حديث: من يخر على وجهه هرما في مرضاة الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (٢٤)﴾

عن عتبة بن عبدٍ قال: إن رسول الله ﷺ قال: «لو أن رجلا يَخِرُّ على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هَرَما في مرضاة الله لحقره يوم القيامة».

صحيح: رواه أحمد (١٧٦٤٩) والطبراني في الكبير (١٧/ ١٢٣، ١٢٢) والبيهقي في شعب الإيمان (٧٥١) كلهم من طرق عن بقية بن الوليد، حدثني بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن عتبة بن عبدٍ، قال: فذكره.

عن عتبة بن عبدٍ قال: إن رسول الله ﷺ قال: «لو أن رجلا يَخِرُّ على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هَرَما في مرضاة الله لحقره يوم القيامة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني، وهو يحمل معنى عظيماً في بيان عظمة الله تعالى وجلاله، وحقيقة عبودية الإنسان له سبحانه.

أولاً. شرح المفردات:


● يَخِرُّ على وجهه: أي يسقط على وجهه سجوداً وتعبداً وطاعة.
● هَرَماً: أي وهو في حالة هرم وضعف وشيخوخة.
● مَرْضَاةِ الله: أي طلباً لرضوان الله تعالى وطاعة له.
● لَحَقَرَهُ: أي لاستصغره واستحقاره وعدّه قليلاً.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن عظمة الله وجلاله، وأنه لو فرضنا افتراضاً أن عبداً من عباد الله عاش طوال عمره - من يوم ولد إلى يوم يموت - وهو في حالة عبادة دائمة مستمرة، يسجد لله ولا يرفع رأسه، ويجتهد في الطاعة إلى آخر لحظة في حياته، وهو على هذه الحالة من الضعف والهرم، كل هذا طلباً لرضا الله تعالى... لو فرضنا هذا، فإن هذا العمل العظيم كله سَيُستقبل يوم القيامة باستحقار واستصغار، لا لأنه ليس عملاً صالحاً عظيماً، بل هو كذلك، ولكن لأنه لا يوازي ولا يقابل ولا يكفي شكر نعمة واحدة من نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى على هذا العبد.
فالحديث يوضح:
1- عظمة الله وجلاله: فمهما قدّم العبد من طاعة وعبادة، فإنه يبقى مقصّراً في حق الله تعالى، ولا يؤدّي شكر نعمة من نعمه.
2- حقيقة العبودية: فالعبد لن يصل إلى مرحلة يكون فيها قد أدى حق الله كاملاً، بل يبقى دائماً بين الخوف والرجاء، يعلم أنه مقصر ويطلب المغفرة.
3- تفضيل الله تعالى ونعمه: فالنعم التي أنعم الله بها على عبده (من الصحة، والسمع، والبصر، والعقل، والرزق، وغيرها) أعظم وأجل من أن يكافئها العبد بعمله كله.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الاستسلام لله والافتقار إليه: يجب على العبد أن يعلم أنه لن يوفي حق ربه أبداً، وهذا يدفعه إلى المزيد من الالتجاء والانكسار بين يدي الله، والاستغفار الدائم، وسؤال الله القبول.
2- عدم العجب بالعمل: فلا ينبغي للعبد أن يعجب بعمله أو يرى نفسه أنه قد أكمل حق الله، بل يظل خائفاً من تقصيره. قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: 60].
3- شكر النعم: يجب على المسلم أن يشكر الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وأن يعلم أن عمله كله لا يكفي شكر نعمة واحدة.
4- الحث على العمل مع الخوف: الحديث لا يثبّط عن العمل الصالح، بل يحث عليه، ولكن مع مراعاة الخوف من عدم القبول والاستصغار في الميزان. فالمؤمن يجتهد في الطاعة ويأمل رحمة الله، ويخاف من تقصيره.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من أحاديث الترهيب والترغيب، الذي يربي في القلب تعظيم الله وخشيته.
- يفهم من الحديث أن أعمال العباد كلها إنما تقبل بفضل الله ورحمته، لا بحقها واستحقاقها. فلو عامل الله العباد بعدله لهلكوا، ولكن يعاملهم برحمته.
- ينبغي للمسلم أن يدمغ عمله بالاستغفار وطلب القبول، ولا يغتر بعمله. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ». قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ» (متفق عليه).
نسأل الله تعالى أن يتقبل منا صالح الأعمال، وأن يجعلنا من عباده الشكورين، وأن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٧٦٤٩) والطبراني في الكبير (١٧/ ١٢٣، ١٢٢) والبيهقي في شعب الإيمان (٧٥١) كلهم من طرق عن بقية بن الوليد، حدثني بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن عتبة بن عبدٍ، قال: فذكره. وإسناده صحيح، وبقية بن الوليد قد صرَّح بالتحديث.
ويقويه ما جاء عن محمد بن أبي عميرة موقوفا، وكان من أصحاب النبي ﷺ قال: لو أن عبدا خَرَّ على وجهه من يوم ولد إلى أن يموت هرما في طاعة الله لَحَقَرَه ذلك اليوم، ولوَدَّ أنه رُدَّ إلى الدنيا كيما يزداد من الأجر والثواب.
رواه أحمد (١٧٦٥٠) وابن المبارك في الزهد (٣٤) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (١١٢٤) والطبراني في الكبير (١٩/ ٢٤٩) كلهم من طرق عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن محمد بن أبي عميرة، فذكره. ورجاله ثقات.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1846 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من يخر على وجهه هرما في مرضاة الله

  • 📜 حديث: من يخر على وجهه هرما في مرضاة الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من يخر على وجهه هرما في مرضاة الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من يخر على وجهه هرما في مرضاة الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من يخر على وجهه هرما في مرضاة الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب