حديث: من انطلق معي فقل: وعليكم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كراهية ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وكيفية الرد عليهم

عن أبي بصرة الغفاري قال: قال رسول الله ﷺ لهم يوما: «إني راكب إلى يهود فمن انطلق معي فإن سلموا عليكم فقولوا: وعليكم» فانطلقنا فلما جئناهم وسلموا علينا فقلنا وعليكم.

حسن: رواه أحمد (٢٧٢٣٥)، واللفظ له، والنسائي في الكبرى (١٠١٤٨) مختصرا من طرق عن عبد الحميد بن جعفر، أخبرني يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، عن أبي بصرة الغفاري، فذكره.

عن أبي بصرة الغفاري قال: قال رسول الله ﷺ لهم يوما: «إني راكب إلى يهود فمن انطلق معي فإن سلموا عليكم فقولوا: وعليكم» فانطلقنا فلما جئناهم وسلموا علينا فقلنا وعليكم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبيه ﷺ.
الحديث الذي طلبت شرحه رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهما، عن الصحابي الجليل أبي بصرة الغفاري رضي الله عنه.
وفيما يلي الشرح الوافي للحديث على النحو المطلوب:


1. شرح المفردات:


● أبو بصرة الغفاري: هو صحابي جليل، من قبيلة غفار، واسمه جميح بن عبد الله رضي الله عنه.
● راكب: أي سائر ومتوجه على دابتي.
● إلى يهود: أي إلى حي أو مجمع من يهود المدينة كان بينهم وبين النبي ﷺ عهود ومواثيق.
● فمن انطلق معي: أي من خرج وذهب معي في هذه الزيارة.
● فإن سلموا عليكم: أي إذا حيونكم بتحية الإسلام وهي "السلام عليكم".
● فقولوا: وعليكم: وهي صيغة الرد المأذون بها في حق غير المسلمين، ومعناها: وعليكم السلام (أي دعاء السلام يكون عليكم أنتم أيضاً).


2. شرح الحديث:


يخبر الصحابي أبو بصرة الغفاري رضي الله عنه أن النبي ﷺ أخبر أصحابه ذات يوم أنه ذاهب لزيارة جماعة من الهود (وهم أهل ذمة في المدينة، بينهم وبين المسلمين عهد)، ودعا من يشاء من الصحابة أن يصحبه في هذه الزيارة.
وقبل الانطلاق، وجههم ﷺ توجيهاً خاصاً بخصوص التحية، فقال: «فإن سلموا عليكم فقولوا: وعليكم». أي إذا حياكم اليهود بتحية "السلام عليكم" – وقد كانوا يفعلون ذلك أحياناً ليعرفوا هل يرد النبي ﷺ عليهم مثل ردهم على المسلمين أم لا – فليس عليكم أن تردوا التحية كاملة (بقولكم "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته")، بل اقتصروا في الرد على قول: «وعليكم» فقط.
وفعلاً، انطلق الصحابة مع النبي ﷺ، وحين وصلوا وسلم اليهود عليهم، التزم الصحابة بتعليمات النبي ﷺ فردوا بقولهم: "وعليكم".


3. الدروس المستفادة منه:


1- الأدب في معاملة غير المسلمين: الحديث يدل على أدب الإسلام في التعامل مع غير المسلمين، خاصة أهل الذمة الذين يعيشون في دار الإسلام، حيث أباح رد السلام عليهم، ولكن بصيغة مختلفة عن صيغة رد السلام على المسلم.
2- تمييز المسلم عن غيره: النهي عن إطلاق لفظ "السلام" أو "رحمة الله" في التحية على غير المسلم؛ لأنه من خصائص المسلمين، ولئلا يغتر الكافر فيظن أنه مع المسلمين في منزلة واحدة عند الله. فقصر الرد على "وعليكم" فيه حفظ لهوية المسلم وتمييزه.
3- طاعة النبي ﷺ والانقياد لأمره: الصحابة رضي الله عنهم لم يسألوا عن الحكمة، بل امتثلوا لأمر النبي ﷺ فوراً، وهذا نموذج في الطاعة والانقياد.
4- التيسير ورفع الحرج: الرد على غير المسلم ليس حراماً مطلقاً، بل هو جائز ولكن بصيغة معينة، مما ييسر التعايش والعلاقات الاجتماعية ضمن الضوابط الشرعية.
5- الحكمة من قصر الرد: الحكمة من الاقتصار على "وعليكم" هي أن الدعاء للمسلم بالسلام والرحمة من الله يكون خالصاً للمؤمنين، أما الكافر فلا يستحق هذه المنزلة. وقول "وعليكم" هو دعاء بأن يسلّموا هم من الشرك والضلال، أو هو إخبار بأن السلام المطلق من الله يكون على من اتبع الهدى.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحكم (الرد بـ "وعليكم") خاص بمن سلم من غير المسلمين ابتداءً، أما المسلم فلا يبدأ غير المسلم بالسلام، كما في الحديث: «لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام».
- جمهور العلماء على أن الرد على غير المسلم ليس بواجب، بل هو مستحب أو جائز، خلافاً للرد على المسلم الذي هو فرض.
- الفقهاء يستدلون بهذا الحديث على مشروعية رد السلام على غير المسلم بهذه الصيغة.
- هذا الأدب الرفيع من النبي ﷺ يبين أن الإسلام ليس دين قطيعة أو عداوة مطلقة، بل دين يعرف الحقوق ويضع الضوابط، حتى في أبسط الأمور كالتحية.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٧٢٣٥)، واللفظ له، والنسائي في الكبرى (١٠١٤٨) مختصرا من طرق عن عبد الحميد بن جعفر، أخبرني يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، عن أبي بصرة الغفاري، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد الحميد بن جعفر؛ فإنه صدوق.
ورواه أحمد (٢٧٢٢٦) من طريق ابن لهيعة، حدثنا يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير (وهو مرثد بن عبد الله) قال: سمعت أبا بصرة فذكر نحوه مختصرا. وفيه زيادة: «فلا تبدؤوهم بالسلام». وابن لهيعة فيه كلام معروف.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 375 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من انطلق معي فقل: وعليكم

  • 📜 حديث: من انطلق معي فقل: وعليكم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من انطلق معي فقل: وعليكم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من انطلق معي فقل: وعليكم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من انطلق معي فقل: وعليكم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب