أمر النبي ﷺ بصيام الأيام الغر

حديث: أمر النبي ﷺ بصيام الأيام الغر

عن أبي هريرة، قال: أتي أعرابي رسول الله ﷺ بأرنب قد شواها، ومعها صنابُها وأُدْمُها، فوضعها بين يديه، فأمسك رسول الله ﷺ فلم يأكل، وأمر أصحابه أن يأكلوا، فأمسك الأعرابي، فقال له رسول الله ﷺ: «ما يمنعك أن تأكل؟» قال: إني أصوم ثلاثة أيام من كلّ شهر. قال: «إن كنت صائمًا فصُم الأيام الغُرّ».

صحيح: رواه النسائي (٢٤٢١)، والإمام أحمد (٨٤٣٤)، وابن حبان (٣٦٥٠) كلّهم من حديث أبي عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن موسى بن طلحة، عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه:
الحديث:
عن أبي هريرة، قال: أتي أعرابي رسول الله ﷺ بأرنب قد شواها، ومعها صنابُها وأُدْمُها، فوضعها بين يديه، فأمسك رسول الله ﷺ فلم يأكل، وأمر أصحابه أن يأكلوا، فأمسك الأعرابي، فقال له رسول الله ﷺ: «ما يمنعك أن تأكل؟» قال: إني أصوم ثلاثة أيام من كلّ شهر. قال: «إن كنت صائمًا فصُم الأيام الغُرّ».

1. شرح المفردات:

● أعرابي: رجل من سكان البادية، معروف بصدقه وبساطته.
● أرنب: حيوان معروف، وهو من الصيد المباح.
● شواها: أي شواها على النار حتى نضجت.
● صنابها: هو الخل أو ما يُتبل به الطعام ليصبح حامض الطعم.
● أدمها: ما يؤكل مع الخبز من لحم أو غيره، وهنا المقصود به ما وضع مع الأرنب من طعام.
● فأمسك: امتنع عن الأكل.
● الأيام الغر: هي الأيام البيض، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر قمري، وسُميت غرًا لبياضها ونورها عندما يكتمل القمر.

2. شرح الحديث:

جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهدية، وهي أرنب مشوية مع ما يُؤكل معها من خل وغيره، فوضعها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم. إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم امتنع عن الأكل منها، وأمر أصحابه أن يأكلوا منها. فلما رأى الأعرابي أن النبي لم يأكل، امتنع هو أيضًا عن الأكل، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب امتناعه، فأخبره أنه صائم ثلاثة أيام من كل شهر. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إن كنت صائمًا فصم الأيام الغر"، أي الأيام البيض من كل شهر.
لماذا امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن الأكل؟
- قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشك في حِلّ هذه الأرنب، فقد يكون الأعرابي اصطادها دون أن يذكر اسم الله عليها، أو دون أن تكون مذكاة كما يجب، فامتنع النبي عن أكلها احتياطًا، ولكنه لم يمنع أصحابه؛ لأنه قد يكون هناك من يأكلها ممن لا يشترط التذكية، أو لأنه لم يتبين له تحريمها يقينًا.
- وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشعر بأن الأعرابي قد يكون قد اصطادها بطريقة غير مشروعة، فترك الأكل منها، ولكنه لم يمنع الصحابة؛ لعدم قيام الدليل القاطع على التحريم.
ثم لما امتنع الأعرابي عن الأكل، بين له النبي صلى الله عليه وسلم فضل صيام الأيام البيض:
- صيام ثلاثة أيام من كل شهر سنة مؤكدة، والأفضل أن تكون في الأيام البيض (13، 14، 15 من كل شهر قمري)؛ لأنها أيام مباركة، وثواب الصيام فيها عظيم.

3. الدروس المستفادة منه:

1- التثبت في أمر الطعام: ينبغي للمسلم أن يتأكد من حِلّ ما يأكل، خاصة إذا كان من الصيد.
2- احترام مشاعر الآخرين: النبي صلى الله عليه وسلم سأل الأعرابي عن سبب امتناعه عن الأكل، يظهر اهتمامه بمشاعره.
3- فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر: وهي سنة مؤكدة، والأفضل أن تكون في الأيام البيض.
4- التوجيه بلطف: النبي صلى الله عليه وسلم لم ينتقد الأعرابي لصيامه أيامًا أخرى، بل وجهه بلطف إلى الأفضل.
5- قبول هدايا غير المسلمين: الأعرابي قد يكون غير مسلم، ومع ذلك قبل النبي هديته، مما يدل على جواز قبول هدايا غير المسلمين إذا كانت طيبة.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- صيام ثلاثة أيام من كل شهر يعادل صيام الدهر كله، كما في الحديث: «صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله» (رواه البخاري ومسلم).
- الأيام البيض فيها فضل عظيم؛ لأن القمر يكون فيها بدرًا مكتملًا، وهي أيام مباركة.
- إذا صام المسلم في غير الأيام البيض، فصيامه صحيح، ولكن الأفضل والأكمل أن يصوم في الأيام البيض اقتداءً بنصيحة النبي صلى الله عليه وسلم.

أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي (٢٤٢١)، والإمام أحمد (٨٤٣٤)، وابن حبان (٣٦٥٠) كلّهم من حديث أبي عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن موسى بن طلحة، عن أبي هريرة، فذكره. واللفظ لأحمد.
وإسناده صحيح. ولا يضر الاختلاف علي موسي بن طلحة فإنه صحّ عنه هكذا وصحّ عنه كما يأتي.
وأما ما رُوي عنه مرسلًا، فلا يُعِل ما روي عنه موصولًا.
وقوله: «أيام الغُرّ»: هي الأيام البيض، والأيام شاملة الليل، وهي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كلّ شهر.
ويقال البيض: لأنّ القمر يكون كاملًا في هذه الليالي فليلها كنهارها.
وقوله: «صِنابها» هو الخردل المعمول بالزيت، هو صباغ يؤدم به.
وقوله: «وأُدْمها»: الأُدْم والإدام وهو ما يؤكل مع الخبز أي شيء كان.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 168 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أمر النبي ﷺ بصيام الأيام الغر

📜 حديث: أمر النبي ﷺ بصيام الأيام الغر

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أمر النبي ﷺ بصيام الأيام الغر

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أمر النبي ﷺ بصيام الأيام الغر

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أمر النبي ﷺ بصيام الأيام الغر

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية