حديث: لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كراهية ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وكيفية الرد عليهم

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق، فاضطروه إلى أضيقه».

صحيح: رواه مسلم في السلام (٢١٦٧) عن قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز (يعني الدراوردي) عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق، فاضطروه إلى أضيقه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام مسلم في صحيحه، وسأشرحه لك شرحاً وافياً على النحو التالي:


نص الحديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «لا تُبَادِئُوا الْيَهُودَ وَلا النَّصَارَى بِالسَّلاَمِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ، فَاضْطُرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ».


1. شرح المفردات:


● «لا تُبَادِئُوا»: لا تبدأوهم بالسلام، أي لا تقولوا لهم أولاً: "السلام عليكم".
● «الْيَهُودَ وَلا النَّصَارَى»: المقصود بهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
● «فَاضْطُرُّوهُ»: من الإضطرار، أي أجبروه وألجئوه إلى أضيق مكان في الطريق.
● «إِلَى أَضْيَقِهِ»: أضيق جزء من الطريق، أي جانب الطريق الضيق.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث يتضمن حكمين:
أولاً: عدم بدئهم بالسلام:
نهى النبي ﷺ المسلمين أن يبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام تحقيماً وتكريماً، لأن السلام تحية المسلمين الخاصة، وفيها معنى الدعاء بالسلامة والرحمة، ولا ينبغي أن يمنح هذا الدعاء لغير المسلم ابتداءً. أما إذا سلموا علينا، فإننا نرد عليهم بمثل ما رد الله تعالى في القرآن: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86]. والراجح من أقوال العلماء أن الرد يكون بقول: "وعليكم" فقط، دون ذكر السلام أو الرحمة.
ثانياً: إضطرارهم إلى أضيق الطريق:
هذا الحكم ليس المقصود منه الإيذاء أو الظلم، بل هو إظهار لشرف الإسلام وعزة المؤمن. فالمسلم له منعة وعزة بدينه، فلا ينبغي له أن يتنازل عن حقه في الطريق لأجل غير المسلم، بل له الأولوية والأفضلية. والمعنى: إذا التقى المسلم وغير المسلم في طريق ضيق، فلا يضطر المسلم إلى التخلي عن حقه، بل يكون له حق الطريق، ويجوز له أن يلجئ غير المسلم إلى الجانب الضيق. وهذا من باب إظهار قوة الإسلام وعدم الذلة لأهل الكفر.


3. الدروس المستفادة منه:


1- عزة المسلم: المسلم يعتز بدينه، ولا يذل لأحد إلا لله تعالى.
2- التميز في التحية: السلام شعار للمسلمين، فيجب المحافظة على هذا الشعار وعدم إهداره بمنحه لغير المستحق ابتداءً.
3- الحكمة في المعاملة: النهي عن بدئهم بالسلام لا يعني معاداتهم أو إيذاءهم بغير حق، بل المسلم مأمور بالعدل والبر مع غير المسلمين الذين لم يقاتلونا في الدين ولم يخرجونا من ديارنا.
4- التفريق بين المسلم والكافر: الإسلام يريد أن يبقي الفوارق بين الحق والباطل، والإيمان والكفر، واضحة لا التباس فيها.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحكم خاص بأهل الكتاب (اليهود والنصارى)، وأما غيرهم من الكفار فمن باب أولى.
- إذا سلم غير المسلم قال المسلم: "وعليكم" فقط، كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ».
- هذه الأحكام هي في الأصل، لكن إذا دعت مصلحة أو حاجة للمبادرة بالسلام أو التوسعة في الطريق، كدعوتهم إلى الإسلام أو كسب مودتهم، جاز ذلك، لأن المقصود الأعلى هو مصلحة الدعوة الإسلامية.
- ينبغي للمسلم أن يتخلق بالخلق الحسن مع الجميع، ولكن مع المحافظة على مبادئ دينه وعزته.

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يرزقنا العمل بما علمنا، إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في السلام (٢١٦٧) عن قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز (يعني الدراوردي) عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.
ورواه أبو داود (٥٢٠٥) من طريق شعبة، عن سهيل بن أبي صالح قال: خرجت مع أبى إلى الشام، فجعلوا يمرون بصوامع، فيها نصارى، فيسلمون عليهم فقال أبي لا تبدؤوهم بالسلام؛ فإن أبا هريرة حدثنا عن رسول الله ﷺ فذكر نحوه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 371 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام

  • 📜 حديث: لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب