حديث: البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تفسير البر والإثم

عن النواس بن سمعان الأنصاري، قال: سألت رسول الله ﷺ عن البر والإثم فقال: «البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس».

صحيح: رواه مسلم في البر والصلة (٥٢٥٣) من طرق عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن النواس بن سمعان الأنصاري، فذكره.

عن النواس بن سمعان الأنصاري، قال: سألت رسول الله ﷺ عن البر والإثم فقال: «البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بما ندرس ونسمع. حديث النواس بن سمعان الأنصاري رضي الله عنه من الأحاديث العظيمة التي وضعت قواعد كلية وأسساً ثابتة للتمييز بين الخير والشر، وهو من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث وفق الكتب المعتمدة عند أهل السنة والجماعة:

أولاً. شرح المفردات:


● البر: كلمة جامعة لكل خير، وتشمل فعل الطاعات وترك المنكرات، والإحسان إلى الخلق، وصدق التقوى. وأصل البر: الاتساع في الخير، وهو ضد العقوق.
● الإثم: كل ما يأثم به المرء، أي يُعاقب عليه، وهو اسم جامع للشرور والآثام والذنوب.
● حاك في صدرك: أي اضطرب وتردد في نفسك، ولم ينشرح له الصدر، وشعرت به قلقاً وتردداً وضيقاً. من الحوك وهو اضطراب القلب وتردده.
● كرهت أن يطلع عليه الناس: أي استحيايت منه وخفت أن يراك الناس عليه، وشعرت بالخجل من فعله.

ثانياً. شرح الحديث:


يشرح النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث معنيين عظيمين بأوجز عبارة وأبلغها:
1- البر حسن الخلق:
- يحدد النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة البر ويجعلها في "حسن الخلق"، وهو ليس مجرد التبسم في الوجه أو الكلمة الطيبة فحسب، بل هو أعم وأشمل.
● حسن الخلق عند العلماء يشمل:
● مع الله: بالرضا بقضائه، وشكر نعمائه، وصبر على بلائه، وأداء فرائضه، واجتناب محارمه.
● مع النفس: بأن يعفو عنها ولا يظلمها، ويزكيها ولا يدنسها بالمعاصي.
● مع الخلق: بأن يكون سمحاً ليناً، صبوراً محتملاً، عفواً مقيلاً للعثرة، بشوشاً طلق المحيا، متواضعاً، صادقاً، أميناً، وفياً، براً بوالديه، وصلاً لرحمه، محسناً إلى جيرانه، ناصحاً للمسلمين.
- فجمع النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الكلمة القصيرة كل أعمال البر الظاهرة والباطنة، لأن الخلق الحسن هو ثمرة الإيمان الحق وتزكية النفس.
2- والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس:
- هنا يضع النبي صلى الله عليه وسلم ميزاناً دقيقاً للقلب السليم ليعرف به الإثم، حتى لو التبس عليه الأمر أو اشتبه.
● "ما حاك في صدرك": أي ما caused تردداً وقلقاً في نفسك، ولم يطمئن إليه قلبك، وشعرت تجاهه بضيق وانقباض. وهذا دليل على أن الفطرة السليمة تنفر من الشر والمنكر، فإذا شعر العبد بهذا الشعور تجاه عمل ما، فليعلم أنه إثم ويجب أن يبتعد عنه.
● "وكرهت أن يطلع عليه الناس": هذا مكمل للعلامة الأولى، فإذا كان العمل مما تستحي منه من الناس وتخاف أن يراك عليه، فهو مما تستحي منه من الله أولى وأحرى، والحياء من الله من الإيمان. فالعمل الذي نخفيه عن الناس لعلمنا بقبحه هو من الإثم بلا شك.
- وهاتان العلامتان (اضطراب القلب والحياء من الناس) هما من بقية الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، وهما من لوازم الإيمان.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفؤائد:


1- البر أساسه interior النية وحسن الطوية: فليس البر في المظهر فقط، بل في تصفية القلب وحسن التعامل مع الله والخَلق.
2- القلب السليم ميزان للأعمال: فإذا تردد القلب في عمل ولم يطمئن إليه، فهو إثم، كما في حديث وابصة بن معبد رضي الله عنه: «استفتِ قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر».
3- الحياء شعبة من الإيمان: وقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم معياراً لمعرفة الإثم، فما كرهت أن يطلع عليه الناس فاجتنبه.
4- التيسير ورفع الحرج: فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر تفصيلات كل البر والإثم، بل أعطى قاعدة كلية يستطيع كل مسلم تطبيقها حسب حاله.
5- تهذيب النفس ومراقبتها: الحديث يحث المسلم على مراقبة قلبه ومشاعره، والتفكر في أعماله قبل الإقدام عليها.

رابعاً. معلومات إضافية:


● الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة في المعنى.
- يستدل به العلماء على أهمية سلامة القلب وصفائه، وأنه من أكبر الأدلة على الإيمان.
- هذا الحديث يكمل حديث "البر حسن الخلق" الذي رواه الإمام أحمد وغيره، حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم أن البر هو حسن الخلق.
- من كمال شرح الحديث: أن حسن الخلق يكون مع الله أولاً، ثم مع الخلق، وهو يعكس قوة الإيمان وصدقه.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل البر وحسن الخلق، وأن يقينا الإثم ومحاقره، وأن يطهر قلوبنا من الريبة والضيق.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في البر والصلة (٥٢٥٣) من طرق عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن النواس بن سمعان الأنصاري، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 152 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك

  • 📜 حديث: البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب