة وأبي جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب، والصحيح كما مضى هو أبي بن خلف.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1800 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ جَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ إِلَى الن

  • 📜 حديث: عَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ جَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ إِلَى الن

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ جَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ إِلَى الن

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ جَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ إِلَى الن

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ جَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ إِلَى الن

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب