حديث: يبعث الناس حفاة عراة غرلا يلجمهم العرق

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب يحشرُ الناسُ يومَ القيامة مُشاةً حُفاةً عُراةً غُرْلًا بُهْمًا

عن سودة زوج النبي ﷺ قالت: قال رسول اللَّه ﷺ: «يبعث الناس حفاةً عراةً غُرْلا يلجمهم العرق، ويبلغ شحمة الأذن» قالت: قلت: يا رسول اللَّه، واسوأتاه! ينظر بعضنا إلى بعض، قال: «شغل الناس عن ذلك» وتلا رسول اللَّه ﷺ: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٥].

حسن: رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٣٠٦٦)، والطبراني في الكبير (٢٤/ ٣٤)، والحاكم (٢/ ٥١٤ - ٥١٥) واللفظ له، كلهم من طريق محمد بن أبي عياش، عن عطاء بن يسار، عن سودة، زوج النبي ﷺ قالت: فذكرته.

عن سودة زوج النبي ﷺ قالت: قال رسول اللَّه ﷺ: «يبعث الناس حفاةً عراةً غُرْلا يلجمهم العرق، ويبلغ شحمة الأذن» قالت: قلت: يا رسول اللَّه، واسوأتاه! ينظر بعضنا إلى بعض، قال: «شغل الناس عن ذلك» وتلا رسول اللَّه ﷺ: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٥].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحاً وافياً، معتمداً على كلام أهل العلم من أهل السنة والجماعة:

الحديث:


عن سودة بنت زمعة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يُبْعَثُ النَّاسُ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا يَلْجُمُهُمُ الْعَرَقُ، وَيَبْلُغُ شَحْمَةَ الْأُذُنِ». قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاسَوْأَتَاهُ! يَنْظُرُ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ؟ قَالَ: «شُغِلَ النَّاسُ عَنْ ذَلِكَ». وَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٤-٣٧].

1. شرح المفردات:


● حُفَاةً: جمع حافٍ، أي بلا نعال أو خفاف، وهم حفاة الأقدام.
● عُرَاةً: جمع عارٍ، أي بلا ثياب تستر أجسادهم.
● غُرْلًا: جمع أغْلَلُ، أي غير مختونين. وقيل: هم الذين لم تُؤخَذ منهم زكاة، أو الذين لم يُغفَر لهم، والأظهر أن المراد أنهم يُبعَثون على الفطرة التي خُلقوا عليها، من غير ختان.
● يَلْجُمُهُمُ الْعَرَقُ: أي يغمرهم العرق ويُحيط بهم من كل جانب، حتى إنه لَيُلجِمُهم كما يُلجَم الدابة بلجامها، أي يَشُدُّ على أفواههم وأنوفهم.
● شَحْمَةَ الْأُذُنِ: وهي الجزء اللين الأسفل من الأذن.
● واسَوْأَتَاهُ: كلمة تعبير عن الفزع والاستعظام للأمر، وهي من "سَوَءَة" أي العورة، وتقال عند المصيبة والهول.
● شُغِلَ النَّاسُ عَنْ ذَلِكَ: أي انشغلوا واشتغلوا بأمر آخر أعظم من ذلك.

2. شرح الحديث:


يصف النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث حال الناس يوم القيامة حين يُبعَثون من قبورهم لرب العالمين، وذلك في أرض المحشر، حيث يكونون:
● حفاة: لا نعال في أقدامهم.
● عراة: لا ثياب على أجسادهم.
● غرلاً: على أصل خلقهم من غير اختتان.
● يلجمهم العرق: بسبب شدة الهول والخوف، وضيق الموقف، وحرارة يوم القيامة، يَفيض منهم العرق فيغمرهم، ويبلغ مقدار ذلك العرق إلى شحمة الأذن، أو يزيد على ذلك كما في بعض الروايات.
فلما سمعت سودة رضي الله عنها هذا الوصف، استعظمت الأمر، وفزعت من فكرة أن ينظر بعض الناس إلى عورات بعض، فقالت: "يا رسول الله، واسوأتاه! ينظر بعضنا إلى بعض؟" فأجابها النبي صلى الله عليه وسلم مطمئناً لها بأن الناس سيكونون في ذلك اليوم في شغل عن النظر إلى عورات بعضهم بعضاً، وشغل عن كل شيء إلا عن أنفسهم، وذلك بسبب الهول العظيم، والخوف الشديد، والجزع من الموقف، حتى إن الرجل ليهرب من أقرب الناس إليه، كأخيه وأمه وأبيه وزوجته وبنيه، لأن كل إنسان منهم سيكون مشغولاً بنفسه وبما هو فيه من الأمر الفظيع.
ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم الآيات من سورة عبس تأكيداً لهذا المعنى، وأن الإنسان في ذلك اليوم سيهرب من أحب الناس إليه، لأنه سيكون له شأن يغنيه عن كل أحد، أي أمر مهم وشأن عظيم يشغله عن غيره.

3. الدروس المستفادة والعبر:


● عظمة يوم القيامة وهوله: الحديث يصور جانباً من أهوال يوم القيامة وعظمته، مما يوجب على المسلم الخوف من ذلك اليوم، والاستعداد له بالأعمال الصالحة.
● الاستعداد للآخرة: ينبغي للمسلم أن يتذكر هذا الموقف العصيب، ويستعد له بالإيمان والعمل الصالح، والتقوى، وترك المعاصي.
● الانشغال بالنفس: في ذلك اليوم، ينشغل كل إنسان بنفسه، ولا ينفع إلا عمله الصالح، فلا أب ينفع ابنه، ولا ابن ينفع أباه، كما قال تعالى: ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [فاطر: 18].
● التسليم لحكمة الله: فالله تعالى سيحشر الناس على هذه الصورة لحكمة يعلمها، وهو العدل الذي لا يظلم مثقال ذرة.
● طمأنينة القلب بتصديق خبر النبي صلى الله عليه وسلم: فما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فهو حق، ويجب على المسلم تصديقه والتسليم له.

4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بأشراط الساعة وأهوال القيامة.
- معنى "يلجمهم العرق": أي يبلغ العرق أفواههم، كما يلجم اللجام الدابة، وهذا من شدة العرق وكثرته.
- المقصود بـ "شغل الناس عن ذلك": أي أنهم سينشغلون بأنفسهم، وبما هم فيه من الرعب والهلع، حتى لا يلتفت أحد إلى عورة الآخر
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٣٠٦٦)، والطبراني في الكبير (٢٤/ ٣٤)، والحاكم (٢/ ٥١٤ - ٥١٥) واللفظ له، كلهم من طريق محمد بن أبي عياش، عن عطاء بن يسار، عن سودة، زوج النبي ﷺ قالت: فذكرته.
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم».
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل محمد بن أبي عياش، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في الثقات، فيحسن هذا الحديث من أجل أصل له في معناه، وهو ليس من رجال الستة.
قال ابن كثير في البداية والنهاية (١٩/ ٣٧٤): «إسناده جيد، وليس هو في المسند، ولا في الكتب». يعني الستة.
قوله: «غرلا» بضم الغين المعجمة، وإسكان الراء، أي: غير مختونين، جمع أغرل، وهو الذي لم يختتن، وبقيت غرلته، وهي قلفته، وهي الجلدة التي تقطع في الختان، ومعناه أنهم يحشرون كما خلقوا، ولا يفقد منهم شيء حتى الغرلة تكون معهم. أفاده النووي في شرح مسلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 25 من أصل 119 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يبعث الناس حفاة عراة غرلا يلجمهم العرق

  • 📜 حديث: يبعث الناس حفاة عراة غرلا يلجمهم العرق

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يبعث الناس حفاة عراة غرلا يلجمهم العرق

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يبعث الناس حفاة عراة غرلا يلجمهم العرق

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يبعث الناس حفاة عراة غرلا يلجمهم العرق

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب