لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق

حديث: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق

عن أبي هريرة، أن النبي ﷺ قال: «سمعتم بمدينة جانبٌ منها في البر، وجانبٌ منها في البحر؟» قالوا: نعم، يا رسول اللَّه، قال: «لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق، فإذا جاؤوها نزلوا، فلم يقاتلوا بسلاح، ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا اللَّه واللَّه أكبر، فيسقط أحد جانبيها».
قال ثور: لا أعلمه إلا قال: الذي في البحر، ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا اللَّه واللَّه أكبر، فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولوا الثالثة: لا إله إلا اللَّه واللَّه أكبر، فيفرّج لهم، فيدخلوها فيغنموا، فبينما هم يقتسمون المغانم، إذ جاءهم الصريخ، فقال: إن
الدجال قد خرج، فيتركون كل شيء ويرجعون.

صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٢٠) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد- عن ثور -وهو ابن زيد الديلي- عن أبي الغيث، عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، يحمل في طياته علامة من علامات الساعة الكبرى، ويجدر بنا أن نقف عليه بتأمل وتبيين.

أولاً. شرح المفردات:

● مدينة جانب منها في البر، وجانب منها في البحر: المقصود بها مدينة القسطنطينية (إسطنبول حالياً)، التي كان جزء منها على البر وجزء على البحر.
● بني إسحاق: هم الروم، من نسل إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام.
● يغزوها: أي يحاصرونها ويقاتلون أهلها للفتح.
● يسقط أحد جانبيها: أي ينهار جزء من سورها أو دفاعاتها.
● يُفرّج لهم: يُفتح لهم الطريق.
● يغنموا: يأخذون الغنائم من أموال المدينة.
● الصريخ: المُنادي الذي يأتي بالخبر المستعجل.
● الدجال: هو المسيح الدجال، أعظم فتنة على وجه الأرض.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن مدينة عظيمة (القسطنطينية) ذات موقع فريد، جزء على البر وجزء على البحر. ثم يبشر بأن الساعة لن تقوم حتى يغزوها جيش من بني إسحاق (الروم) وعددهم سبعون ألفاً.
العجيب في هذا الغزو أنهم لا يستعملون السلاح التقليدي للحرب، لا سيوف ولا سهام، بل يكتفون بالتكبير والتهليل (قول: لا إله إلا الله والله أكبر). وببركة هذه الكلمات العظيمة، ينهار جانب من المدينة (الموجود في البحر كما في رواية ثور)، ثم يكررون التكبير فيسقط الجانب الآخر، ثم第三次 (ثالث مرة) يكررونها فيُفتح لهم الباب ويدخلون المدينة ويأخذون الغنائم.
وفي ذروة انتصارهم وانشغالهم بتقسيم الغنائم، يأتيهم منادٍ يصرخ بأن الدجال قد خرج. عندها يتركون كل شيء – حتى الغنائم – ويعودون مسرعين لمواجهة هذه الفتنة العظمى.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- عِظَم مكانة التوحيد والذكر: الحديث يظهر قوة كلمة التوحيد والتكبير، التي هدمت أسواراً منيعة دون قتال، فهي سلاح المؤمن الحقيقي.
2- الإيمان بالغيب: الحديث يصدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر عن حادثة مستقبلية وقعت كما أخبر (حيث فتحت القسطنطينية لاحقاً في عهد محمد الفاتح).
3- علامات الساعة: هذا الحديث من أشراط الساعة الكبرى، حيث يربط بين فتح القسطنطينية وخروج الدجال.
4- استعداد المؤمن للفتن: يستوجب على المسلم أن يكون مستعداً لفتنة الدجال بالإيمان والعلم، وأن يعلم أن أمور الدين أعظم من أمور الدنيا (حيث تركوا الغنائم لأجل الخطر الأعظم).
5- فضل الجهاد والغزو في سبيل الله: فيه الحض على الجهاد وبيان فضل الذين يغزون في سبيل الله.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من أحاديث الفتن وأشراط الساعة.
● القسطنطينية فتحها المسلمون فعلاً سنة 857هـ / 1453م على يد السلطان العثماني محمد الفاتح، وكان فتحها عسكرياً. أما الفتح المذكور في الحديث فهو فتح آخر يكون قبل خروج الدجال، حيث يكون بالتكبير لا بالسلاح.
- خروج الدجال هو من أكبر علامات الساعة، وقد جاءت أحاديث كثيرة تحذر من فتنته وتبين كيفية النجاة منها بالإيمان والتعلق بالله.
نسأل الله أن يحفظنا من فتنة الدجال ومن كل فتنة، وأن يثبتنا على التوحيد والإيمان.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٢٠) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد- عن ثور -وهو ابن زيد الديلي- عن أبي الغيث، عن أبي هريرة، فذكره.
وروى الترمذيّ (٢٢٣٩) بإسناد صحيح عن أنس قال: فتح القسطنطنية مع قيام الساعة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 264 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق

📜 حديث: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية