حديث: يُصَلِّي متربِّعًا
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب التربُّع في الصّلاةِ إذا صلَّى جالسًا
صحيح: رواه النسائيّ (١٦٦١) عن هارون بن عبد الله قال: حَدَّثَنَا أبو داود الحُفَري، عن حفص، عن حُميد، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة فذكرته.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث: عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "رأيت النَّبِيّ ﷺ يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا".
(أخرجه الإمام البخاري في "الأدب المفرد" والإمام البيهقي في "السنن الكبرى"، وصححه الألباني).
1. شرح المفردات:
* مُتَرَبِّعًا: هيئة في الجلوس، وهي أن يضع الرجل اليسرى تحت فخذه وساقه اليمنى، ثم ينصب اليمنى ويجعل أليتيته (مقعدته) على الأرض. وتسمى هذه الهيئة أيضًا "الْتِفَاتَ الْحَقْوِ" أو "التَّرَبُّع". وهي غير القرفصاء (الجلوس على الإليتين مع نصب الساقين والذراعين حولهما).
2. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبرنا هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحياناً في صلاته - وتحديداً في جلسة الاستراحة أو بين السجدتين أو في التشهد - يجلس جلسة التربع، وهي جلسة فيها سعة وراحة. وهذا يدل على أن هذه الجلسة مشروعة في الصلاة في بعض أحوالها.
3. الدروس المستفادة منه:
1- سعة ويسر الشريعة الإسلامية: هذا الحديث من الأدلة الكثيرة على يسر الإسلام وسماحته، ومراعاته لأحوال المصلين. فلم يحدد الشارع هيئة واحدة للجلوس في الصلاة في جميع أحوالها، بل شرع هيئات متعددة تتناسب مع حال المصلي، فمنها الافتراش (وهو الجلوس على اليسرى ونصب اليمنى) والتورك (في التشهد الأخير) والتربع. وهذا اليسر يرفع الحرج عن الناس.
2- مشروعية التربع في الصلاة: الحديث دليل على جواز جلسة التربع في الصلاة، خاصة في المواضع التي لا يكون فيها تشهد طويل، مثل:
* جلسة الاستراحة (الجلوس القصير بعد السجدة الثانية قبل النهوض للركعة التالية، وهي سنة عند بعض الفقهاء).
* بين السجدتين.
* وقد ذهب بعض العلماء إلى جوازه حتى في التشهد إذا كان هناك عذر كمرض أو تعب.
3- اتباع السنة في جميع الأحوال: فعل النبي صلى الله عليه وسلم لهيئة معينة في الصلاة يدل على مشروعيتها، ويحثنا على التأسي به في كل كبيرة وصغيرة، حتى في هيئة الجلوس، طلباً للكمال والأجر.
4- تنوع هيئات الجلوس في الصلاة: يفهم من مجموع الأحاديث أن للصلاة هيئات متعددة للجلوس، وكلها سنن، فيستحب للمصلي أن ينوع فيها أحياناً اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فيجلس مرةً بالافتراش ومرةً بالتورك ومرةً بالتربع، ليحيي جميع سنن النبي صلى الله عليه وسلم.
4. معلومات إضافية مفيدة:
* الفرق بين التربع والافتراش والتورك:
* الافتراش: هو الجلوس في التشهد الأول والأخير في الصلاة الثنائية والثلاثية، وهو أن ينصب المصلي رجله اليمنى ويجلس على رجله اليسرى.
* التورك: هو هيئة الجلوس في التشهد الأخير في الصلاة الرباعية أو الثلاثية، وهو أن ينصب الرجل اليمنى ويخرج الرجل اليسرى من الجانب الأيمن ويجلس على مقعدته.
* التربع: هو الهيئة المذكورة في الحديث، وهي غير معتادة في الصلوات المفروضة في أوقات التشهد الطويلة، ولكنها جائزة في الجلسات القصيرة كما سبق.
* حكمة التربع: قد تكون هذه الهيئة لأجل الراحة أو عند الحاجة إليها، مما يدل على أن العبادة لا تنافي الطبيعة البشرية والسعي للراحة المشروعة.
* هل التربع سنة؟: التربع ليس من السنن الرواتب المستحبة دائماً، بل هو جائز ومشروع، والأفضل للمصلي في المواضع التي ذكرناها أن يفعل ما هو أكثر وروداً في السنة، كالافتراش بين السجدتين، ولكن إذا تربع أحياناً لأجل الراحة أو اتباعاً لهذه السنة فقد أحسن.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
قال النسائيّ: «لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث غير أبي داود وهو ثقة، ولا أحسب هذا الحديث إِلَّا خطأ والله تعالى أعلم». انتهى.
ورواه أيضًا في «السنن الكبرى» (١٣٦٣) من الطريق نفسه وقيد فيه حُميد بأنه «الطّويل».
وقال: «لا نعلم أحدًا روى هذا الحديث غير أبي داود الحفريّ، عن حفص» ولم يذكر فيه: «ولا أحسب هذا الحديث ...».
أما الأمر الأوّل فهو كما قال بأنه حُميد الطّويل وكذلك قيَّده ابن حبَّان في صحيحه (٢٥١٢) وأطلقه ابن خزيمة (١٢٣٨)، والحاكم (١/ ٢٧٥)، وعنه البيهقيّ (٢/ ٣٠٥) إِلَّا أن البيهقيّ رواه أيضًا من غير طريق الحاكم عن أبي داود الحفري فقال: «فذكره إِلَّا أنه قال: عن حميد الطّويل».
فالظاهر أنه الطّويل، والحافظ المزي نَفَى في «تحفة الأشراف» (١١/ ٤٤٢) و«تهذيب الكمال» (٧/ ٣٧٤) أن يكون حميدًا الطّويل، بل قال إنه: حُميد بن طرخان.
وتعقبه الحافظ في «تهذيب التهذيب» (٣/ ٤٣) فقال: فَرَّق ابن حبَّان بينه وبين حميد الطّويل في الثّقات، وقد تقدّم أن والد حُميد الطّويل يقال له: طرخان، والطويل يرُوي عن عبد الله بن شقيق. فالظاهر أنه هذا، إذ ليس في الرواية ما يدل على أنه غيره، لا سيما وفي السنن الكبرى في رواية ابن الأحمر عن النسائيّ، عن هارون، عن أبي داود، عن حفص، عن حميد وهو الطّويل، فقوله: «وهو الطّويل» يحتمل أن يكون من قول النسائيّ، أو من قول من فوقه، أو دونه، وهو الأشبه، ثمّ وجدتُ الحديث في سنن البيهقيّ من طريق يوسف بن موسى، عن أبي داود الحفريّ، عن حفص، عن حميد الطّويل، فتبين أنه هو, انتهى.
وقال الحاكم (١/ ٢٧٦): وحُميد هو: ابن تيرويه الطّويل بلا شك.
وحكم على الحديث بأنه على شرط الشّيخين.
قال الأعظمي: وأبو داود الحفري هو: عمر بن سعد بن عبيد الحفري - بفتح الحاء والفاء - نسبة إلى موضع في الكوفة، وهو ثقة كما قال النسائيّ.
وأمّا الأمر الثاني وهو قول النسائيّ: «لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث غير أبي داود وهو ثقة، ولا أحسب هذا الحديث إِلَّا خطأ» ففيه تخطئة الثّقات بالظنِّ، كما أن أبا داود لم ينفرد به، بل رواه أيضًا محمد بن سعيد بن الأصبهانيّ، ثنا حفص بن غيات، عن حُميد بن قيس، عن عبد الله بن شقيق عنها فذكرت مثله. رواه البيهقيّ (٢/ ٣٠٥) عن الحاكم، قال: أخبرني محمد بن صالح بن هانئ، ثنا السري بن خزيمة، ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني به.
وعزاه الحافظ في «التلخيص» إلى ابن خزيمة أيضًا إِلَّا أني لم أجده في مظانه. وقد رواه ابن خزيمة في موضعين، باب صفة الصّلاة جالسًا إذا لم يقدر على القيام (٩٧٨) وفي باب التربع في الصّلاة إذا صلى المرءُ جالسًا (١٢٣٨) وفي كِلا الموضعين رواه من طريق أبي داود الحفري.
قال الحافظ بعد ذكر متابعة محمد بن سعيد بن الأصفهاني لأبي داود: «فظهر أنه لا خطأ فيه».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 982 من أصل 1241 حديثاً له شرح
- 957 صلاة رسول الله ﷺ من الليل عشر ركعات
- 958 ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى...
- 959 صلاة رسول الله ﷺ ثلاث عشرة ركعة
- 960 كان رسول الله ﷺ يصلي إحدى عشرة ركعة بالليل
- 961 سبع وتسع وإحدى عشرة سوى ركعتي الفجر
- 962 صلى النبي العشاء ثم صلى ثمان ركعات وركعتين جالسًا
- 963 صلاة رسول الله ﷺ ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر
- 964 كان رسول الله يُصلّي بالليل ثلاث عشرة ركعة
- 965 يُصلِّي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس
- 966 كان النبي ﷺ يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة
- 967 يُصَلِّي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة
- 968 كان رسول الله يصلي من الليل تسعا فلما أسن صلى...
- 969 صلاة رسول الله ﷺ ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين ثم أوتر
- 970 صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح
- 971 الركعتان قبل صلاة الغداة أأطيل فيهما القراءة
- 972 من صلى من الليل فليصل مثنى مثنى
- 973 صلاة النبي قاعدًا في السُّبحة قبل وفاته بعام
- 974 النَّبِيّ ﷺ لم يمت حتَّى صلى قاعدًا
- 975 لم يمت النبي ﷺ حتى كان كثير من صلاته جالسًا
- 976 كان رسول الله ﷺ لا يدع قيام الليل
- 977 أكثر صلاة النبي قاعدًا إلا المكتوبة
- 978 كان يُصَلِّي ليلًا طويلًا قائمًا وليلًا طويلًا قاعدًا
- 979 رسول الله يقرأ قاعدًا ثم يقوم لركوعه
- 980 من صلى قاعدًا فله نصف أجر القائم
- 981 صلاة الرجل قاعدا على نصف الصلاة
- 982 يُصَلِّي متربِّعًا
- 983 من نام عن حزبه فقرأه بين الفجر والظهر كتب له...
- 984 من نوى قيام الليل فغلبه النوم كتب له ما نوى.
- 985 من يغلبه النوم عن صلاة الليل كتب له أجرها
- 986 النَّبِيّ ﷺ اشتكى فلم يَقُم ليلةً أو ليلتين.
- 987 كان النبي ﷺ إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام...
- 988 سألت الله أن لا يهلك أمتي بسنة فأعطانيها
- 989 لا أعلم نبي الله قرأ القرآن كله في ليلة
- 990 إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد
- 991 إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم حتى يعلم ما يقرأ
- 992 إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن فليضطجع
- 993 أيكم يستطيع ما كان النبي ﷺ يستطيع
- 994 الدائم أحب العمل إلى رسول الله ﷺ
- 995 أي الأعمال أحب إلى الله؟ أدومها وإن قل
- 996 خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى...
- 997 أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل
- 998 خذوا من العمل ما تطيقون فالله لا يمل حتى تملوا
- 999 حلوا ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد
- 1000 صُم وأفطِر وقُم ونَمُ فإن لنفسك حقًا
- 1001 من اقتدي بي فهو مني ومن رغب عن سنتي فليس...
- 1002 يا عثمان إن لأهلك عليك حقا ولضيفك عليك حقا ولنفسك...
- 1003 إن من سنتي أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق
- 1004 إنه سينهاه ما تقول
- 1005 صلاة من يسرق لا تنفعه
- 1006 خمس صلوات كتبهن الله على العباد
معلومات عن حديث: يُصَلِّي متربِّعًا
📜 حديث: يُصَلِّي متربِّعًا
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: يُصَلِّي متربِّعًا
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: يُصَلِّي متربِّعًا
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: يُصَلِّي متربِّعًا
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








