حديث: السام عليك يا أبا القاسم قال وعليكم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كراهية ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وكيفية الرد عليهم

عن عائشة قالت: أتى النبي ﷺ أناس من اليهود فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم قال: «وعليكم» قالت عائشة: قلت بل عليكم السام والذام، فقالط رسول الله ﷺ: «يا عائشة: لا تكوني فاحشة» فقالت: ما سمعت ما قالوا؟ فقال: «أوليس قد رددت عليهم الذي قالوا، قلت: وعليكم».
وفي رواية: ففطنت بهم عائشة فسبتهم، فقال رسول الله ﷺ: «مه يا عائشة! فإن الله لا يحب الفحش والتفحش» وزاد فأنزل الله عز وجل ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ﴾ [المجادلة: ٨] إلى آخر الآية.

صحيح: رواه مسلم في السلام (٢١٦٥: ١١) عن أبي كريب، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة، قالت: فذكرته.

عن عائشة قالت: أتى النبي ﷺ أناس من اليهود فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم قال: «وعليكم» قالت عائشة: قلت بل عليكم السام والذام، فقالط رسول الله ﷺ: «يا عائشة: لا تكوني فاحشة» فقالت: ما سمعت ما قالوا؟ فقال: «أوليس قد رددت عليهم الذي قالوا، قلت: وعليكم».
وفي رواية: ففطنت بهم عائشة فسبتهم، فقال رسول الله ﷺ: «مه يا عائشة! فإن الله لا يحب الفحش والتفحش» وزاد فأنزل الله ﷿ ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ﴾ [المجادلة: ٨] إلى آخر الآية.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبيه الكريم.
الحديث الذي طلبت شرحه رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 6258) والإمام مسلم (رقم 2165) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهو حديث عظيم فيه دروسٌ في الخُلُق والتعامل مع غير المسلمين.

أولاً. شرح المفردات:


* أتى النبي ﷺ أناس من اليهود: جاءت جماعة من يهود المدينة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
* فقالوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ: "السَّام" يعني الموت. فبدلاً من أن يقولوا التحية الإسلامية "السلام عليكم"، قالوا "الموت عليك"، وهي تحيةٌ فيها دعاءٌ بالموت والهلاك.
* بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ: ردت عليهم عائشة رضي الله عنها غيرةً على النبي صلى الله عليه وسلم، فدعت عليهم بالموت (السام) وبالطرد من رحمة الله (الذام أو اللعنة).
* لا تَكُونِي فَاحِشَةً: الفحش هو التعبير عن الغضب بقولٍ أو فعلٍ قبيحٍ وسيءٍ يتجاوز الحد. فنهاها النبي ﷺ عن التلفظ بهذا الرد القاسي.
* مَهْ يَا عَائِشَةُ: كلمة "مَه" للزجر والكف عن الشيء، أي اكففي عن هذا واتركيه.
* فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ: لا يحب الله القول أو الفعل القبيح البذيء، ولا يحب أيضًا التكلف في البحث عن الألفاظ البذيئة واصطناعها.

ثانيًا. شرح الحديث:


يصور لنا هذا الموقف العظيم أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في ذروتها:
1- الموقف الأول: جاء نفر من اليهود إلى النبي ﷺ وسلموا عليه تحيةً ملغومةً بالحقد، فقالوا: "السَّامُ عَلَيْكَ" (الموت عليك) بدلاً من "السلام عليك".
2- رد النبي الحكيم: لم يغضب النبي ﷺ ولم يرد عليهم بالمثل، بل اكتفى برد التحية بأدبٍ جمٍّ فقال: "وَعَلَيْكُمْ" (وعليكم). وهذا من حكمته ﷺ، حيث حمل كلامهم على أفضل المحامل، أو أنه رد بمثل لفظهم فقط دون قصد الدعاء عليهم حقاً.
3- غيرة عائشة وردها: غضبت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها غيرةً على رسول الله، فردت عليهم بقوةٍ ودعت عليهم بالموت واللعنة.
4- تأديب النبي ﷺ وتوجيهه: نهاها النبي ﷺ عن ذلك، وأخبرها أن هذا الفعل من الفحش والبذاءة التي لا يحبها الله تعالى. وبيّن لها أن ردّه هو الرد الكافي والحكيم.
5- الرواية الثانية والتوجيه الأكبر: في رواية أخرى زادت "فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ"، وهذا تأكيد على أن الإسلام ينهى عن الفحش في القول والفعل، بل وينهى عن التكلف في إتيانه والتصنع له.
6- نزول الآية الكريمة: وزاد في الرواية أن هذا الموقف كان سبباً لنزول قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} [المجادلة: 8]. فبيّن الله تعالى فعل اليهود وأنهم يحيون بتحية غير التي أمر الله بها، ثم أرشد الله تعالى إلى الرد الحكيم في الآية التي بعدها: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} [القصص: 55].

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- الرحمة والرفق في الدعوة: من أعظم الدروس أن الداعية إلى الله يجب أن يكون رفيقاً حليماً، حتى مع من يُسيء إليه. فالنبي ﷺ قابل الإساءة بالحلم والرد المهذب.
2- الغيرة المحمودة والمذمومة: الغيرة على النبي ﷺ ودينه من الإيمان، ولكن يجب أن تكون ضمن حدود الأدب الشرعي. فلا تبيح الغيرة الوقوع في الفحش والبذاءة.
3- تحريم الفحش في القول: النهي الصريح عن التلفظ بالألفاظ البذيئة والفاحشة، حتى مع المسيء. فالمسلم مطالب بحسن الخلق في كل حال.
4- الحكمة في الرد على الإساءة: ليس كل من أساء يستحق الرد بالمثل. الحكمة هي تقدير الموقف، والرد الذي يقطع الخصومة ولا يزيدها اشتعالاً. الرد بـ "وعليكم" كان رداً حاسماً وكافياً، فيه إشعار لهم بأنه فهم مقصدهم ولم ينخدع به، ولكنه اختار العفو.
5- التأدب مع النبي ﷺ: حتى في حال الغضب والدفاع عنه، يجب التأدب معه ﷺ واتباع أمره ونهيه، كما فعلت عائشة رضي الله عنها عندما قبلت توجيهه وانتهت عنه.
6- الاقتداء بالنبي ﷺ في معاملة غير المسلمين: يعلمنا الحديث كيفية التعامل مع غير المسلمين الذين يعادوننا، بالأخلاق والحكمة، لا بالشتم والسباب.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث من أبلغ الأدلة على **صبر النبي ﷺ وحلمه
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في السلام (٢١٦٥: ١١) عن أبي كريب، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة، قالت: فذكرته.
ثم رواه عن إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا يعلى بن عبيد، حدثنا الأعمش، بهذا الإسناد غير أنه قال: ففطنت بهم عائشة ... الخ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 378 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: السام عليك يا أبا القاسم قال وعليكم

  • 📜 حديث: السام عليك يا أبا القاسم قال وعليكم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: السام عليك يا أبا القاسم قال وعليكم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: السام عليك يا أبا القاسم قال وعليكم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: السام عليك يا أبا القاسم قال وعليكم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب