حديث: من لا يرحم الناس لا يرحمه الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧)﴾

عن جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ: «من لا يرحم الناس لا يرحمه الله عز وجل».

متفق عليه: رواه البخاري في التوحيد (٧٣٧٦) ومسلم في الفضائل (٢٣١٩) كلاهما من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب وأبي ظبيان، عن جرير بن عبد الله، قال: فذكره، واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري نحوه.

عن جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ: «من لا يرحم الناس لا يرحمه الله ﷿».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لحديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه، الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه، والإمام مسلم وغيرهما.

الحديث الشريف:


عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ لَا يَرْحَمِ النَّاسَ لَا يَرْحَمْهُ اللهُ».


1. شرح المفردات:


● يَرْحَمْ: من الرحمة، وهي الرقة والتعطف والشفقة، وهي صفة من صفات الله تعالى ينزلها على من يشاء من عباده، ويجعلها بين خلقه.
● النَّاسَ: يشمل جميع البشر، مسلمهم وكافرهم، بل وقد延伸 إلى الحيوان أيضًا في نصوص أخرى، لكن المقصود الأساسي هنا هو بنو آدم.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث العظيم يضع قاعدةً ربانيةً وأمرًا نبويًا عظيمًا، وهو أن رحمة العباد بعضهم لبعض هي سببٌ لنيل رحمة الله تعالى، وأن عدم رحمتهم للخلق سببٌ لحجب رحمة الله عنهم.
● العلاقة بين رحمة العباد ورحمة الخالق: يربط النبي ﷺ بين تعامل الإنسان مع الناس وبين تعامل الله مع هذا الإنسان. فمن ينزع الرحمة من قلبه تجاه الآخرين، ويقسو عليهم، فإنه يكون قد قطع على نفسه سبيل رحمته تعالى، فجزاؤه من جنس عمله.
● شمولية "الناس": قوله ﷺ: "الناس" يعم كل الناس، فيدخل فيه:
● الرحمة بين المسلمين: بالإحسان إليهم، وسد حاجتهم، وكف الأذى عنهم، والعفو عن زلاتهم.
● الرحمة بالكفار: بمنع الظلم عنهم، وعدم التعرض لهم بسوء إذا لم يكونوا محاربين، والدعوة لهم بالهداية.
● الرحمة بالضعفاء: كالوالدين، والأطفال، والمساكين، والمرضى، والعجزة.
- وقد جاءت نصوص أخرى توسع معنى الرحمة ليشمل حتى الرحمة بالحيوان، كما في الحديث: «في كل كبد رطبة أجر».
● الترغيب والترهيب: الحديث جاء على سبيل الترهيب لمن يقسو قلبه على الناس، والترغيب لمن يرق قلبه لهم. فهو حافزٌ للأمة لكي تتحلى بأخلاق الرحمة والتعاطف.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- الرحمة أساس التعامل: جعل النبي ﷺ الرحمة أصلاً في تعامل المسلم مع كل من حوله، فهي من صفات المؤمن الحق، وهي خلق الأنبياء والمرسلين.
2- الجزاء من جنس العمل: كما تدين تدان. من يعامل الناس برحمة وعطف، يعامله الله تعالى بمثله بل وأعظم. ومن يبخل برحمته على الخلق، يبخل الله عليه برحمته التي هي أشمل وأعظم.
3- الرحمة سبب للتمكين في الأرض: الأمة التي تتحلى بالرحمة فيما بينها ومع غيرها، هي الأمة التي تستحق نصر الله وتأييده، كما قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأعراف: 156].
4- التحذير من قسوة القلب: الحديث تحذير شديد من قسوة القلب وغلظته، وهي من الأمراض الخطيرة التي تقود إلى الكثير من الآثام والظلم.
5- ربط السلوك بالإيمان: يربط الحديث بين السلوك العملي للإنسان وبين عقيدته ومصيره الأخروي، مما يجعل الرحمة جزءًا من الإيمان وكماله.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● الحديث في سياقه: جاء هذا الحديث في سياق أحاديث كثيرة تحث على الرحمة والرأفة، مثل حديث: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».
● منزلة الرحمة في الإسلام: الرحمة هي المقصد الرئيسي من بعثة النبي ﷺ، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].
● الفرق بين الرحمة والضعف: الرحمة لا تعني الضعف أو التنازل عن الحق، فالمسلم رحيم في موضع الرحمة، وشديد في موضع الشدة والعدل، كما قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29].
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الرحماء بيننا، وأن يتغمدنا برحمته الواسعة في الدنيا والآخرة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التوحيد (٧٣٧٦) ومسلم في الفضائل (٢٣١٩) كلاهما من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب وأبي ظبيان، عن جرير بن عبد الله، قال: فذكره، واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري نحوه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1852 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من لا يرحم الناس لا يرحمه الله

  • 📜 حديث: من لا يرحم الناس لا يرحمه الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من لا يرحم الناس لا يرحمه الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من لا يرحم الناس لا يرحمه الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من لا يرحم الناس لا يرحمه الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب