يُصَلِّي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة

حديث: يُصَلِّي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة

عن سعد بن هشام بن عامر عن عائشة في حديث طويل وفيه قالت عائشة: يُصلِّي تسع ركعات، لا يجلس فيها إِلَّا في الثامنة فيذكر الله، ويحمده ويدعوه. ثمّ ينهضُ ولا يُسلم. ثمّ يقوم فيصلِّي التاسعة. ثمّ يقعدُ فيذكر الله وبحمده ويدعوه. ثمّ يُسلم تسليمًا يُسْمِعُنا. ثمّ يُصَلِّي ركعتين بعد ما يُسَلِّم وهو قاعد. فتلك إحدى عشرة ركعة يا بُنيَّ. فلمّا أسَنَّ نبي الله ﷺ، وأخذه اللحم، أوتر بسبع. وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأوّل، فتلك تسعٌ يا بُنيَّ.

صحيح: رواه مسلم في صلاة المسافرين (٧٤٦) عن محمد بن المثنى العنزيّ، حَدَّثَنَا محمد بن أبي عديّ، عن سعيد، عن قتادة، عن زرارة، عن سعد بن هشام بن عامر فذكره في حديث طويل سبق ذكره في باب جامع صلاة رسول الله ﷺ في الليل.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً وسهلاً بك أيها السائل الكريم، وأشكرك حرصك على فهم سنة نبيك ﷺ. هذا الحديث العظيم الذي روتْه أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها يصف لنا صلاة الوتر التي كان النبي ﷺ يصليها، وهو من أبلغ الأدلة على حرصه ﷺ على تعليم أمته ومنهجه في العبادة.
وسأشرحه لك جزءاً جزءاً مستنداً إلى كبار شروح الحديث مثل "فتح الباري" للحافظ ابن حجر و"شرح النووي على صحيح مسلم".

أولاً. شرح المفردات:

* لا يجلس فيها إلا في الثامنة: أي لا يجلس للتشهد إلا بعد الانتهاء من الركعة الثامنة.
* فيذكر الله، ويحمده ويدعوه: أي يجلس ويتشهد (فيقول التحيات لله...) ويصلي على النبي ﷺ ويدعو الله بما شاء.
* ثم ينهض ولا يسلم: يقوم للركعة التاسعة دون أن يسلم نهائياً، مما يدل على أن هذه الركعات جميعاً مرتبطة ببعضها.
* ثم يسلم تسليماً يسمعنا: يسلم سلاماً جهرياً حتى نعرف أن الصلاة قد انتهت.
* وأخذه اللحم: كناية عن تقدم سنه ﷺ وثقل جسده الشريف.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:

يصف هذا الحديث صلاة الوتر التي كان النبي ﷺ يحافظ عليها، وهي صلاة الليل. والحديث يوضح صورتين لها:
1- الصورة الأولى (إحدى عشرة ركعة): وهي هديه المعتاد في قوة شبابه. كان يصليها بتسليمة واحدة، يجلس بعد الركعة الثامنة للتشهد والدعاء، ثم يقوم ليصلي الركعة التاسعة دون سلام، ثم يجلس للتشهد النهائي ويسلم. ثم بعد أن ينتهي من الوتر ويسلم، كان يصلي ركعتين وهو جالس (قضاءً للسنن الرواتب أو لنوافل الليل). فمجموع ذلك إحدى عشرة ركعة.
2- الصورة الثانية (سبع ركعات): عندما تقدم به السن ﷺ وأصبح جسده الشريف أثقل، خفف على نفسه، فجعل وتره سبع ركعات فقط، يصليهن بتسليمة واحدة كما في الصورة الأولى (يجلس بعد السادسة، ثم يقوم للسابعة، ثم يجلس ويسلم). ثم يصلي بعدها الركعتين وهو جالس. فمجموع ذلك تسع ركعات.
والخلاصة: أن الوتر كان يصليه ﷺ مرتبطاً بركعة واحدة (أي بتسليمة واحدة في آخره)، سواء كانت ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو تسعاً. وكان أحياناً يصلي ركعتين خفيفتين بعد الوتر وهو جالس.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه المستنبط:

1- مرونة الشريعة ورفع الحرج: الحديث دليل عظيم على يسر الإسلام ومراعاته لحال المكلف. فالنبي ﷺ نفسه خفف على نفسه عندما كبر سنه، ليعلم أمته أن العبادة يجب أن تكون بما يستطيعه الإنسان دون مشقة.
2- بيان صفة صلاة الوتر: الحديث من أصرح الأدلة على جواز صلاة الوتر بشكل متصل (خمس أو سبع بتشهد واحد وسلام واحد في الأخير)، وهي صفة مستحبة.
3- مشروعية صلاة ركعتين بعد الوتر: وهذا فعل خاص بالنبي ﷺ، وذهب جمهور العلماء إلى أن هاتين الركعتين هما من السنن الرواتب التي كان يقضيهما، أو من نوافل الليل. والأفضل للمسلم أن يجعل وتره آخر صلاة الليل، كما جاء في أحاديث أخرى.
4- تفاضل الأعمال بحال العبد: العمل الواحد يتفاضل بحسب قدرة العبد واستطاعته وجده واجتهاده. فصلاة إحدى عشرة ركعة في الشباب لها أجرها، وصلاة سبع في الكبر لها أجرها الكامل إن شاء الله.
5- حرص الصحابة على التعلم: حرص سعد بن هشام على سؤال أم المؤمنين عائشة عن هدي النبي ﷺ في العبادة دليل على حرص السلف على معرفة السنة وتطبيقها.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

* يجوز للمسلم أن يوتر بـ (ركعة واحدة)، أو (ثلاث ركعات)، أو (خمس)، أو (سبع)، أو (تسع)، أو (إحدى عشرة) كما في الحديث، والأمر في هذا واسع.
* الأفضل أن يجعل المسلم وتره آخر صلاة الليل، لقول النبي ﷺ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا».
* قول عائشة "يا بُنيَّ" هو من دلائل حنوها وشفقتها رضي الله عنها على من يسألها، وتواضعها في التعليم.
أسأل الله أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن نقتدي بنبينا محمد ﷺ في كل أعمالنا.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في صلاة المسافرين (٧٤٦) عن محمد بن المثنى العنزيّ، حَدَّثَنَا محمد بن أبي عديّ، عن سعيد، عن قتادة، عن زرارة، عن سعد بن هشام بن عامر فذكره في حديث طويل سبق ذكره في باب جامع صلاة رسول الله ﷺ في الليل.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 967 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يُصَلِّي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة

📜 حديث: يُصَلِّي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: يُصَلِّي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: يُصَلِّي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: يُصَلِّي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية