حديث: أفلا أكون عبدًا شكورًا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في اجتهاد النّبيّ ﷺ في قيام اللّيل لرفع الدرجات وعلو المراتب

عن أنس بن مالك، قال: قام النّبيُّ ﷺ حتَّى تورّمتْ قدماه، أو ساقاه. قال: فقيل: يا رسول الله! قد غفر اللَّهُ لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر؟ قال: «أفلا أكونُ عبدًا شكورًا».

صحيح: رواه أبو يعلى (٢٩٠٠) عن عبد الله بن عون الخرّاز، حدّثنا محمد بن بشر، عن مسعر بن كدام، عن قتادة، عن أنس، فذكره.

عن أنس بن مالك، قال: قام النّبيُّ ﷺ حتَّى تورّمتْ قدماه، أو ساقاه. قال: فقيل: يا رسول الله! قد غفر اللَّهُ لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر؟ قال: «أفلا أكونُ عبدًا شكورًا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو من الأحاديث الصحيحة التي أخرجها الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، يحمل في طياته دروساً عظيمة وعبراً جليلة عن شكر النعمة وعبادة النبي ﷺ.

أولاً. شرح المفردات:


● قام: أي صلى قائماً، والمراد هنا طول القيام في الصلاة.
● تَوَرَّمَتْ: انتفخت وتَثَقَّلَت من كثرة الوقوف والسجود. والورم هو الانتفاخ الحاصل من التعب.
● قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ: هذا إخبار من الصحابة رضي الله عنهم استناداً إلى قوله تعالى في سورة الفتح: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}.
● عَبْدًا شَكُورًا: العبد المطيع لله، والشكور هو الكثير الشكر لله على نعمه.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ كان يُطيل القيام في صلاة الليل حتى تنتفخ قدماه أو ساقاه من شدة الوقوف والتعب. فلما رآه الصحابة على هذه الحالة، قالوا له متعجبين: يا رسول الله، لماذا تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر؟ فأجابهم ﷺ: "أفلا أكون عبداً شكوراً؟"، أي كيف لا أشكر الله على هذه النعمة العظيمة (نعمة المغفرة) بالقيام بطاعته وعبادته؟

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- كمال عبودية النبي ﷺ لله تعالى: فمع أنه ﷺ معصوم ومغفور له، إلا أنه كان أكثر الناس عبادة واجتهاداً في الطاعة، مما يدل على كمال عبوديته لربه وشكره للنعم.
2- الشكر على النعمة يكون بالعمل الصالح: فشكر نعمة المغفرة والرحمة لا يكون بالقول فقط، بل بالعمل والاجتهاد في الطاعة، وهذا هو حقيقة الشكر.
3- الاجتهاد في العبادة ولو مع المشقة: الحديث يحث على الاجتهاد في طاعة الله ولو كان فيها تعب ومشقة، لأن ذلك من أعظم القربات.
4- أن المغفرة لا تمنع من الاجتهاد في العبادة: بل هي دافع للشكر والزيادة في الطاعة، كما فعل النبي ﷺ.
5- التأسي بالنبي ﷺ في الاجتهاد في العبادة: فإذا كان النبي ﷺ يفعل هذا مع كمال عصمته، فما بالنا نحن المقصرين؟!

رابعاً. فوائد إضافية:


- الحديث يدل على أن النبي ﷺ كان يكثر من قيام الليل، حتى إنه كان يطيل القراءة والقيام إلى درجة تتورم فيها قدماه.
- فيه بيان حرص الصحابة رضي الله عنهم على نبيهم ﷺ وشفقتهم عليه.
- الحديث يرد على من يتكاسل عن الطاعة بحجة أن الله غفور رحيم، فالنبي ﷺ قد غفر له وما زال يجتهد في العبادة.
أسأل الله أن يجعلنا من الشاكرين لله على نعمه، والمقتدين بنبيه ﷺ في الاجتهاد في الطاعة.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو يعلى (٢٩٠٠) عن عبد الله بن عون الخرّاز، حدّثنا محمد بن بشر، عن مسعر بن كدام، عن قتادة، عن أنس، فذكره.
أورده الهيثميّ في «المجمع» (٢/ ٢٧١) وعزاه إلى أبي يعلى، والبزّار، والطّبراني في «الأوسط» وقال: «رجاله رجال الصّحيح».
قال الأعظمي: وهو كما قال، إلّا أنّ الحديث أُعلّ بأنّ المشهور عن مسعر، عن زياد بن علاقة، عن المغيرة بن شعبة، كما سبق في أوّل الباب، وهو الذي أخرجه الشيخان، ولكن لا يبعد أن يكون لهذا الحديث مخرجٌ آخر - وهو ما رواه محمد بن بشر - وهو العبديّ، وصف بأنّه ثقة حافظ، عن مسعر بن كدام، عن قتادة، عن أنس، فذكره.
وأنس بن مالك وهو خادم رسول الله ﷺ، لقد اطلّع على فعل النبيّ ﷺ ما لم يطّلع عليه غيره، ويشهد لهذا الطريق ما رواه أبو الشيخ الأصبهانيّ في «أخلاق النبيّ ﷺ» (ص ١٦٠) عن أحمد بن محمد بن علي الخزاعيّ، نا قرّة بن حبيب، نا عبد الحكم، عن أنس بن مالك، قال: «تعبَّد رسولُ الله ﷺ حتَّى صار كالشِّن البالي، فقالوا: يا رسول الله! ما يحملك على هذا؟ أليس قد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟ قال: أفلا أكون عبدًا شكورًا».
إلّا أنّ فيه عبد الحكم وهو ابن عبد الله القسمليّ، ضعيف كما في التقريب، ولكن بمجموع الطريقين يدلان على أنّ لهذا الحديث أصلّا عن أنس أيضًا.
فائدة: قال ابن خزيمة: «في هذا دلالة على أن الشّكر لله عز وجل قد يكون بالعمل له، لأنَّ الشكر كلُّه لله، وقد يكون باللسان. قال الله تعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ [سورة سبأ: ١٣] فأمرهم عز وجل أن يعملوا شكرًا، فالشكر قد يكون بالقول والعمل جميعًا. لا على ما يتوهم العامة أن الشكر إنما يكون باللّسان فقط».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 887 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أفلا أكون عبدًا شكورًا

  • 📜 حديث: أفلا أكون عبدًا شكورًا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أفلا أكون عبدًا شكورًا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أفلا أكون عبدًا شكورًا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أفلا أكون عبدًا شكورًا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب