ذئب يتكلم مع راعي الغنم

حديث: ذئب يتكلم مع راعي الغنم

عن أبي هريرة قال: جاء ذئب إلى راعي غنم، فأخذ منها شاة، فطلبه الراعي حتى انتزعها منه، قال: فصعد الذئب على تلّ، فأقعى واستذفر، فقال: عمدت إلى رزقٍ رزقنيه اللَّه عز وجل انتزعته مني، فقال الرجل: تاللَّه إن رأيت كاليوم ذئبا يتكلم، فقال الذئب: أعجب من هذا رجل في النخلات بين الحرتين، يخبركم بما مضى، وبما هو كائن بعدكم، وكان الرجل يهوديّا، فجاء الرجل إلى النبي ﷺ، فأسلم، وخبّره، فصدّقه النبي ﷺ، ثم قال النبي ﷺ: «إنها أمارة من أمارات بين يدي الساعة، قد أوشك الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى تحدثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهله بعده».

حسن: رواه أحمد (٨٠٦٣) عن عبد الرزاق -وهو في مصنفه (٢٠٨٠٨) -، عن معمر، عن أشعث بن عبد اللَّه، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي العجيب، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث: رواه البخاري في صحيحه (ح: 3616) ومسلم (ح: 2288) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

1. شرح المفردات:

● فأقعى: جلس على أليتيه ورفع فخذيه، كجلوس الكلب.
● واستذفر: رفع ذنبه، وهو إشارة إلى الاستعداد للكلام أو التعجب.
● تاللَّه: قسم وتعجب، أي: والله.
● في النخلات بين الحرتين: المقصود النبي محمد ﷺ في المدينة المنورة، والتي كانت تُحَفَّا بالنخيل وتقع بين حرتي (أرضين حجريتين ذات حرارة) ويران (وهي منطقة قريبة من المدينة).
● يخبركم بما مضى، وبما هو كائن بعدكم: أي يخبركم بأخبار الأمم السابقة وأخبار المستقبل والغيب الذي أطلعه الله عليه.
● أمارة من أمارات بين يدي الساعة: علامة من العلامات الصغرى التي تسبق قيام الساعة.
● حتى تحدثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهله بعده: كناية عن سرعة انتشار الأخبار ووصولها، حتى أن أدواته التي معه (نعليه وسوطه) ستخبره بأخبار بيته قبل أن يصل إليه.

2. شرح الحديث:

يقص هذا الحديث قصة عجيبة وقعت كمعجزة وآية تدل على نبوة محمد ﷺ. فذئبٌ تكلم بكلامٍ فصيحٍ مع راعٍ يهودي، وكان كلامه يحمل رسالتين:
1- شكوى من العدوان: حيث احتج الذئب على الراعي الذي انتزع منه الشاة التي قدرها الله له رزقًا، مع أن أصل خلقه أنه مفترس، ولكن هذا كان بقدر الله.
2- دعوة إلى الإسلام: تعجب الذئب من أمر أعجب من كلامه نفسه، ألا وهو وجود نبي في المدينة (بين الحرتين) يخبر بالماضي والمستقبل، وهو محمد ﷺ. فهذا الذئب، بفطرته، يشهد بنبوة محمد ﷺ.
فكانت هذه الحادثة سببًا في إسلام الراعي اليهودي، حيث أيقن أن هذا لا يكون إلا آية من الله تصدق ما جاء به النبي ﷺ. وقد صدق النبي ﷺ قصة الراعي، مما يؤكد وقوعها.
ثم علق النبي ﷺ على هذه الحادثة بأنها علامة من العلامات الصغرى لقيام الساعة، وهي من علامات النبوة أيضًا. ثم أضاف ﷺ إشارة إلى علامة أخرى مقترنة بها، وهي سرعةانتشار الأخبار ووصول المعلومات، حتى أن المسافر سيعلم أخبار أهله وهو في طريقه قبل أن يصل إليهم، إما عن طريق الهاتف أو وسائل الاتصال الحديثة التي لم تكن موجودة آنذاك، فجاءت كلماته معجزة تنطبق على واقعنا اليوم.

3. الدروس المستفادة منه:

1- الإيمان بالغيب: الحديث يؤكد وجود عالم الغيب، وأن الله قادر على خرق العوائد، كتكلم الحيوان.
2- عظمة نبوة محمد ﷺ: حتى الحيوانات تشهد بنبوته، وتدعو إلى الإيمان به.
3- السعي للهداية: قصة اليهودي تظهر أن الله يهدي من يشاء بأسباب قد تكون غير متوقعة، وعلى المسلم أن يكون دائمًا داعيًا إلى الله.
4- العدل مع الخلق: احتجاج الذئب reminds us بالعدل حتى مع الحيوانات، وأن الرزق بيد الله.
5- الاستعداد للساعة: الحديث يذكرنا باقتراب الساعة وبأن نستعد لها بالأعمال الصالحة.
6- إعجاز النبوة: إخبار النبي ﷺ عن سرعة انتشار المعلومات في آخر الزمان من الأمور التي تحققت في عصرنا، مما يزيد المؤمن يقينًا بنبوته.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث من أحاديث الآحاد التي يرويها صحابي واحد، ولكنها صحيحة ومتقنة في أعلى درجات الصحة.
- يذكر العلماء أن تكلم الذئب هنا آية ومعجزة، وليس أمرًا طبيعيًا، أجراها الله على يده تأييدًا لنبيه.
- العلامة التي أشار إليها النبي ﷺ (إخبار النعل والسوط) تحققت في عصرنا بوسائل الاتصال الحديثة من هاتف وإنترنت، حيث يسمع المسافر أخبار أهله وهو في أي مكان في العالم.
- يستفاد من الحديث أن الأسباب الظاهرة للهداية قد تكون عجيبة، ولكن المهم هو الانقياد للحق فور ظهوره.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٨٠٦٣) عن عبد الرزاق -وهو في مصنفه (٢٠٨٠٨) -، عن معمر، عن أشعث بن عبد اللَّه، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل أشعت بن عبد اللَّه (وهو الحداني) فإنه حسن الحديث، وكذلك شهر بن حوشب حسن الحديث ما لم يأت بما ينكر عليه.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 242 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ذئب يتكلم مع راعي الغنم

📜 حديث: ذئب يتكلم مع راعي الغنم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ذئب يتكلم مع راعي الغنم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ذئب يتكلم مع راعي الغنم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ذئب يتكلم مع راعي الغنم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية