حديث: عليكم بقيام الليل فإنه قربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في الحثّ على قيام الليل
حسن: رواه ابن خزيمة (١١٣٥)، والحاكم (١/ ٣٠٨) وعنه البيهقي (٢/ ٥٠٢) كلهم من طريق عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن ثور بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي أمامة الباهلي فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين.
الحديث الشريف:
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو قُربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم».
أخرجه الترمذي في سننه وقال: حديث حسن.
شرح المفردات:
* عليكم بقيام الليل: "عليكم" أسلوب تأكيد وحث، أي الزموا وداوموا. و"قيام الليل" يشمل الصلاة والذكر والدعاء والقراءة في الليل، وأشهره وأفضله الصلاة.
* دأب الصالحين: "الدأب" بمعنى العادة والسجية والدين الذي يداوم عليه المرء. أي أن قيام الليل كان عادة مستمرة للصالحين من الأمم السابقة.
* قُربة: أي وسيلة لتقريب العبد من ربه عز وجل، وسبب لنيل محبته ورضاه.
* مكفرة للسيئات: أي مما يكفر الذنوب ويغفرها ويمحوها.
* ومنهاة عن الإثم: أي أنه ينهى فاعله عن الوقوع في المعاصي والآثام، لأنه يقوي الإيمان في القلب ويضعف الشهوات.
المعنى الإجمالي للحديث:
يحثنا النبي الكريم ﷺ في هذا الحديث على ملازمة عبادة قيام الليل والمحافظة عليها، ويبين لنا أربع فوائد عظيمة وجوائز كريمة لهذه العبادة:
1. أنها سنة الصالحين والأخيار الذين سبقونا.
2. أنها من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه.
3. أنها سبب لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات.
4. أنها تحمي صاحبها من الوقوع في المعاصي، لأنها تزكي النفس وتقوي مراقبة الله في القلب.
الدروس المستفادة والعبر:
1- الحث على الاقتداء بالصالحين: بيان أن من طرق صلاح القلب والمسارعة إلى الخيرات الاقتداء بأهل الصلاح والتقوى، واتباع منهجهم القويم.
2- فضل قيام الليل وعظم منزلته: فهو عبادة عظيمة الجلالة، اختصها الله لأوليائه المتقين، كما قال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16].
3- قيام الليل مدرسة للتزكية: فهو ليس مجرد حركات وسكنات، بل هو عبادة تورث في القلب التقوى، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وتصحح مسار العبد في نهاره.
4- الجمع بين التخلية والتحلية: فقيام الليل "مكفرة" (تخلّص من السيئات) و"منهاة" (تحول دون وقوع新的 السيئات) وهو "قربة" (تحلّي بالطاعات وتقرب إلى الله).
5- التدرج في الطاعة: لا يشترط أن يقوم الإنسان الليل كله، بل يقدر ما يستطيع، ولو بركعتين خفيفتين قبل النوم، لقول النبي ﷺ: «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ». (متفق عليه).
أي معلومات إضافية مفيدة:
* وقت قيام الليل: يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وأفضله الثلث الأخير من الليل، لقول النبي ﷺ: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له». (متفق عليه).
* كمية القيام: ليس فيه حد محدود، والأفضل ما كان مثنى مثنى (ركعتين ركعتين)، ويختم بركعة وترية.
* النية والإخلاص: ينبغي أن يقصد العبد بتعبه في الليل وجه الله تعالى والتقرب إليه، لا المباهاة أو السمعة.
* الاستعانة على القيام: بالتقليل من الطعام والكلام المباح ليلاً، والنوم على الجنب الأيمن، وذكر الله قبل النوم، والعزم الصادق على القيام.
نسأل الله تعالى أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
قال الحاكم: «صحيح على شرط البخاري».
وهذا وهم منه. فإن معاوية بن صالح وهو: ابن حدير لم يخرج له البخاري، وإنما أخرج له مسلم وهو «صدوق له أوهام» كما في «التقريب» ورمز له بـ (م).
ولكن في الإسناد عبد الله بن صالح كاتب الليث، وإن كان أخرج له البخاري في المعلقات إلا أنه مختلف فيه.
فقال النسائي: ليس بثقة، وقال الحاكم: ذاهب الحديث، وابن عدي سبر أحاديثه فقال: «هو عندي مستقيم الحديث إلا أنه يقع في أسانيده ومتونه غلط، ولا يتعمد الكذب».
قال الأعظمي: وهنا لم يأتِ بشيء ينكر عليه، فلا مانع من الاستشهاد به لا الاحتجاج به.
وأما ما رواه الترمذي (٣٥٤٩) من طريق بكر بن خُنيس، عن محمد القرشي، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن بلال بن رباح، عن رسول الله ﷺ نحوه، وزاد في آخره: «ومَطرَدَة للداء عن الجسد» فإنه لا يُعلّ ما رواه عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح به.
قال الترمذي: «حديث غريب، لا نعرفه من حديث بلال إلا من هذا الوجه، ولا يصح من قبل إسناده، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: محمد القرشي هو: محمد بن سعيد الشامي، وهو: محمد بن أبي قيس، وهو: محمد بن حسان، وقد تُرِك حديثه، وقد روي هذا الحديث معاوية بن
صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي أمامة، عن رسول الله ﷺ، وهذا أصح من حديث أبي إدريس، عن بلال».
قال الأعظمي: وهو كما قال فإن الشامي هذا هو المصلوب كذبوه، قتله المنصور على الزندقة وصلبه، وأما شيخه ربيعة بن يزيد فهو ثقة عابد كما في التقريب، والاسناد الأول ليس فيه متهم وهو حسن إن شاء الله.
وفي الباب أيضًا عن سلمان الفارسي ولفظه: «عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربة لكم إلى الله عز وجل، ومُكفِّرة للسيئات، ومَنْهاة عن الإثم، ومَطرَدَة الداءِ عن الجسمِ«إلا أنه ضعيف لجهالة أحد رواته.
رواه الطبراني في: الكبير (٦١٥٤) وفيه عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون وثَّقه دُحَيْم وابن حبان وابن عدي، وضعَّفه أبو داود وأبو حاتم. كذا قال الهيثمي في: المجمع (٣٥٢٠).
وأورده ابن عدي في: الكامل (٤/ ١٥٩٦ - ١٥٩٧) وذكر له عدة أحاديث منها الحديث المذكور وقال: ابن أبي الجون هذا مثل ابن أبي الرجال، وعامة أحاديثه مستقيمة، وفي بعضها بعض الإنكار، فلذلك ذكرته، وله غير ما ذكرت من الحديث، وقد روى عنه الوليد بن مسلم ونطراؤه من الناس من أهل دمشق، وأرجو أنه لا بأس به» انتهى.
وأما أبو داود فضعَّفه كما سبق، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به.
وفيه أيضًا أبو العلاء الغَزِّي الراوي عن سلمان الفارسي مجهول، قال الذهبي: لا أعرفه.
وفي الباب ما روُي عن عبد الله بن عباس قال: ذكرت قيام الليل. فقال بعضُهم: إنّ رسول الله ﷺ قال: «نصفه وثلثه وربعه، فواق حَلْبِ ناقة، فواق حَلْبِ شاة».
رواه أبو يعلى «المقصد العلي» (٣٦٩) عن هارون بن معروف، ثنا ابن وهب، حدثني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن ابن عباس فذكره. ومخرمة بن بكير حسن الحديث.
قال الهيثمي في «المجمع» (٢/ ٢٥٢): «رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح».
وقال البوصيري في «إتحاف الخيرة» (٢٣٥٣): «رواه أبو يعلي بسند صحيح».
قال الأعظمي: وهو كذلك إلا أنّ مخرمة بن بكير وهو من رجال مسلم روايته عن أبيه وجادة من كتابه كما قال أحمد وابن معين. وقال ابن المديني: «سمع من أبيه قليلًا»، والوِجادة مقبولة عند المحدثين.
ولكن علّته أنّ فيه انقطاعًا، فإنّ بكيرًا وهو ابن عبد الله بن الأشجّ لم يسمع من ابن عباس.
وقوله: فواق حلبِ ناقةٍ: أي: قدر ما بين الحلبتين من الراحةِ. كما في النهاية لابن الأثير.
وأمّا ما رُوي عن أبي هريرة مرفوعًا: «شرف المؤمن صلاته باللّيل، وعزُّه استغناؤه عن النّاس». فهو ضعيف.
رواه العقيليّ في «الضعفاء» (٢/ ٣٧) عن يحيى بن عثمان بن صالح، قال: حدّثنا داود بن عثمان الثغري، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعيّ، عن أبي معاذ، عن أبي هريرة، فذكره.
قال العقليّ: «داود بن عثمان الثّغري كان يُحدِّث بمصر عن الأوزاعيّ وغيره بالبواطيل منها حديث يحيى بن عثمان» فذكره.
وقال: «هذا يُروى عن الحسن وغيره من قولهم، وليس له أصل مسند».
وأخرجه ابن الجوزيّ في «الموضوعات» (٢/ ٤٠٧) من طريق العقيليّ، وأقرّه على قوله السّابق، وذكر له شاهدًا من حديث سهل بن سعد مرفوعًا: «جاء جبريل إلى النبيّ ﷺ فقال: يا محمد! أحببْ من شئتَ فإنّك مفارقه، واعمل ما شئت فإنّك مجزي به، وعشّ ما شئت فإنّك ميّت، واعلم أنّ شرف المؤمن قيامه باللّيل، وعِزّه استغناؤه عن النّاس». وقال: «هذا لا يصح عن النبيّ ﷺ، فإنّ في طريقه محمد بن حميد قد كذّبه أبو زرعة وابنُ وارة، وقال ابن حبان: ينفرد عن الثّقات بالمقلوبات. وفيه شيخه زافر بن سليمان، قال ابن عدي: لا يتابع على عامة ما يرويه». انتهى.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 910 من أصل 1241 حديثاً له شرح
- 885 كان النبي ﷺ يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه
- 886 يُصَلِّي حتى تَرِم قدماه فيقول: أفلا أكون عبدًا شكورًا
- 887 أفلا أكون عبدًا شكورًا
- 888 كان خلق رسول الله ﷺ القرآن
- 889 قام النبي بآية من القرآن ليلةً
- 890 قام النبي ﷺ بآية حتى أصبح يرددها
- 891 اللهم لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن
- 892 من تعار من الليل فقال لا إله إلا الله ثم...
- 893 بأيّ شيء كان نبي الله يفتح صلاته إذا قام من...
- 894 كان يفتتح قيام الليل بالتكبير والتحميد والتسبيح والتهليل عشرًا
- 895 استيقظ النبي ليلاً فقرأ العشر الآيات الخواتم من آل عمران
- 896 «ألا تصلّيان؟» قالها رسول الله لعلي وفاطمة ليلة
- 897 من رأى النار في المنام فليستعذ بالله منها
- 898 من يوقظ صواحب الحجرات
- 899 أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل
- 900 إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا
- 901 رحم الله رجلًا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته
- 902 المحافظة على الصلوات المكتوبات تخرجك من الغافلين
- 903 قم بالليل والناس نيام، ثم ادخل الجنة بسلام
- 904 مداومة النبي على قيام الليل في الصحة والمرض
- 905 قدم رسول الله ﷺ المدينة وأول ما قال أفشوا السلام
- 906 من أطعم الطعام وألان الكلام وتابع الصيام وصلى والناس نيام
- 907 من قام بمائة آية كتب من القانتين
- 908 من ألان الكلام وأطعم الطعام وبات قائما والناس نيام
- 909 ثلاثة يبغضهم الله: الشيخ الزاني والفقير المختال، والغني الظلوم
- 910 عليكم بقيام الليل فإنه قربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة...
- 911 من كان يقوم الليل فلا يتركه
- 912 بال الشيطان في أذنيه
- 913 يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث...
- 914 على رأس كل نائم جرير معقود ثلاث عقد
- 915 انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه يسألني، ما سألني عبدي...
- 916 لا يتوسد القرآن
- 917 خلق النبي كان القرآن الكريم
- 918 صلاة النبي ﷺ من الليل في برد حضرمي متوشحًا به.
- 919 إذا سمع الصارخ قام فصلى
- 920 ما أَلْفاهُ السَّحَرُ عِنْدي إلَّا نائمًا
- 921 صلاة رسول الله ﷺ بالليل
- 922 يوقظه الله بالليل حتى يفرغ من حزبه
- 923 ما كنا نشاء أن نرى رسول الله ﷺ في الليل...
- 924 رسول الله ﷺ يتسوّك ويصلي الليل ويتدبر القرآن.
- 925 أحب الصلاة إلى الله صلاة داود وأحب الصيام صيام داود
- 926 صلاة النبي بالليل: ينام أوله ويقوم آخره
- 927 ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث...
- 928 أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل
- 929 أقرب ما يكون الرب من العبد جوف الليل الآخر
- 930 إن في الليل لساعة لا يوافقها مسلم يسأل الله خيرًا...
- 931 النبي ﷺ يسمع صوت عباد يصلي في المسجد
- 932 قراءة النبي على قدر ما يسمع من في الحجرة
- 933 كنت أسمع قراءة النبي ﷺ بالليل وأنا على عريشي
- 934 من سرَّه أن يقرأ القرآن رطبًا كما أنزل
معلومات عن حديث: عليكم بقيام الليل فإنه قربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم
📜 حديث: عليكم بقيام الليل فإنه قربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: عليكم بقيام الليل فإنه قربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: عليكم بقيام الليل فإنه قربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: عليكم بقيام الليل فإنه قربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








