كل يعمل لما خلق له أو لما يسر له

حديث: كل يعمل لما خلق له أو لما يسر له

عن عمران بن حُصين، قال: قال رجلٌ: يا رسول الله! أيُعرف أهل الجنّة من أهل النّار؟ قال: «نعم». قال: فلِمَ يعمل العاملون؟ قال: «كلٌّ يعمل لما خُلقَ له، أو لما يُسِّرَ له».

متفق عليه: رواه البخاريّ في القدر (٦٥٩٦)، ومسلم في القدر (٢٦٤٩)، كلاهما من حديث شعبة، عن يزيد الرِّشك، قال: سمعت مطرّف بن عبد الله بن الشّخِّير يحدَّثُ عن عمران بن حصين، فذكره، ولفظهما سواء.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عمران بن حصين رضي الله عنه، وفيه سؤال مهم عن علم السابق لأهل الجنة وأهل النار، وجواب النبي صلى الله عليه عليه وسلم الحكيم.

أولاً. شرح المفردات:

● أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟: أي هل يعلم الشخص في الدنيا أنه من أهل الجنة أو من أهل النار؟
● فلِمَ يعمل العاملون؟: استفهام عن الحكمة من العمل والاجتهاد إذا كان المصير معلوماً سلفاً.
● كل يعمل لما خلق له: أي أن كل إنسان يسير ويجتهد في العمل الذي هيأه الله له وقدره عليه.
● أو لما يسر له: المعنى متقارب مع الأول، أي أن كل إنسان يعمل في الاتجاه الذي سهل الله له سبيله.

ثانياً. شرح الحديث:

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله: هل يعلم الإنسان في الدنيا أنه من أهل الجنة أو من أهل النار؟ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بالإثبات: "نعم"، لكن هذا العلم هو علم الله تعالى الذي لا يطلع عليه أحداً إلا من ارتضى من رسول، وهو ليس علماً يقتضي الجبر أو إلغاء الإرادة.
فلما سمع الرجل ذلك استشكل الأمر، وقال: إذا كان الأمر معلوماً سلفاً، فما الحكمة من العمل والاجتهاد في الطاعة؟ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بأن العمل ليس عبثاً، بل هو مظهر لما كتبه الله تعالى في علمه، وكل إنسان يسير ويجتهد في العمل الذي هيأه الله له وقدره عليه، والذي سهل الله له أسبابه وطرقه.
فالعمل هو علامة على الخلق والتيسير، وليس العكس. فمن خُلق للسعادة ويسر لها، فإنه يعمل بعمل أهل الجنة، ومن خُلق للشقاوة ويسر لها، فإنه يعمل بعمل أهل النار. والعبد لا يعلم مصيره، لذا يجب عليه أن يجتهد في العمل الصالح ويرجو رحمة الله ويخاف عقابه.

ثالثاً. الدروس المستفادة:

1- إثبات علم الله الأزلي: فالله تعالى يعلم مقادير الخلق وأعمالهم قبل أن يخلقهم، وهذا من كمال علمه وقدرته.
2- الربط بين العلم الإلهي والعمل البشري: فالعلم السابق لا يلغي الاختيار والإرادة، بل العبد يعمل باختياره، وعمله هذا هو مما علمه الله وقدره.
3- الحكمة من التكليف: أن العمل هو اختبار وامتحان للعبد، وهو مظهر لحكم الله تعالى وعدله، وليس لأن الله بحاجة إلى أعمالنا.
4- الحث على العمل والاجتهاد: لأن العبد لا يعلم مصيره، فيجب عليه أن يعمل بما يرضي الله ويرجو ثوابه ويخاف عقابه.
5- التسليم لحكمة الله: فكل ميسر لما خلق له، وهذا يدفع العبد إلى التفاؤل والسعي في الخير، والاستعاذة بالله من الشر ومسبباته.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث من الأحاديث التي تتعلق بالقدر، وهو من أركان الإيمان، ويجب الإيمان به دون الخوض في كيفيته.
- العلماء يستدلون به على أن الأعمال دالة على الخواتيم، ولكن لا يجوز لأحد أن يجزم لنفسه بالجنة أو النار إلا بنص شرعي.
- من حكمة الله أن أخفى عن العباد أعمالهم الخاتمة، ليبقوا بين الخوف والرجاء، وليجتهد كل في الطاعة.
أسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة، ويباعد بيننا وبين النار، وأن يوفقنا للعمل الصالح الذي يرضيه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في القدر (٦٥٩٦)، ومسلم في القدر (٢٦٤٩)، كلاهما من حديث شعبة، عن يزيد الرِّشك، قال: سمعت مطرّف بن عبد الله بن الشّخِّير يحدَّثُ عن عمران بن حصين، فذكره، ولفظهما سواء.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1857 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كل يعمل لما خلق له أو لما يسر له

📜 حديث: كل يعمل لما خلق له أو لما يسر له

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كل يعمل لما خلق له أو لما يسر له

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كل يعمل لما خلق له أو لما يسر له

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كل يعمل لما خلق له أو لما يسر له

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية