حديث: عجب الذنب منه يركب الخلق يوم القيامة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب مدة ما بين النفختين

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ما بين النفختين أربعون» قالوا: يا أبا هريرة أربعون يوما؟ قال: أبيت، قالوا: أربعون شهرا؟ قال: أبيت، قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت، «ثم ينْزل اللَّه من السماء ماء فينبتون، كما ينبت البقل» قال: «وليس من الإنسان شيء إلا يبلى، إلا عظمًا واحدًا، وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة».

متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٩٣٥) ومسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٥٥) كلاهما من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: فذكره.

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ما بين النفختين أربعون» قالوا: يا أبا هريرة أربعون يوما؟ قال: أبيت، قالوا: أربعون شهرا؟ قال: أبيت، قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت، «ثم ينْزل اللَّه من السماء ماء فينبتون، كما ينبت البقل» قال: «وليس من الإنسان شيء إلا يبلى، إلا عظمًا واحدًا، وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الشريف:
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 4935) ومسلم في صحيحه (رقم 2955) عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.


1. شرح المفردات:


● «ما بين النفختين»: النفختان هما النفخة الأولى (نفخة الصعق) التي يموت بها كل من في السموات والأرض إلا من شاء الله، ثم النفخة الثانية (نفخة البعث) التي يقوم فيها الناس من قبورهم للحساب.
● «أربعون»: العدد أربعون محتمل لأربعة أوجه كما في سؤال الصحابة.
● «أبيت»: كلمة قالها أبو هريرة رضي الله عنه تعني: "أمتنع عن الجزم بواحدة"، أي أنه لم يحددها النبي صلى الله عليه وسلم بوحدة زمنية معينة (يوم، شهر، سنة)، فامتنع هو عن التحديد تكلمًا بما سمع.
● «ينبتون، كما ينبت البقل»: البقل هو النبات الأخضر الرقيق الذي ينبت سريعًا بعد نزول المطر. والمعنى أن الله تعالى يبعث الناس وينشئهم خلقًا جديدًا من ذلك العظم بسرعة كسرعة نبات الزرع.
● «يبلى»: يتحلل ويتفتت في الأرض.
● «عجب الذنب»: هو العصب الذي في أسفل الظهر (عظم العصعص)، وهو أول ما يخلق من الإنسان وآخر ما يبقي منه.
● «يُرَكَّب الخلق»: أي يُعاد تركيب أجساد البشر وبُنْيَانُهَا يوم القيامة من هذا العظم.


2. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن أمر عظيم من أهوال يوم القيامة، وهو الفترة الزمنية بين النفخة الأولى (نفخة الصعق والموت) والنفخة الثانية (نفخة البعث والنشور). وقد أطلق النبي صلى الله عليه وسلم لفظ "أربعون" دون تحديد الوحدة الزمنية (أيام؟ أشهر؟ سنون؟)، مما يدل على أن المدة طويلة، ولكن حقيقتها مما استأثر الله بعلمه، أو أن الإطلاق لبيان طول المدة بشكل مطلق.
ثم يصف لنا صلى الله عليه وسلم كيف يكون البعث: بعد هذه المدة الطويلة، ينزل الله مطرًا من السماء (وهو مطر خاص كما في أحاديث أخرى) يصيب الأرض، فينبت الناس من قبورهم من ذلك العظم الصغير (عجب الذنب) كما ينبت النبات الأخضر بسرعة وسهولة، إظهارًا لقدرة الله تعالى، وأن البعث حق وسهل على الله سبحانه.
ويؤكد الحديث على حقيقة علمية عظيمة، وهي أن جسد الإنسان كله يبلى ويتحلل في الأرض إلا عجب الذنب (عصعص الظهر)، فهو لا يبلى أبدًا، بل يبقى كالبذرة التي منها سيعيد الله تعالى تركيب الإنسان وخلقه من جديد يوم القيامة.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- الإيمان بالبعث والنشور: الحديث من أعظم الأدلة على قدرة الله المطلقة على إعادة الخلق بعد الموت، وهو ركن من أركان الإيمان.
2- عظمة قدرة الله تعالى: إعادة خلق الإنسان من عظم صغير لا يرى بالعين المجردة دليل على كمال قدرة الخالق سبحانه، {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104].
3- الحكمة من بقاء عجب الذنب: هذا الجزء هو أول ما يخلق من الجنين (في النطفة)، وهو أصل الخلق، فكان منطقيًا أن يكون هو البذرة التي يعاد منها التركيب، وقد أثبت العلم الحديث صحة ذلك.
4- طول الفترة بين الموت والبعث: مما يزيد الخوف والرهبة من ذلك اليوم وأهواله، ويحث المسلم على الاستعداد له بالأعمال الصالحة.
5- التوقيف في أمور الغيب: امتناع أبي هريرة رضي الله عنه عن تحديد الوحدة الزمنية (رغم إلحاح السائلين) يعلمنا أن نلتزم بما ورد فقط في أمور الغيب، ولا نتكلم فيها بغير علم.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● إعجاز علمي: اكتشف العلم الحديث أن "عجب الذنب" (العصعص) يحتوي على الخلايا الأم (Stem Cells) التي يمكن منها reconstruct أنسجة الجسم كاملة، وهو ما يتطابق تمامًا مع وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأن الخلق يُرَكَّب منه يوم القيامة.
● المناسبة: يذكر هذا الحديث غالبًا في أبواب الإيمان والبعث، وفي ذكر أهوال يوم القيامة لتحفيز النفس على الطاعة والاستعداد.
● المراجع للاستزادة: يمكن الرجوع إلى:
- "فتح الباري" لابن حجر العسقلاني.
- "شرح صحيح مسلم" للنووي.
- "رياض الصالحين" (باب التفكر في عظيم قدرة الله).
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يبعثنا في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٩٣٥) ومسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٥٥) كلاهما من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: فذكره. واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري نحوه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 13 من أصل 119 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عجب الذنب منه يركب الخلق يوم القيامة

  • 📜 حديث: عجب الذنب منه يركب الخلق يوم القيامة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عجب الذنب منه يركب الخلق يوم القيامة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عجب الذنب منه يركب الخلق يوم القيامة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عجب الذنب منه يركب الخلق يوم القيامة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب