حديث: من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في من التمس رضا الله بسخط الناس

عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ: «من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله تعالى عنه، وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله
عليه، وأسخط عليه الناس».

حسن: رواه ابن حبَّان (٢٧٦) عن الحسن بن سفيان، قال: حَدَّثَنَا عبد الله بن عمر الجعفي، قال: حَدَّثَنَا عبد الرحمن المحاربي، عن عثمان بن واقد العمري، عن أبيه، عن محمد بن المنكدر، عن عروة، عن عائشة، فذكرته.

عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ: «من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله تعالى عنه، وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله
عليه، وأسخط عليه الناس».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يضع قاعدة ذهبية في التعامل مع رضا الخالق ورضا المخلوق. رواه الإمام الترمذي في سننه، وقال: حديث حسن، وصححه الألباني.

أولاً. شرح المفردات:


● التمس: طلب وسعى في الحصول على شيء.
● رضى الله: مرضاته وثناؤه وجنته، وهو أعلى مراتب القبول.
● سخط الناس: غضبهم وعدم رضاهم.
● سخط الله: غضبه وعقابه، نعوذ بالله من ذلك.

ثانيًا. شرح الحديث:


يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث مصيرين متباينين لاثنين من الناس:
1- المصير الأول: الفائزون
وهو حال "مَنِ التَمَسَ رِضَا اللهِ بِسَخَطِ النَّاس"، أي: الذي يقدم طاعة الله ومرضاته على كل شيء، حتى لو كان ذلك سيسبب غضب الناس عليه وعدم رضاهم عنه، لأنه آثر ما عند الله على ما عند الناس. فهذا الجزاء من جنس العمل:
● "رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ": فحصل على أعلى مكسب، وهو رضا الرب جل جلاله.
● "وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ": فإن الله تعالى سيهيئ قلوب الناس له في النهاية فيرضون عنه، أو يجعله مُحْتَرَمًا في صدورهم حتى وإن أظهروا خلاف ذلك، أو أن رضا الله عنه هو الغنيمة الكبرى التي تُهوّن عليه سخط الناس.
2- المصير الثاني: الخاسرون
وهو حال "مَنِ التَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ"، أي: الذي يخاف من الناس أكثر من خوفه من الله، فيترك الواجبات أو يفعل المحرمات كذبًا أو نفاقًا أو خوفًا من كلام الناس أو طمعًا في مدحهم. فهذا جزاؤه:
● "سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِ": فخسر خسرانًا مبينًا، وحصل على غضب الله ومقته.
● "وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ": فإنه لن ينال مراده أبدًا، فسيخيب ظنه فيهم وسيسخطون عليه في النهاية، ويُذَلُّ ويُهَانُ، ويخسر الدنيا والآخرة.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- وجوب إخلاص النية لله تعالى: فأساس العمل وقبوله هو إرادة وجه الله تعالى، لا مدح الناس أو ذمهم.
2- الموازنة الصحيحة بين الحقوق: لا يعني الحديث إغضاب الناس بدون سبب، فالإسلام يأمر بإكرام الناس وحسن التعامل معهم، ولكن إذا تعارض رضا الله مع رضا الناس، فلا بد من تقديم رضا الله.
3- النجاة من نفاق الناس: هذا الحديث ترياق من النفاق، يحصن المسلم من أن يكون ممن يمدحه الناس على حساب دينه.
4- العاقبة الحسنة لأهل الحق: تطمين للدعاة والعلماء والعاملين للإسلام الذين قد يواجهون انتقادات أو سخطًا من بعض الناس بسبب تمسكهم بالحق، أن العاقبة لهم ورضا الله مقدم على كل شيء.
5- الحكمة في التعامل: ليس معنى الحديث التطرف أو إغضاب الناس في الأمور الدنيوية العادية، بل المراد في الأمور الشرعية التي يكون فيها أمر الله واضحًا.

رابعًا. أمثلة تطبيقية:


- الداعية الذي يقول كلمة الحق ولا يخشى في الله لومة لائم.
- التاجر الذي يرفض الغش والربا حتى لو خسر بعض الزبائن.
- الشاب الذي يلتزم بالحجاب أو يلتزم الصلاة في وقتها حتى وإن سخر منه الآخرون.
- الذي يرفض المشاركة في منكر (كحفل مختلط أو غيره) حتى لو أغضب ذلك أصدقاءه.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا رضاه، وأن يجنبنا سخطه وسخط الناس.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن حبَّان (٢٧٦) عن الحسن بن سفيان، قال: حَدَّثَنَا عبد الله بن عمر الجعفي، قال: حَدَّثَنَا عبد الرحمن المحاربي، عن عثمان بن واقد العمري، عن أبيه، عن محمد بن المنكدر، عن عروة، عن عائشة، فذكرته.
وإسناده حسن من أجل عبد الله بن عمر الجعفي، وشيخه عبد الرحمن بن محمد المحاربي، وشيخه عثمان بن واقد العمري فإن كلّهم حسن الحديث.
وأمّا واقد وهو ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطّاب العدوي المدني فهو ثقة، ورفعه زيادة ثقة.
وللحديث طريق آخر يقويه وهو ما رواه الترمذيّ (٢٤١٤) من طريق عبد الله بن المبارك - وهو في زهده (١٩٩) عن عبد الوهّاب بن الورد، عن رجل من أهل المدينة، قال: كتب معاوية إلى عائشة: أن اكتبي إلي بكتاب توصيني فيه، ولا تكثري علي، فكتبت عائشة إلى معاوية: سلام عليك، أما بعد، فإني سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: فذكرت نحوه.
وفيه رجل لم يسم، ولكنه لا بأس به في تقوية الطريق الأولى، وبهذا صحّ الحديث مرفوعًا كما صحّ موقوفًا فإن عائشة كانت تحدث على وجهين مرفوعًا وموقوفا إِلَّا أن الدَّارقطنيّ يرى أن رفعه لا يثبت. العلل (٣٥٢٤) والله أعلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 149 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه

  • 📜 حديث: من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب