يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا

حديث: يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا

عن عائشة قالت: سمعت رسول اللَّه ﷺ، يقول: «يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلًا» قلت: يا رسول اللَّه، النساء والرجال جميعا ينظر بعضهم إلى بعض، قال ﷺ: «يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الرقاق (٦٥٢٧) ومسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٥٩) كلاهما من طريق حاتم بن أبي صغيرة، حدّثني ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، قالت: فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهو يتناول جانباً من أهوال يوم القيامة، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بما يفتح الله به من فضله.

أولاً. شرح المفردات:

● يُحْشَرُ النَّاسُ: أي يُجْمَعُونَ ويُسَاقُونَ إلى أرض المَحْشَر (ساحة القيامة) للعرض والحساب.
● حُفَاةً: جمع حافٍ، أي بدون نعال أو خفاف.
● عُرَاةً: جمع عارٍ، أي بدون ثياب تستر أجسادهم.
● غُرْلًا: جمع أغْلَل، أي غير مختونين، أو بمعنى أن كل شيء يعود إلى أصله الأول غير مُزَيَّن.

ثانياً. شرح الحديث:

تبدأ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بأنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخبر عن حالة الناس يوم القيامة، حيث يُبعثون ويُحشرون على هذه الهيئة المُفزعة:
● حفاة: لا نعال تحمي أقدامهم من حر الأرض ووعورتها.
● عراة: لا ثياب تستر عوراتهم أو تحمي أجسادهم.
● غُرْلًا: على حالتهم الأولى التي خُلقوا عليها، غير مختونين، مما يزيد في إظهار العورة والضعف.
فاستشعرت أم المؤمنين - وكانت ذات فطنة وذكاء - المشقة العظيمة في هذا الموقف، خاصة بالنسبة للنساء، حيث يختلط الرجال بالنساء وينظر بعضهم إلى بعض في هذه الحالة المزرية. فسألت النبي صلى الله عليه وسلم باستغراب وخوف: "النساء والرجال جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟!".
فأجابها النبي صلى الله عليه وسلم جواباً يقطع وساوس النفس ويبين أن الهول أعظم من هذه المسألة: "يا عائشة، الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض".
أي أن الشدة والهول الذي سيكون الناس فيه يوم القيامة، والرعب والعذاب الذي يحل بهم، أفظع وأعظم من أن يلتفت أحد إلى مسألة النظر أو الحياء في تلك الحال. فالناس سيكونون في شغلٍ عن كل شيء سوى أنفسهم وما هم فيه من أهوال وعذاب.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- عظمة أهوال يوم القيامة: الحديث يصور لنا طرفاً من الشدة والفظاعة التي سيكون عليها الناس يوم الحشر، مما يوجب على المسلم الاستعداد لهذا اليوم بالتقوى والعمل الصالح.
2- انشغال الناس بأنفسهم: في ذلك اليوم، ينشغل كل إنسان بنفسه وهمه ومصيبته، حتى إنه لا يلتفت إلى أقرب الناس إليه، كما قال تعالى: "يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ" (عبس: 34-37).
3- الحث على الحياء في الدنيا: إن ذكر هذا المشهد العظيم ليكون دافعاً للمسلم أن يحافظ على حيائه في الدنيا، ويستر عورته، ويغض بصره، حتى يوفقه الله للستر في ذلك اليوم العصيب.
4- تفاوت درجات الخلق في ذلك اليوم:雖然 الجميع يحشرون على هذه الحال, إلا أن الله سيستور أنبياءه وصالح عباده بكراماته, كما ورد في أحاديث أخرى. فالمؤمنون يتنعمون في ظل عرش الله, بينما الكفار والعصاة في العذاب والفضيحة.
5- عظمة نعيم الجنة: مقارنة بهذه الحال, يظهر عظيم نعيم الجنة وكرامة أهلها, حيث يكسون فيها من أفخر الثياب, ويُنعم عليهم بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحشر على هذه الحال يكون قبل دخول الجنة أو النار، أثناء العرض والحساب.
- وردت أحاديث أخرى تذكر أن أول من يُكسى يوم القيامة إبراهيم الخليل عليه السلام، كما في الصحيحين.
- من أسباب الستر في ذلك اليوم: الحياء في الدنيا، وستر العورات، وغض البصر.
- هذا الموقف يدل على حرص الصحابة رضي الله عنهم على الفهم والسؤال، خاصة أمهات المؤمنين اللاتي كن يسألن عن كل ما يشكل عليهن.
أسأل الله أن يسترنا في الدنيا والآخرة، وأن يحشرنا في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الرقاق (٦٥٢٧) ومسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٥٩) كلاهما من طريق حاتم بن أبي صغيرة، حدّثني ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، قالت: فذكرته.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 21 من أصل 119 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا

📜 حديث: يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية