من يتخذ القبور مساجد

حديث: من يتخذ القبور مساجد

عن عبد اللَّه بن مسعود قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «إن من شرار الناس من تدركه الساعة، وهم أحياء، ومن يتخذ القبور مساجد».

حسن: رواه أحمد (٣٨٤٤)، وصحّحه ابن خزيمة (٧٨٩)، وابن حبان (٦٨٤٧) كلهم من طرق عن زائدة (هو ابن قدامة)، عن عاصم بن أبي النجود، عن شقيق، عن عبد اللَّه، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام البخاري في صحيحه، وغيرهما، عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُ السَّاعَةُ، وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَمَنْ يَتَّخِذُ القُبُورَ مَسَاجِدَ».

أولاً. شرح المفردات:

● شِرَارِ النَّاسِ: أي أردؤهم وأخبثهم.
● تُدْرِكُهُ السَّاعَةُ: أي يعيش حتى يأتي وقت قيام الساعة.
● وَهُمْ أَحْيَاءٌ: أي أنهم لا يموتون قبل قيام الساعة، بل يدركهم عذابها وهم أحياء.
● يَتَّخِذُ القُبُورَ مَسَاجِدَ: أي يجعل القبور أماكن للصلاة عليها أو بناء المساجد عليها، أو يتوجه بالعبادة عندها.

ثانياً. شرح الحديث:

يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث صنفين من الناس هما من أشر الناس وأخبثهم:
1- «مَنْ تُدْرِكُهُ السَّاعَةُ، وَهُمْ أَحْيَاءٌ»:
هؤلاء هم الذين يعيشون في آخر الزمان، حين تقترب الساعة وتظهر أشراطها، ويكون الشر والفساد قد انتشرا، والإيمان ضعف في القلوب. هؤلاء سيشهدون أحداثاً عظيمة ومخيفة، مثل خروج الدجال، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام، وخروج يأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها. وهم شرار الناس لأنهم يعيشون في زمن بلغ الفتن فيه مبلغاً عظيماً، وكثر فيه الشر والفساد، وضعف فيه الإيمان، حتى إن الإنسان لَيتمنى لو كان ميتاً قبل أن يرى هذه الفتن.
2- «وَمَنْ يَتَّخِذُ القُبُورَ مَسَاجِدَ»:
هؤلاء هم الذين يبنون المساجد على القبور، أو يصلون عندها متوجهين إليها، أو يعظمونها تعظيماً يصل إلى حد الشرك، كدعاء الأموات والاستغاثة بهم. وهذا الفعل من أعظم المناهي في الإسلام؛ لأنه وسيلة إلى الشرك بالله، وهو من أفعال المشركين الذين كانوا يعبدون الأصنام عند القبور. وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعلي ذلك، وحذر منهم أشد التحذير.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:

1- التحذير من الفتن آخر الزمان: الحديث يحذر من الفتن التي تكون قبل قيام الساعة، ويبين أن العيش في ذلك الزمان صعب على المؤمن، وفيه امتحان عظيم.
2- تحذير شديد من الشرك ووسائله: اتخاذ القبور مساجد من وسائل الشرك، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك أشد التحذير؛ لأنه يؤدي إلى عبادة غير الله.
3- بيان أن الشرك من أعظم الذنوب: الذين يتخذون القبور مساجد هم من شرار الناس؛ لأنهم يقعون في الشرك أو وسائله، والشرك أعظم الذنوب عند الله.
4- وجوب محافظة المسلمين على عقيدتهم: يجب على المسلمين أن يحافظوا على عقيدتهم سليمة من الشرك ووسائله، ويجب عليهم أن يمنعوا أي فعل يؤدي إلى تعظيم القبور أو الصلاة عندها.
5- التشديد في النهي عن بناء المساجد على القبور: لا يجوز بناء المساجد على القبور، ولا الصلاة عندها؛ لأن ذلك من أفعال المشركين.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث من الأحاديث التي تحذر من الوقوع في الشرك ووسائله، وهو متفق على صحته.
- قد جاءت أحاديث أخرى تؤكد هذا المعنى، مثل حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قبل وفاته: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»، وتحذيره من التشبه بهم.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على تحريم الصلاة في المقابر، وتحريم بناء المساجد على القبور، وتحريم التبرك بالقبور أو دعاء أصحابها.
نسأل الله أن يحفظنا من الشرك ووسائله، وأن يعيذنا من فتن آخر الزمان، وأن يثبتنا على الإيمان حتى نلقاه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٣٨٤٤)، وصحّحه ابن خزيمة (٧٨٩)، وابن حبان (٦٨٤٧) كلهم من طرق عن زائدة (هو ابن قدامة)، عن عاصم بن أبي النجود، عن شقيق، عن عبد اللَّه، فذكره.
وعلقه البخاري في الفتن (٧٠٦٧) بصيغة الجزم، عن أبي عوانة، عن عاصم به دون قوله: «ومن يتخذ القبور مساجد».
وإسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النجود فإنه حسن الحديث.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 299 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من يتخذ القبور مساجد

📜 حديث: من يتخذ القبور مساجد

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من يتخذ القبور مساجد

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من يتخذ القبور مساجد

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من يتخذ القبور مساجد

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية