عائد المريض في مخرفة الجنة

حديث: عائد المريض في مخرفة الجنة

عن ثوبان قال: قال رسول الله ﷺ: «عائد المريض في مخرفة الجنّة حتَّى يرجع» وفي رواية: «خرفة الجنّة».

صحيح: رواه مسلم في البر والصلة (٢٥٦٨: ٣٩ - ٤١) من طرق عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان، فذكره.

عن ثوبان قال: قال رسول الله ﷺ: «عائد المريض في مخرفة الجنّة حتَّى يرجع» وفي رواية: «خرفة الجنّة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث عظيم في فضل عيادة المريض، رواه الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي الجليل ثوبان مولى رسول الله ﷺ.

### أولاً. نص الحديث وروايته
● الرواية الأولى: «عَائِدُ الْمَرِيضِ فِي مَخْرَفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ».
● الرواية الثانية (كما أشرت): «خُرْفَةِ الْجَنَّةِ».
واللفظان متقاربان في المعنى، وسنشرحهما معاً.

### ثانياً. شرح المفردات
1- عائد المريض: هو الذي يزور من أصابه مرض ليطمئن على صحته، ويسليه، ويدعو له.
2- مَخْرَفَةِ الْجَنَّةِ / خُرْفَةِ الْجَنَّةِ:
● المَخْرَفَةُ والخُرْفَةُ في اللغة تأتي بمعنى القطاف أو الجَني. يقال: "خَرَفَ الثمرَ" أي جَناهُ وقَطَفَه.
● المقصود المجازي: أن العائد للمريض يكون كأنه منغمس في بستان من بساتين الجنة، يقطف من ثمارها الطيبة ما يشاء من الرحمة والمغفرة والأجر العظيم، بسهولة ويُسر، كما يقطف الإنسان الثمرة من الشجرة.
- وقيل: إنه في مكانٍ أو طريقٍ يؤدّي إلى الجنة.
- وجمع بعض العلماء بين المعنيين، فقال: هو مشغول بقطف ثمار الجنة من الأجر والثواب أثناء ذهابه وإيابه وعيادته.
3- حَتَّى يَرْجِعَ: هذا القيد العظيم يبين أن هذا الأجر الجزيل والمنزلة الرفيعة مستمرة للعائد طوال فترة غيابه عن بيته لأجل العيادة، منذ أن يخرج من باب داره قاصداً العيادة حتى يعود إلى بيته. فهو في نعيم وأجر دائم خلال هذه الرحلة المباركة.

### ثالثاً. شرح الحديث ومعناه الإجمالي
يخبر النبي ﷺ أن المسلم الذي يخرج ليزور أخاه المريض، متعطفاً عليه، متحبباً إليه، متذكراً للآخرة، فإن الله تعالى يكرمه إكراماً عظيماً.
فطيلة وقت ذهابه للعيادة ومكوثه عند المريض ورجوعه إلى أهله، يكون كأنه سائر في روضة من رياض الجنة، يَجني منها ثمار الأجر والثواب، ويتنعم برضا الله تعالى، ويُكتب له من الحسنات ما يُكتب لقاطف الثمار الوفيرة.
وهذا الوصف النبوي الجميل (مخرفة الجنة) من أبلغ صور الترغيب؛ فهو يجعل العمل الصالح – الذي قد يتكاسل عنه البعض – جنةً متنقلةً ينعم بها العبد في دنياه قبل آخرته.

### رابعاً. الدروس المستفادة والفوائد
1- عظم فضل عيادة المريض: فهي من حقوق المسلم على أخيه، وهي من أفضل القربات وأعظم الطاعات التي تقرب العبد من ربه.
2- سعة رحمة الله تعالى: حيث جعل الأجر العظيم مرتبطاً ليس فقط بفعل العيادة نفسها، بل بكل خطوة يخطوها العائد ذهاباً وإياباً، كما في الحديث الآخر: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا خَطَا فِيْ خِرَافِ الْجَنَّةِ» أي مشى في رياضها.
3- الحث على التواصل التراحمي: العيادة تزيد من أواصر المحبة والتآلف بين المسلمين، وتذهب الوحشة عن المريض، وتقوي قلبه، مما يعود على المجتمع كله بالخير والتماسك.
4- الترغيب لا الترهيب: منهج النبي ﷺ في الترغيب في الأعمال الصالحة بذكر ما ينتظر فاعلها من ثواب جزيل وجميل، مما يحبب الناس في الخير ولا ينفرهم.
5- استمرارية الأجر: الأجر ليس منقطعاً بل هو مستمر طول مدة المشقة والتعب في سبيل الله، مما يشجع المسلم على بذل الجهد في الطاعة.

خامساً:

معلومات إضافية
● حكم عيادة المريض: هي من السُّنن المؤكدة التي حث عليها الشرع، بل إنها تصل إلى درجة الواجب الكفائي إذا كان المريض قريباً أو جاراً أو صديقاً لا عائد له.
● من آداب العيادة: الدعاء للمريض بالشفاء، وتطييب خاطره، وعدم إطالة الجلوس مما يثقل عليه، وذكر الله عنده.
● الحديث يدل على أن هذا الثواب هو للعائد المسلم الذي يقصد وجه الله تعالى ويتحرى السنة في عيادته.
أسأل الله تعالى أن يعيننا على طاعته، وأن يجعلنا ممن يتنافسون في الخيرات، ويتباعدون عن المنكرات.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في البر والصلة (٢٥٦٨: ٣٩ - ٤١) من طرق عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان، فذكره.
ورواه (٢٥٦٨: ٤٢) من طريق عاصم الأحول، عن عبد الله بن زيد وهو أبو قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، مولى رسول الله ﷺ، عن رسول الله ﷺ قال: «من عاد مريضًا لم يزل في خرفة الجنّة» قيل يا رسول الله! وما خرفة الجنّة؟ قال: «جناها».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 139 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عائد المريض في مخرفة الجنة

📜 حديث: عائد المريض في مخرفة الجنة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: عائد المريض في مخرفة الجنة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: عائد المريض في مخرفة الجنة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: عائد المريض في مخرفة الجنة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية