الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم؟

حديث: الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم؟

عن أبي موسى، قال: قيل للنبي ﷺ: الرّجل يحب القوم ولما يلحق بهم؟ قال: «المرء مع من أحب».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأدب (٦١٧٠)، ومسلم في البر والصلة (٢٦٤١) كلاهما من طرق عن الأعمش، عن أبي وائل، عن أبي موسى، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن أبي موسى، قال: قيل للنبي ﷺ: الرّجل يحب القوم ولما يلحق بهم؟ قال: «المرء مع من أحب».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصاراً. وها هو شرحه على النحو التالي:

الحديث بلفظه:

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: الرَّجُلُ يُحِبُّ القَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ؟ قال: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ».
(رواه البخاري ومسلم)

1. شرح المفردات:

● يُحب القوم: أي يحب جماعة من الصالحين أو المؤمنين.
● ولمّا يلحق بهم: "لَمَّا" بمعنى "لم" النافية، أي ولم يصاحبهم في الدنيا، أو لم يدرك زمانهم وعصرهم، أو لم يبلغ درجتهم في العمل الصالح.
● المرء: الإنسان.
● مَعَ: هنا ليست بمعنى المصاحبة المكانية فحسب، بل تشمل المعية في المنزلة والدرجة والجزاء في الآخرة.
● مَنْ أَحَبَّ: من أحبهم حباً صادقاً صحيحاً.

2. شرح الحديث:

معنى الحديث الإجمالي:
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن حب المرء للصالحين والأخيار، وإن لم يدركهم أو يعاصرهم، أو لم يبلغ منزلتهم في العمل، يرفعه الله تعالى إلى منزلتهم ويجمع بينه وبينهم في الجنة، ويكون معهم في الدرجة والجزاء.
السياق والسبب:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إني أحب قوماً (وهم الصحابة رضي الله عنهم) لكني لم ألحق بهم في الدنيا لأعاصرهم وأجاهد معهم، فكيف لي أن أكون معهم؟ فكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم هذا الجواب الجامع المانع: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ».
المقصود بـ "المعية":
ليست المعية المكانية في الدنيا، بل المعية في الآخرة، أي في الجنة وفي المنزلة عند الله تعالى. فمن أحب قوماً لأجل إيمانهم وتقواهم، فإن الله يجمعه معهم في دار كرامته، ولو قصر في عمله عن أعمالهم، تكرمة من الله له بسبب صدق محبته.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- قوة المحبة وثمرتها في الآخرة: الحديث يبين أن حب الصالحين ليس مجرد عاطفة، بل هو سبب للارتقاء إلى منازلهم يوم القيامة، وهو من أعظم أبواب الأجر.
2- الترغيب في حب أهل الخير والصلاح: يحثنا الحديث على مصادقة الصالحين ومحبتهم في الله، لأن في ذلك سبيلاً للاقتداء بهم والفوز بمصاحبتهم في الجنة.
3- سعة فضل الله ورحمته: الله تعالى يكرم عبده بمجرد صدق نيته وحبه للخير وأهله، فيعطيه من الفضل ما لم يبلغه بعمله.
4- النية الصالحة ترفع صاحبها: يظهر الحديث أهمية النية الصالحة وكيف أنها يمكن أن تعوض نقص العمل، فمن نوى أن يكون مع الصالحين، وكان حبه لهم خالصاً لله، بلغه الله منزلتهم.
5- الاجتماع على الخير في الآخرة: يبشر الحديث المؤمنين بأنهم سيجتمعون في الجنة مع من أحبوا من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وهذه من أعظم نعيم الجنة.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أصل عظيم في "التبعية"، أي أن يتبع المرء من هو خير منه، فيحبه ويقتدي به، فينال بذلك أجراً عظيماً.
- المحبة المقصودة هنا هي "الحب في الله"، وهو أن يحب الشخص لأجل إيمانه وتقواه، لا لأجل مصلحة دنيوية.
- يستدل بهذا الحديث على فضل محبة الصحابة رضي الله عنهم، فمن أحبهم لصحبتهم النبي صلى الله عليه وسلم وإيمانهم وجهادهم، فهو معهم في الدرجة.
- ذكر العلماء أن هذا الحديث من أحاديث الأخوة والمواخاة بين المؤمنين.
- ينبغي أن يقترن هذا الحب بالاقتداء والعمل بما استطاع الإنسان، حتى يكون الحب صادقاً. فمحبة الصالحين تدعو إلى التأسّي بهم.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يحب أحبابه والصالحين، وأن يحشرنا في زمرتهم، ويبلغنا منازلهم برحمته وفضله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأدب (٦١٧٠)، ومسلم في البر والصلة (٢٦٤١) كلاهما من طرق عن الأعمش، عن أبي وائل، عن أبي موسى، فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 142 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم؟

📜 حديث: الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم؟

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم؟

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم؟

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم؟

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية